الخميس: 16/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

جوله اخرى في متاهة الكورونا في فلسطين

نشر بتاريخ: 13/07/2020 ( آخر تحديث: 13/07/2020 الساعة: 19:29 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري




من غير الواضح ان كان هذا الهجوم الجديد والشرس لفيروس الكورونا في فلسطين هو موجه ثانيه ام انه امتداد للموجه الاولى التي ربما تباطأت بشراستها بعد ان تمت السيطره شبه كامله على هذا الوباء او بالاحرى الجائحه وبحكمة قياديه وذلك قياسا بما حصل في بقية دول العالم .
ما حدث في البدايات كان مدعاة فخر لكل الفلسطينيين وخصوصا المنتشرين في كل بقاع العالم ويحملون فلسطين في قلوبهم وعقولهم بحيث اصبحت فلسطين مثلا يحتذى به مقارنة مع دول عظمى فقدت السيطره على هذه الجائحه بعد ان اصبحت الوفيات بالالاف فاقت النصف مليون حالة وفاة واصابات بهذا الفيروس تعدت الاثني عشر مليون اصابة في العالم بحسب المعلن عنه فقط.
كحالم اعتقدت ان الفيروس اشفق على الشعب الفلسطيني لما يعانيه من وباء الاحتلال الا ان عودته هذه اثبتت انه لا يستثني شعبا حتى لو كان تحت الاحتلال.
فيروس كورونا وبالرغم من كل ما قيل بشانه من انه معروف النسب كونه ينتمي لعائله التاجي الفيروسيه الا ان ما حصل من هذا الفيروس شراسة وانتشارا جعل منظمة الصحه العالميه تقر مؤخرا من انه شيء جديد في علم الوبائيات وان العالم لم يرى شبيها له منذ الانفلونزا الاسبانيه التي فتكت بالملايين في حينه وذلك في سنة 1918.
بداية قيل ان هذا الفيروس لا ينتقل عن طريق الهواء وانما الرذاذ الذي وبحسب قانون الجاذبيه ينزل ليستقر ولبعض الوقت على الاسطح من هنا جاءت التوصيات بغسل اليدين بالماء والصابون كون غلاف الفيروس الخارجي دهني و كما الدهون في الصحون بعد الاكل لا يقضي عليها غير الصابون.
وبسبب ذلك زعم البعض في حينه ان الكمامه ليست ذو قيمه في الوقايه من هذا الفيروس وانما فائدتها لمنع خروج الفيروس من الشخص المصاب حتى لا ينقل العدوى لغيره .
الا ان ماطفى على السطح مؤخرا وباقرار المئات من العلماء بان الفيروس ينتقل عن طريق الهواء الامر الذي اضطر منظمة الصحه العالميه لتغيير توصياتها بهذا الخصوص وهو ما يجعل من الكمامه في الاماكن المغلقه مثل قاعات الافراح والجوامع الكنائس واماكنن التسوق تبقى وسيله اساسية جدا للحد من الانتشار والاصابه بالفيروس طبعا مع الالتزام ببقية وسائل الوقايه في التباعد الاجتماعي والعزل المنزلي للمصاب او المخالط وغسل اليدين بالصابون قبل ملامستها للوجه وتحديدا الانف والفم.
ما ذكرته قد لا يكون فيه جديد ولكن ما يجري في فلسطين وتحديدا في مدينة الخليل وهي عمود الاقتصاد الفلسطيني هو ما اضطرني للقيام بهذه الجوله وذلك لاحقا لمقاله كتبتها في البدايات حول اهمية العزل كواجب وطني حماية للاخرين واشدت في جكمة القياده في قراراتها التي حمت فلسطين واهلها من جرائم هذا الفيروس الفتاك في الوقت الذي انهارت فيه قلاع انظمه صحيه في دول عظمى .
طبعا الخوض في موضوع من المسؤول عن هذا التدهور المزعج في العلاقه ما بين شعب فلسطين والفيروس بحيث اصبحت الاصابات بالمئات و الموت بدأ يطل براسه من شباك كورونا على الفلسطينيين ،هذا الخوض هو مساهمة متواضعه كغيرها من اجل وقف هذا التدهور .
عندما تكون حياة المواطن الفسطيني معرضه للخطر فالكل يصبح مسؤول .
بلمحه سريعه نلاحظ ان التدهور بدأ مع موسم الاعراس في فلسطين وبالرغم من ان الفرح اصبح عمله نادره في الوطن بسبب جرائم الاحتلال الا ان الواجب يستدعي ان نوجه سهام لومنا اولا باتجاه العادات والتقاليد التي ارى انها اصبحت تقف على راس قائمة المسؤوليه فيما يحصل اذ لا يعقل ان نسمح بان ينقلب فرحنا بالعروسين الى عزاء بعد ايام بسبب انتقال الفيروس لاخرين حضروا الفرح التزاما بعرف التقاليد والعادات.
من ناحية اخرى نقر بان الحاله الاقتصاديه في فلسطين بالرغم من ترديها الا انها الان تمر في اسوأ مراحلها وذلك بسبب الاحتلال العنصري الذي كشر عن انيابه وكعادته قام بعملية ابتزاز غير انسانيه وغير اخلاقيه في مقايضة الفسطينيين بكرامتهم مقابل الافراج عن اموال المقاصة وبالتالي ما زال يحجر عليها ، ما ادى الى عدم قدره الحكومه على دفع مرتبات الموظفين التي تشكل دينامو السوق الفلسطيني الامر الذي حال دون الاستمرار بتقييد حركة المواطنين الذين اضطروا للخروج بحثا عن لقمة العيش ولكن يبدو انها تمت دون ضوابط خصوصا وان هناك الاف العمال القادمين من مناطق الاحتلال المبوءه دون ادراك بان كثير من المصابين لا تظهر عليهم اعراض المرض ولكنهم ينقلونه بصمت للمخالطين لهم .
الكورونا مرض فيروسي معدي جدا بعد ان اتضح انه ينتقل عن طريق الهواء كما اسلفنا وكما هو معروف فانه لا يوجد له علاج شافي لغاية الان كما لا يوجد له مصل واقي كغيره من الامراض الفيروسيه الاخرى وبالتالي فان الاصابه والعلاج تبقى مسؤولية الفرد نفسه اكثر من اي جهه اخرى وان العلاج المتوفر في اي مكان في العالم متوفر في فلسطين الا وهو الوقايه فقط ما يعني اهمية دور المواطن في الحد من انتشار المرض او الاصابه به.
طبعا التهويل وبغرض التهويل من خطورة المرض هي عادة ما تكون ضاره جدا كونها عامل اساسي في اضعاف جهاز المناعه لدى المصابين بسب الضغط العصبي الناتج عن ذلك لما له من تاثير سيء ليس فقط على جهاز المناعه ولكن على امراض اخرى ومنها امراض القلب وضغط الدم والسكر وهذه الامراض عادة ما تكون السبب في وفاة المصابين بالكورونا .
من هنا كان التحذير اكثر لكبار السن ومن يعانون من هذه الامراض من المخالطة بالمصابين بالكورونا او المشتبه بهم وذلك على عكس الاصحاء من فئة الشباب وذوي المناعه القويه الذين عادة ما يتغلبون على الفيروس دون ان تظهر عليهم اي من اعراضه الا انهم وللاسف يكونوا وسيلة نقل صامته لهذا الفيروس.
فلسطين شئنا ام ابينا كيان سياسي تحت الاحتلال وذو قدرات اقتصاديه محدوده جدا لا تمكنه كما الدول الاخرى من ضخ الملايين او المليارات لانقاذ السوق وتعويض الشركات والناس من جراء الحجر والعزل ووقف عجلة الانتاج وهو ما اضطر باعتقادي الحكومه كبديل للشروع بالتخفيف في البدايات من تلك الاجراءات من اجل ان تستمر الحياة ولو بحدود معقوله جدا وربما كان ذلك سببا اخر في ما نحن فيه.
ختاما نقول بان مهمة مقاومة هذا الوباء الفيروسي والى ان ينقشع تماما كما هي مهمة مقاومة الاحتلال ، مهمه مشتركة ما بين القياده والشعب حيث لا يمكن لاحدهما منفردا من الانتصار وبالتالي فان خروج الفيروس عن السيطره لا يعني تقصير طرف دون اخر ما يعني ان المسؤوليه الاخلاقيه التي تقع على كاهل العامل الفلسطيني في دولة الاحتلال لا تقل عن مسؤولية اي طبيب او وزير في فلسطين فالجميع على مركب واحد غرقه لا قدر الله او نجاته وهو ما نرجوه هي مسؤولية جماعيه.