الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

كيف سيغير التطبيع مع إسرائيل وجه الشرق الاوسط..؟

نشر بتاريخ: 19/09/2020 ( آخر تحديث: 19/09/2020 الساعة: 20:21 )

الكاتب: د. هاني العقاد

لم تصدق اسرائيل حتي اللحظة انها وقعت اتفاق تطبيع مع الامارات العربية المتحدة والبحرين يؤسس لسلام مقابل سلام ويؤسس لسلام شعوب وليس قادة كما يزعم نتنياهو وهو يعرف في قرارة نفسه ان السلام مع الشعوب لا يتحقق بهذه الطريقة وانما بانهاء الاحتلال الاسرائيلي للارض العربية وبمنح الشعوب المحتلة حقها في تقرير المصير لكنه يتناسي هذا الامر تماما ولا يريد ان يذكر احد ممن وقعوا الاتفاق ان هناك شعب اسمه شعب فلسطين محتل منذ اكثر منذ ستون عاما ومازال . لم تعتقد اسرائيل ان يلهث قادة الامارات والخليج وراء مؤخرتها ويتسابقوا بهذه الطريقة لعقد مزيد من الاتفاقات في كافة المجالات الامنية والعسكرية والسياحية والتجارية والمواصلات والعلوم والتبادل التكنولوجي ومنظومات التجسس والمراقبة وكثير من المجالات وكان الامارات ليس لديها مال لتشتري كل ذلك الا من اسرائيل وحدها وكأن اسرائيل وحدها هي التي تمتلك كل تلك الخبرات والتكنولوجيا بالعالم . الحقيقة انه لولا ترمب وصفقته المجنونة الداعية لسياسة الهيمنة علي دول الخليج والاملاءعليها مقابل الحماية لما نجحت واشنطن في الوصول الي تلك الاتفاقات ولما استطاعت ان تغير في توجهات دول الخليج العربي تجاه الوقوف مع الفلسطينين حتي يحققوا استقلالهم .

نتنياهو قال "انه يريد اسرائيل دولة قوية واقوي دولة في المنطقة لان القوة هي التي تاتي بالامن وقال ان "ترمب علمه ان القوة تخلق السلام " واعتقد ان بين مسافات هذه الكلمات تقع الكثير من الرسائل التي تعني ان اسرائيل تعلمت ان القوة في المنطقة تعني الهيمنة علي صناعة كل شيء والتاثير علي سياسة تلك الدولة وخاصة في المسالة الفلسطينية . المثير للامر في كل هذا المشهد ان عبد الله بن زايد اكد ان الجميع الان يشهد فعلاً سيغير الشرق الاوسط ويبعث الامل للعالم وقال ان "هذه المعاهدة ستمكن الامارات للوقف الي جانب الشب الفلسطيني واقامة دولته وسيكون العمل فقط من اجل السلام والاستقرار والتنمية " . هنا يبرز امامنا امرين مهمين الاول تغير وجه الشرق الاوسط والثاني الوقوف الي جانب الفلسطينين , هذا اخطر ما جاء علي لسان المطبعين ولا اعرف كيف ان الامارات من خلال هذا التطبيع ستغير وجه الشرق الاوسط وتنهي الصراع في ظل بقاء الاحتلال وكل موبقاته لهذا ادركت امريكا واسرائيل ان تغيير وجه الشرق الاوسط ليس سهلا دون تشكيل حلف تقوده الولايات المتحدة الامريكية وتتربع اسرائيل علي راسه لتغير العدو المركزي في المنطقة نحو ايران وايهام العرب ان امريكا واسرائيل فقط من سيحميهم من هذا العدو .

الخطير ان المطبعون يريدوا تغير وجه الشرق الاوسط دون ان تتغير اسرائيل كقوة احتلال في المنطقة, دون ان توقف تهويد القدس وضم الضفة الغربية وتطبيق صفقة ترمب المجنونة , واعتقد المطبعين ان وجه الشرق الاوسط سيتغير بتسير رحلات سياحية الي تل ابيب وفتح بلادهم لليهود الاسرائيلين والامريكان يبيعوا ويشتروا ويمارسوا ما يحلو لهم من ممارسات تحت ستار التطبيع , واعتقد المطبعين ان وجه الشرق الاوسط سيتغير بابرام عشرات الصفقات التجارية بل المئات بين اسرائيل والخليج العربي الذي سيصبح سوقا كبيرة لكافة البضائع الاسرائيلية بما فيها السلاح , اعتقد المطبعين انهم عندما ينشئوا خط للغاز بين السعودية واسرائيل يمر بايلات ومن ثم البحر المتوسط ليصل اوروبا كما يقترحون سيعود بالنفع اولاً علي دولة الكيان وتتقاسم ادارة ترمب حصة من عائدات هذا المشروع .

ستجني اسرائيل مئات مليارات الدولارات من وراء تطبيع العرب معها دون ان يجني العرب فلسا واحد وسيكتشف العرب بعد فوات الاوان ان اسرائيل وامريكا يبيعوهم السلاح مقابل النفط والغاز وبالتالي لن ييغير اتفاق التطبيع شيئا من عقيدة هذه الدولة المجرمة سوي انه سيزيد من عظمتها وقوتها وتسلحها وتفوقها العسكري تحت زعم تهديدات ايران المستمرة . لعل الحالة الوحيدة التي يمكن ان يتغير فيها وجه الشرق الاوسط وتصبح اسرائيل دولة مقبولة مع 32 دولة عربية اذا اقتنعت بانهاء الاحتلال الاسرائيلي وتطبيق قرارات الشرعية الدولية واعترفت بحق الفلسطينين في تاسيس دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس وبالطبع هذا لايمكن ان توافق عليه اسرائيل لان اسرائيل يستحيل من الان فصاعدا وبعد هذا التطبيع المجاني ان تقبل بمنح الفلسطينين ولو جزءاً من حقوقهم الشرعية . يحلم العرب ان وجه الشرق الاوسط سيتغير للافضل ,ويحلم العرب ان اسرائيل يمكن ان تبقي لهم كرامة او شرف او حتي ارض مستقلة او انسان عبثت اسرائيل بفكره وسممت معتقداته واصبح يناصر اليهود اكثر من اليهود انفسهم , يحلم بن زايد واخوانه ان اتفاق تطبيعهم سيستمر الي الابد اواكد ان هذا اتفاق مؤقت ستتخلي عنه اسرائيل عندما تري انه اصبح بلا جدوي ولا يعود عليها بشيء سوي استنزاف ثرواتهم وادعاء حمايتهم تحقيق الامن في منطقة الخليج . وسيعرفوا في وقت متأخر ان الفلسطينين الذين رفضوا صفقة ترمب نتنياهو هم وحدهم القادرين علي تغير وجه الشرق الاوسط عنما تتخلي واشنطن عن لعب دور الشريك في الاحتلال وهم وحدهم القادرين علي صنع السلام الحقيقي وليس تطبيعهم ومعاهداتهم وصفقاتهم عندما يحصلوا علي حقوقهم كاملة تعترف الشرعية الدولية واسرائيل وامريكا بهم كدولة مستقلة كاملة السيادة علي ارضهم وعاصمتها القدس العربية .

[email protected]