الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

لا وقت للانتظار

نشر بتاريخ: 24/10/2020 ( آخر تحديث: 24/10/2020 الساعة: 14:05 )

الكاتب: مصطفى ابراهيم

السودان من اللاءات الثلاثة لجامعة الدول العربية، الى اللهاث أللا متناهٍ خلف وهم وسراب نعم للمفاوضات نعم للسلام نعم للتطبيع، نعم للخنوع والخضوع والإذلال والإملاءات والشروط الأمريكية الإسرائيلية.

لا أدري، أيهما أشد ظلماً وعلى من نحزن، أن يحرم المواطن العربي من التعبير عن نفسه؟ أم أن يعيش بلا حياة؟ أم على الفلسطينيين الذين يحرمون من حريتهم وعجز نظامهم السياسي؟ وظلم الاحتلال وغياب العدالة؟ لم استطع اخفاء ألمي وحزني واحباطي من هذا التسارع من أنظمة الفساد وتبرئة نفسها من دمنا ومن فسادها ولهاثها خلف حماية نفسها للبقاء في السلطة وممارسة الاستبداد والقمع وسرقة موارد وأحلام مواطنيها الذين يدفعون بدمهم وارواحهم ثمن بقاء تلك الأنظمة التي تجثوا على صدورهم وتجريدهم من إنسانيتهم. وتستحضر تلك الشعارات التي كانت تردد في العقود الماضية ووصف تلك الانظمة الرجعية العربية و صنيعة الاستعمار وحليف الرأسمالية والتي أصبحت خشبية في وقتنا، ويبدو أننا أصبحنا حتى لا نملك من القوة استخدام الألفاظ البذيئة من السباب والشتم بحق تلك الأنظمة الفاسقة.

جاء تعليق رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو انتصارا له بعد أعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن إنهاء "العداء" بين إسرائيل والسودان قال: اليوم نعلن انفراجة دراماتيكية أخرى من أجل السلام، دولة عربية أخرى تنضم إلى دائرة السلام، وهذه المرة؛ تطبيع بين إسرائيل والسودان.

السؤال المهم كيف للفلسطينيين مواصلة النضال بدون يأس في ظل هذا الواقع والذي لا يجب أن ينفصل عن السياق الاستعماري وعلاقات القوة المعقدة التي يمتلكها وأدوات الضغط والابتزاز وانظمة عربية فاسدة تبحث عن مصالحها، ولا عن هدف التحرر من التبعية. وثمة خوف من طغيان اللهاث خلف التطبيع ونسج العلاقات مع إسرائيل وردو الفعل الأيديولوجيا والعاطفية على ذلك من دون تحقيق ما يصبوا إليه الفلسطينيين بتحديد مسار بوصلتهم، ومن أجل توظيف كل الطاقات الفلسطينية في سبيل التحرر.

أن الأداء السياسي الفلسطينيي، يعاني ركاكة بنيوية تحتاج إلى تفكير جريء من قِبَل القيادة والفصائل، وهو ما أشك في إمكانية حصوله في ظل المؤشرات القائمة على أرض الواقع، وبالنظر إلى طبيعة تركيبة الفصائل، وصراعات وعلاقات القوة والمصالح التي تحكمها داخليا ومحيطها العربي والإقليمي. وفي ظل تراجع البنى المجتمعية والثقافة السياسية الداخلية، وعدم استيعاب القيادة والفصائل للرؤى النقدية للحالة الفلسطينية.

إن الظرف الذاتي والموضوعي الّذي تعيشه القضية الفلسطينية وفقدانها عمقها العربي الرسمي ومحدودية التأثير بفعل تغول الأنظمة العربية والبحث عن تمكين نفسها، مع بقاء البعد العاطفي والذي يعزز بقاء القضية الفلسطينية في نفوس العرب، إلا أن الأوضاع الداخلية في الدول العربية والانقسام والنزاعات المسلحة، وكل ذلك يقلل من فرص قدرة الفلسطينيين على التواصل مع عمقهم العربي كما كان قبل عقود.

وهذا بحاجة الى تفكير متزن للبحث عن آليات وجسر الهوة والبدء بأنفسهم بنقد الذات وتقييم تجربتهم واستخلاص العبر وهنا يصبح العمل واجبا وطنيا وأولوية قصوى بفعل مادي مقاوم على أرض الواقع، لمواجهة أدوات المحو التي تستخدمها دولة الاستعمار الإحلالي القائم على التدمير والخراب. ومواجهة سعي اسرائيل إلى محو كينونة الفلسطينيين التاريخية وإقصائهم، وزعزعة صمودهم وبقائهم على أرضهم ومحاولات قطع صلاتهم مع عمقهم العربي.

ربما يكون ذلك كلام انشائي كتب الاف المرات، إلا أن الجحيم الذي نعيش فيه، يرسخ نفسه ويغرز أسنانه وتزداد شهيته لإحراق ما تبقى، لا وقت للانتظار وهذا يتطلب منا جميعا الاستمرار في الكتابة والصراخ والمطالبة بمواجهة حقيقية جدية لبناء المشروع الوطني الفلسطيني على أسس وطنية جمعية وإعادة الاعتبار للهوية والقيم الوطنية، وإعادة بناء منظمة التحرير على الأسس الوطنية التي قامت عليها وتطويرها، من خلال انتخابات شاملة، وتعبر عن نفسها كحركة تحرر وطني تناضل من أجل تقرير مصير الشعب الفلسطيني.