الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

من أجل النهوض بدور الإعلاميين والصحفيين العرب

نشر بتاريخ: 22/09/2020 ( آخر تحديث: 22/09/2020 الساعة: 14:04 )

الكاتب: د.ياسر عبيدالله

يقال: إنّ الصّحافة هي السّلطة الرّابعة، ويقال: إن ّسلاح الصّحافة أخطر من الدّبابات والطّائرات، ولكن في الوطن العربيّ لا أرى معنى لهذه المقولات، وعذرا إلى الفدائيّين من الإعلاميّين والصّحافيّين العرب، الذين هم قلّة بين كثرة ممّن يعيشون تحت عباءات الأنظمة والحكومات الاستبدادية، وترتبط مواقفهم وتصريحاتهم مع تلك التّصريحات الرّسيمة لدولتهم، رغم أنهم في الكواليس يعبرون عن قناعتهم برفض تلك السّياسات القمعيّة، إلّا أنّهم يفضلون الحفاظ على مصالحهم تحت عباءة تلك الأنظمة فتموت الحقيقة في غفوتهم هناك.

قضايا الأمّة العربية في تزايد والتّهديدات تشتدّ خطورة والأمن القوميّ العربيّ أصبح مُوجَّه ومُسيَّر من قوى خارجيّة تتحكّم في هذه الدّولة او تلك وقرارها، وللأسف فإن الإعلاميّين والصّحافيّين غالبا ما يتساوقون مع تلك القوى؛ لأنّ مصالحهم المادّيّة تتطلّب المهادنة والابتعاد عن قول الحقيقة المرة.

تعيش كلّ الدّول العربيّة أزمات: التّطبيع العربيّ مع الاحتلال، التّساوق مع صفقة القرن، تهديد سدّ النّهضة على مصر والسّودان والأمّة العربيّة، تدمير سوريا وإلحاق الخراب في لبنان، عدم استقرار في العراق، حرب أهليّة في ليبيا، محور سنيّ وآخر شيعيّ، انقسام فلسطينيّ وحصار وضغط، إخوان مسلمون وليبراليون غير مسلمين حسب اعتقاد الإخوان، قضايا كثيرة ترهق كاهل الشّعوب العربيّة، والأنظمة لا تقدر على عقد اّي قمّة عربيّة لتتّخذ قرارًا صريحا من جامعة الدّول العربيّة ينصف الحقوق والقضايا العربية العادلة، وأما الصّحافة فهي للأسف كما تلك الأنظمة وجه آخر لذات العملة، والمصرف المالي واحد لهما يتحكّم بالقرار والتّنمية والاستثمار والثّروات وحتّى العقول وطريقة التّفكير.

في ضوء هذا الحال، نحتاج إلى ثورة صحفيّة وإعلاميّة حقيقيّة من الإعلاميّين والصّحافيّين والكتّاب والنّشطاء على مواقع التّواصل الاجتماعيّ وكل المنابر المتاحة؛ لإيقاظ الشّعوب من غفوتها تجاه قضاياها الوطنية والقوميّة والأمميّة، فهم المؤهلون كمثقفين للقيام بالتوعية والتعبئة اللازمة للجماهير والتحذير من المخاطر والتهديدات الماثلة ومجابهتها بالوسائل المتاحة والممكنة، فلو بقي الوضع على هذه الحالة فحتما سوف نرى كُنُسًا يهوديّة في كلّ دولة، وسفارات وأبراج ومشاريع زراعيّة وتكنولوجيّة، تحمل جميعها الماركة الإسرائيليّة، فالمخطّط الصّهيونيّ لا يقف عند ضمّ أجزاء من الضّفّة أو تهويد القدس بل يصل إلى دجلة والفرات والنيل وعواصم الدّول العربيّة وأرجائها كافة، وإن لم يتحقّق النهوض المطلوب من الإعلاميين والصحفيين في الوطن العربيّ، فإن الخوف أن تأتي لحظة نقول فيها: عظّم الله أجركم في أوطانكم، انها لم تعد لكم وأنتم ضيوف عليها.

لا شك أن الكثير من الإعلاميين والصحفيين العرب وقادة الرأي العام على مواقع التواصل الاجتماعي لديهم الاستعداد للقيام بهذه المهمة النبيلة، لكن الغريب المؤسف أن تجد عددا من الإعلاميين والصحفيين يحجم عن الظهور الإعلامي لقول كلمة الحق والاسهام في هذا العمل، وذلك تحت دواعي وحجج كثيرة، مثل أن طبيعة العمل لا تسمح بذلك وأن هناك إجراءات تمنع الظهور في ندوات وغيرها من المبررات الواهية. ورغم ذلك لا زالت الفرصة قائمة أمام الإعلاميين والصحفيين العرب لأن يكونوا قوّة طليعة صاعدة في دعم قضايا الأمّة وتوحيد خطابها الإعلاميّ والصّحفيّ والأدبيّ والثّقافي في مواجهة التحديات والمؤامرات.

إن توحيد الخطاب الإعلاميّ الصّحفيّ، وتوظيف الصّحافة العربيّة في خدمة قضايا الأمّة العربيّة مطلب عربيّ يجمع عليه الكلّ العربيّ، الأمر الي يجعل تحقيقه ممكنا، ولكن ذلك يحتاج إلى اعلاميين وصحفيين غيورين يتقدمون الصفوف، كما يحتاج الى تمكين الشّباب الصّاعد في المجال الإعلاميّ والصّحفيّ من خلال استخدام وسائل الإعلام الجديدة وتوظيفها، وبهذا يمكننا أن نُحدث نقلةً نوعيّة في رفع مكانة السّلطة الراّبعة؛ الّتي أصبحت القوّة الأولى عالميّا، لنصرة القضايا العربيّة كافّة، والوقوف في وجه التّحدّيات والتّهديدات الّتي التي تواجه الأمن الوطني والقوميّ العربيّ.