الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

واقعية القيادة..وغوغائية الفصائل

نشر بتاريخ: 21/11/2020 ( آخر تحديث: 21/11/2020 الساعة: 11:29 )

الكاتب: حميد قرمان

لم تفاجئني غوغائية ردود فعل الفصائل وشخصيات محسوبة على المعارضة.. على قرار القيادة الفلسطينية باستئناف العلاقات مع الاحتلال الاسرائيلي، بعد قرار التجميد الذي اُتخذ في شهر ايار..رداً على نية الاحتلال بضم الأغوار، وهو القرار الذي أضعف من القدرات المالية للسلطة الفلسطينية، مما اثر بشكل كبير على شرائح المجتمع الفلسطيني كافة، كون الاقتصاد الفلسطيني يعتمد على 40% من حركته الدوارة في السوق الفلسطيني على رواتب موظفي السلطة ومنظمة التحرير.

فمثلا حماس التي قبلت بتفاهمات مع الاحتلال -أقل بكثير من اتفاقية اوسلو- منها منع اطلاق الصواريخ، وعدم السماح لسكان القطاع بالتسلل لاسرائيل، وإعطاء معلومات استخباراتية حول دور بعض الفصائل في القطاع، مقابل (15) مليون دولار شهري فقط، كيف لها ان تعارض رسالة من جهة تنفيذية داخل الحكومة الاسرائيلية تعترف بالاتفاقيات الموقعة مع منظمة التحرير وتلتزم بها..من أجل استمرار وضعية الهدوء في الضفة، في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها العالم، خاصة في ظل جائحة كورونا..وتقلبات السياسة الدولية.

أما حركة الجهاد الاسلامي، التي تقف متفرجة دائما في القضايا اليومية التي تمس حياة المواطن الفلسطيني، فلا تقدم اي دعم الا لمن يتبعها في فكرها الشاذ في تمجيد المعسكر الايراني والانسلاخ عن واقعها العربي، وهو ما ينعكس ايضا على فصائل اليسار ذات الشعارات الحنجرية..التي لم تفكر بطلب دعم مالي للشعب الفلسطيني من الدول التي تدور في فلكها فكريا أو سياسيا، فكيف لها ان تعارض قرار القيادة الفلسطينية..وهي لم تقم بفعل نضالي عسكري واحد طوال فترة تجميد العلاقات مع الاحتلال..ووقف التنسيق؟

اما الشخصيات المعارضة، فالسواد الأعظم منهم يرتبط بمصالحه الخاصة مع الجهات التي تمول مؤسساته الفكرية أو المدنية أو طموحاته السياسية، ولعل "محمد دحلان" هو من كان أكثرهم سخرية في انتقاده لقرار القيادة، كونه احد أركان الفريق المفاوض سابقاً، قبل هروبه الى الامارات، ومساهمته في تطبيع العلاقات لبعض الدول العربية مع اسرائيل، فكيف لمن هم محكومين باجندات فكرية ومصالح خاصة تدر عليهم الاموال، ان يتلمسوا هموم المواطن الفلسطيني القابض على جمر الفقر والعوز..بسبب تردي الاوضاع الاقتصادية الناتجة عن عدم قبول اموال المقاصة منقوصة، وهو ما يسهم في نظري بشكل ما..بإفراغ الأرض الفلسطينية من سكانها، فكم شاب فلسطيني يفكر أو يحلم الآن بالهجرة هربا من الواقع الاقتصادي المرير، وهو يشاهد "مؤثر فيسبوكي أو توتيري" ينتقد القيادة وقرارها من برجه العاجي، متنقلا بين بلدان العالم، متباهيا ببذخ عيشه بعيدا عن منغصات الاحتلال.

اسباب تجميد العلاقة مع الاحتلال انتهت، وصفقة القرن انتهت، وسياسة الحرد التي اتبعتها القيادة سابقا انتهت..وواقعية القيادة الفلسطينية في التعامل مع الوضع القادم يجب ان تتسم بالمرونة السياسية الكاملة في التعاطي مع المعطيات الدولية الجديدة، خاصة بعد قدوم ادارة "ديمقراطية" للبيت الابيض، واستمرار مسلسل التطبيع العربي الاسرائيلي وتوسعه.