الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

تركيا جسر عبور نحو انهاء الانقسام

نشر بتاريخ: 30/09/2020 ( آخر تحديث: 30/09/2020 الساعة: 18:29 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

في زمن التطبيع تسقط الاقنعه ويتلاشى الحياء من الوجوه وتنقلب المعايير بحيث تصبح الخيانة وجهة نظر وهو ما حذر منه راحلنا العظيم الشهيد ابو اياد وفيه ايضا يتقمص الظالم دور المخَلِص ويقول ما يشاء تبريرا لخيانة التطبيع وبعد ذلك يخرج علينا البعض التابع يغمز تارة ويتحفظ اخرى على القياده الفلسطينيه ويعتب عليها لقبولها بتركيا وسيطا للمساعده على اعادة بناء البيت الفلسطيني الذي ساهم هؤلاء كل بطريقته في احداث شروخ في اعمدة هذا البيت وكان ظاهرها في الانقسام بين جناحي الوطن الفلسطيني بهدف شق وحدانية التمثيل وبالتالي شل القدرات الفلسطينيه من اجل شطب قضية الشعب الفلسطيني برمتها ولا ادرى ان كان هذا الغمز ياتي بدافع التنفيس عن عقدة ذنب حلت بهؤلاء بسبب تخليهم عن فلسطين بحكم تبعيتهم المطلقة للسيد الصهيو اميركي حماية لعروشهم التي لا يهددها سوى شعوبهم.

الانقسام الفلسطيني طال امده ومضى عليه اكثر من ثلاث عشرة سنه كانت من أرذل سنين العمر الكفاحي الفلسطيني حيث قام الفلسطينيون خلالها بتصويب سهامهم الى صدور بعضهم البعض مثلجين باقتتالهم الداخلي صدر عدوهم الحقيقي وهو المحتل الصهيوني الذي يتربص بالكل الفلسطيني كما بكل العرب علما بان من شق الطريق لهذا الانقسام كان هو هذا المحتل العنصري باعادة تموضع قواته الاحتلالية سنة 2005 عندما خرج من الغرفة الغزيه ليحاصر كل البيت الغزي من البر والبحر والجو وهو ما يجعل الانقسام وجها قبيحا من وجوه الاحتلال.

السر في بقاء الكيان الصهيوني واستمراره ليس بسبب قدرته النوويه كونه سلاح اثبت فشله استراتيجيا وتحديدا ضد الفلسطينيين نظرا للتداخل الديمغرافي بين اليهود والفسطينيين اصحاب الارض والمزروعين فيها وهذا بالتالي يؤكد على ان اسرائيل تستمد قوتها من عوامل اخرى اهمها قدرتها الهائله بما لديها من امكانيات لزرع بذور الخلاف والفتنه بين كل الاغيار وتحديدا الفلسطينيين.

بث الخلافات بين الفلسطينيين وتشتيت شملهم كان وما زال هدف صهيوني استراتيجي لشل قدراتهم يقينا من دولة الاحتلال بان الفلسطينيين اقوياء بضعفهم وبارادة قوية لا تمتلكها امم وشعوب كبيره بدليل صمودهم الاسطوري الذي يزداد قوة بعد كل ضربة يتعرضون لها كما هو الحال في التصدي الفلسطيني لمخطط النتن ترمب الذي لم يسفر سوى عن سقوط الاقنعه عن وجوه المطبعين من اتباع هذا الثنائي من الزعماء العرب .

اسرائيل القوة القائمه بالاحتلال وبكل اسلحتها التقليديه وغير التقليديه وبمساندة اميركيه وعربيه فشلت في تحقيق غرضها في القضاء على قوات الثوره الفلسطينيه باجتياح مباشر للبنان سنة 1982 حيث كانت تتواجد معظم هذه القوات ان لم يكن جلها وهو ما حدى بها لتنفيذ مخطط التفرقه والتناحر بين قوات الثوره مستغلة كل ادواتها في المنطقة باشعال فتيل اقتتال فلسطيني داخلي بما عرف بحرب الانشقاق وحرب البداوي ونهر البارد في السنة التي تلت الاجتباح دون ان تظهر هي في صورة هذه الحرب.

اسرائيل تعي تماما ان من يقف في وجهها ووجه مخططاتها للسيطره على فلسطين وبقية المنطقة العربيه هم الفلسطينيون الذين تكمن قوتهم كما اسلفنا في الاراده التي يمتلكونها وهم موحدين وهو ما لا تمتلكه لا اسرائيل ولا غيرها والتي تعمد دولة الاحتلال بشتى الوسائل على تدميرها فكان الانقسام الذي مهدت له كما اسلفنا وموله اعوانها الذين سرعان ما كشفوا عن حقيقتهم بعد ان اعتقدوا ان القضية انتهت وفلسطين تم اختزالها في غزه.

الفلسطينيون وبالرغم من تعدد اتجاهاتهم السياسية وانتمائهم لايدولوجيات سياسية مختلفه حيث القومي العربي واليساري والشيوعي والاسلامي والوطني المستقل الا انهم ومن خلال منظمة التحرير الفلسطينيه سرعان ما حولوا هذه التعددية الى ارادة صلبة مكنتهم وخلال مدة زمنيه بسيطه من استعادة الهوية الحقيقية لقضية الشعب الفلسطيني من قضية لاجئين الى قضية سياسية حازت على تقدير العالم واعترافه بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره كحق غير قابل للتصرف وحقه في اقامة دولته على حدود تم الاعتراف بها ضمن الاعتراف بدولة فلسطين من قبل الجمعيه العموميه لمنظمة الامم المتحده سنة 2012.

ندرك انه لا يمكن ولو بمعجزه ان يجتمع الفلسطينيون جميعا ويتفقون على ايدولوجيه سياسيه واحده ولكن نعلم ان فلسطين تجمعهم اذ من غير المعقول ان من ترخص لها ارواح كل الفلسطينيين ان لا تكون قادره على ان تجمع ابنائها تحت سقف واحد الذي هو سقف منظمة التحرير الفلسطينيه التي ما زالت تحظى باعتراف العالم اجمع على انها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني .

المنظمة ليست هدف وانما هي وسيله لتحقيق الحلم ولكن في زمن الرده العربي يصبح امر التمسك بها هدف مرحلي وهو ما يستدعي تمتين بنيانها كهوية وطنيه للكل الفلسطيني وهذا ما يبرر الذهاب الى تركيا بالرغم من خلافاتها مع العديد من الدول التي تشكل امتداد طبيعي قومي وامني ووجودي لدولة فلسطين وهي العربيه الا ان ما يميز تركيا في علاقاتها مع العديد من دول العالم بما فيها اميركا واسرائيل هي الندية والمصالح المتبادله وذلك على عكس العديد من الدول العربيه التي تحكم علاقتها مع اميركا التبعيه الخالصة التي رفضتها فلسطين قيادة وشعب وفصائل من خلال الرفض لما اطلق عليه جزافا صفقة القرن. اضافة الى ان تركيا تتمتع بعلاقات جيدة مع كل الاطراف الفلسطينيه وذلك على عكس الدول العربيه التي تحابي طرفا على حساب طرف اخر وبتوظيف كامل من قبل السيد الاميركي الذي اعلن الحرب على كل مكونات الشعب الفلسطيني لرفضه التبعية كما الدول العربية الاخرى واخيرا تركيا وعلى عكس محور التطبيع من دول العرب اعلنت بانها لن توافق على ما لن يقبل به الفسطينينون.

ما سبق يدل على ان الفلسطينيين ذهبوا الى تركيا كجسرنجاة للعبور نحو انهاءالانقسام كممر اجباري لكنس الاحتلال وليس كونها محور جديد لان عروبة فلسطين لا تسمح لها بالتمحور مع غير العرب بالرغم من تخلي بعض زعماء العرب عن فلسطين وطعنهم لقضية شعبها في مقتل وهم ينتظرون الجنازه حتى يسيروا فيها .

ما اسفر عنه اجتماع فتح وحماس في تركيا كان مجرد اشعال شمعه في زمن الظلام العربي بالموافقة على اجراء الانتخابات تلبية لاستحقاق وطني طال انتظاره ونتمنى ان تكون الانتخابات ديمقراطيه ايضا ليس من اجل التجديد فقط للنظام السياسي الفلسطيني ولكن تنظيفه من كل ما علق بطرفي الانقسام فيه من شوائب فساد او عماله لغيرما هو فلسطيني وذلك من اجل ارساء دعائم الشراكة الوطنية المستدامة لتحكم فلسطين في زمني الحرب والسلم .