الأحد: 28/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الأسرى الفلسطينيون المحررون... لا ينتهي الأسر بالتحرر من السجن

نشر بتاريخ: 30/11/2020 ( آخر تحديث: 30/11/2020 الساعة: 10:46 )

الكاتب: عيسى قراقع

دراسات صادمة:
لماذا يستشهد الأسرى الفلسطينيون المحررون بعد الإفراج عنهم بفترات وجيزة أو يعانون من أمراض نفسية وجسمانية طوال حياتهم؟
للإجابة على هذه السؤال تم مراجعة مجموعة مراجع وأبحاث ودراسات وشهادات أسرى محررين قادت إلى نتائج صادمة، وتشير الى حجم الخطر المحدق بحياة ومستقبل الأسرى المحررين ومن أبرز هذه الدراسات والأبحاث:
* دراسة قامت بها وزارة الصحة الفلسطينية في الفترة الواقعة بين 2-11/5/2018 بعد إجراء فحوصات طبية لما يقارب 1042 أسيراً وأسيرة من المحررين، قامت بها لجنة طبية مختصة وتوصلت الى استنتاجات تفيد أن جميع الأسرى الذين خضعوا للفحص الطبي يعانون من أعراض نفسية متفاوتة بين العصبية والتوتر وعدم الرضى والإكتئاب وانفصام الشخصية، ومعاناة عدد آخر من اعراض الجهاز العصبي ومن الصرع.
وأشارت الدراسة الى أمراض جسمية متنوعة يعاني منها الأسرى المحررون كمشاكل السمع والنظر والمفاصل والانزلاقات الغضروفية وعدم القدرة على الانجاب، ويعاني قسم من الأسرى من أمراض القلب و اورام السرطان وامراض الجهاز التنفسي والربو والحساسية وضغط الدم والسكري ومن الاعاقات الحركية.
* دراسة قامت بها وزارة الشؤون الاجتماعية في السلطة الفلسطينية حول الأسرى المحررين ومشاكلهم عام 2007 من خلال مسح شامل للأسرى المحررين وعائلاتهم في ذلك الوقت والبالغ عددهم 5032 أسيراً محررا من بينهم 253 من الإناث، وقد خلصت الدراسة إلى أن 2235 أسيراً وأسيرة يعانون من أمراض مزمنة وأن 354 أسيراً مصاباً بإعاقة.
وكشفت الدراسة أن 347 أسيرا محررا هناك ارتباط بين واقعهم المرضي ووقوعهم في الأسر منهم 253 أسيراً خرجوا من المعتقل مصاباً بشلل نصفي أو كامل و57 أسيراً مبتوري أحد الأطراف، وهناك 79 أسيراً مصاباً بإعاقة في النظر و68 مصاباً بإعاقة في السمع و7 أسرى مصابين بالبكم و13 أسيراً مصابين بإعاقة عقلية.
وحسب الدراسة فإن 2288 أسيراً أشاروا أن الاعتقال كان السبب بصورة مباشرة وغير مباشرة بالحاق اضرار صحية في اجسامهم.
* دراسة أجراها الأخصائي محمد الزير في رسالة ماجستير للجامعة الأسلامية في غزة عام 2001، أفادت أن التعذيب بحق الأسرى ترك آثاراً لاحقة ومتأخرة على الوضع الصحي للمعتقلين، وأن نتائج الدراسة تفيد أن ثلاثة من كل أربعة أسرى يعانون من أمراض القلب ووخزات في عضلات القلب وصعوبة في التنفس، وأن هناك 7% من الناجين من التعذيب يشكون من أعراض في القناة الهضمية وآلام في المعدة وفقدان الوزن ومشاكل في التنفس والرئتين، وأكد الباحث أن الاعراض المزمنة التي بدأت تظهر على الأسرى المحررين لها علاقة بصورة دالة احصائيا بخبرة السجن والتعذيب.
* دراسة قامت بها الياحثة المختصة الدكتورة فردوس عبد ربه العيسى عام 2017 أجرتها على 15 أسيراً من المحررين تراوحت فترات اعتقالهم بين 3 - 15 سنة من بينهم 3 أسيرات واعتقلوا في الفترة الواقعة بين 1969- 2015، وقد كشفت الدراسة استخدام اسرائيل والمحققين نظريات علم النفس في السجون وأقبية التحقيق ضد الأسرى الفلسطينين، وان اطباء ومعالجين نفسيين ساهموا بشكل مباشر في صناعة أسس ونظم ومناهج التعذيب بحق الأسرى.
أوضحت الدراسة الأعراض النفسية التي ظهرت على الأسرى بعد الافراج عنهم حيث يعاني 13 أسيراً من أصل 15 من آثار نفسية وجسمية واجتماعية وجنسية بعيدة المدى ناتجة عن التعرض لاشكال متعددة من التعذيب، وأظهرت الدراسة أن الأسرى المحررين يعانون من مشاعر عميقة من الحزن والألم وانعدام الثقة وعدم الشعور بالأمن، بالاضافة الى الاثار الاجتماعية واضطراب العلاقة والروابط الاجتماعية ( التعذيب الاجتماعي)، اضافة الى الشعور بالعجز وعدم القدرة على الابداع.
وخلصت الدراسة ان آثار التعذيب الجسدي تقود لالم نفسي فهي تسبب في ايذاء النفس والجسد معاً مما يؤكد صعوبة فصل التعذيب الجسدي عن التعذيب النفسي.
* دراسة للطالبة منتهى موسى رضا عودة في رسالة ماجستير لجامعة النجاح الوطنية 2013، والتي توصلت الى نتائج تفيد بظهور اعراض نفسية وجسمية على الاسرى المحررين كالانطواء والشعور بخيبة الأمل من المحيط الاجتماعي ومشاعر التناقص العاطفي وصعوبة في الاندماج والتكيف، اضافة الى معاناة المحررين من امراض جسمية كأمراض الكلى والدم وسرطان الكبد وآلام العيون والأسنان والسكر والضغط وغيرها.
* دراسة قام بها الباحث عبد الرؤوف الطلاع عام 2000 حول الضغوط النفسية لدى الأسرى المحررين في رسالة ماجستير الى جامعة عين شمس في القاهرة توصلت الى نتائج تفيد بأن الأسرى المحررين يعانون من أمراض الجهاز الهيكلي بنسبة 25،57%، والسكري بنسبة 22،9%، وأمراض الجهاز الهضمي بنسبة 19،9%، وأمراض القلب بنسبة 19،52%، وأمراض الجهاز التنفسي بنسبة 17،66%، وأمراض جلدية بسبة 13،67%.
* دراسة أعدتها مؤسسة انقاذ الطفل عام 2012 افادت ان 95% من الأطفال المعتقلين تعرضوا للتعذيب والتنكيل والمعاملة المهينة خلال اعتقالهم والتحقيق معهم، وترك ذلك اثاراً صحية عليهم بعد الافراج، حيث يعاني الاطفال المحررون من اعراض الكوابيس واضطرابات في النوم والاكل والتبول اللاارادي ومن التوتر والعصبية وعدم الرغبة في العودة الى المدارس والانزواء والقلق.
* دراسة اجراها الباحث محمد محاجنة من جمعية الشبان المسيحية في القدس عام 2016 على 95 طفلاً محررا اعمارهم بين 11-18 سنة بينهم 6 اناث، واظهرت النتائج ان تجربة الاعتقال تمثل خبرة صادمة تترك اثارا نفسية وصحية عميقة على الاطفال، وكشفت الدراسة ان نسبة انتشار اعراض ضغط ما بعد الصدمة بلغت 49%، أعراض الاكتئاب بلغت 67،4% أعراض القلق 75،8%، أعراض جسدية 78،4%، وكانت اكثر الاعراض الجسدية الصداع والحساسية والارهاق العام بنسبة 93%، أعراض آلام الظهر والمعدة والذراعين والساقين بنسبة تتراوح بين 69-89%.
* دراسة اعدتها الأسيرتين خالدة جرار ولينا جربوني حول واقع الأسيرات في سجون الاحتلال 2015-2016، واشارت الدراسة الى تعرض الاسيرات لاشكال متنوعة من التعذيب والمعاملة المذلة تركت اثاراً بعيدة المدى على صحة الأسيرات الجسمية والنفسية، واوضحت الدراسة ان الاسيرات تعرضن منذ لحظة اعتقالهن الى انتهاك خصوصيتهن كالتفتيش العاري والتحرش الجنسي والايحاءات الجنسية خلال التحقيق والى التهديد والتعذيب الجسدي والمس بمشاعرهن وكرامتهن وممارسة الضغوط عليهن على يد المحققين.
حقائق قاتلة
من خلال نتائج الدراسات والأبحاث المذكورة تظهر أمامنا حقائق قاتلة ومفجعة أبرزها:
1- الأسرى المحررون هم ضحايا جرائم طبية متعمدة نفذت في السجون والمعتقلات الاسرائيلية بهدف تدمير الأسير جسديا ونفسيا وشل حياته ومستقبله بعد الافراج عنه جراء معاناته من أمراض عديده أصابته خلال وجوده في السجن، ومن خلال ذلك تدمير المجتمع الفلسطيني خاصة أن غالبية مجتمع المعتقلين هم من الفتية والشبان بنسبة تزيد عن 95%، تحويل الاسير من انسان منتج ومؤثر الى انسان عاجز وعبء على نفسه وعلى مجتمعة، ويصبح السجن بالمفهوم الاسرائيلي ليس مكاناً لقضاء العقوبة بقدر ما يصبح مكاناً لهدم كيان الانسان وتقويضه وتحويله الى انقاض انسان.
2- ينتهك الاحتلال الاسرائيلي كافة القوانين والاعراف الدولية والانسانية التي تلزم دولة الاحتلال تقديم العلاجات اللازمة والرعاية الصحية للاسرى المحتجزين وتوفير الحماية الصحية لهم من الامراض المختلفة، وأن عدم قيام سلطات الاحتلال بالتزاماتها القانونية والطبية أدى الى تهديد حياة الأسرى وتركهم فريسه للامراض المزمنة وعرضه للموت في السجون أو بعد تحررهم.
3- أطباء مصلحة السجون الاسرائيلية العامين والاختصاصيين النفسيين كانوا شركاء فاعلين في الاهمال الطبي وإساءة المعاملة للاسرى، وجزء من أداة القمع بحق الأسرى المرضى وذلك من خلال التقصير وعدم القيام بواجباتهم الطبية والمهنية والاخلاقية، أو من خلال صمتهم عن الاهمال الطبي والتعذيب، او من خلال مساهمتهم في هذا القمع والتسترعليه.
4- ان تصاعد سقوط شهداء داخل السجون بسبب الأمراض وارتفاع اعداد الحالات المرضية في صفوف الأسرى واستشهاد اعداد كبيرة من الأسرى المحررين بعد الافراج عنهم او استمرار معاناتهم من امراض صعبة تؤكد ما كشف عنه عام 1997 من قيام سلطات الاحتلال بإجراء تجارب طبية على الاسرى في السجون بعد ان صرحت رئيسة العلوم البرلمانية داليا ايتسك في ذلك الوقت أن وزارة الصحة الاسرائيلية أقرت بمنحها شركات الأدوية الخاصة بتصاريح لعمل تجارب على الاسرى وأجرت حتى تاريخه خمسة آلاف تجربة، كما صرحت رئيسة شعبة الأدوية في وزارة الصحة الاسرائيلية في ذلك الوقت ايمي لفنات ان هناك زيادة سنوية قدرها 15% في حجم التصريحات التي تمنحها وزارتها لاجراء المزيد من تجارب الأدوية على الفلسطينين والعرب في المعتقلات الاسرائيلية كل عام.
5- تفاقم الأمراض المميتة في أجسام المعتقلين واستمرارها معهم حتى بعد الافراج يشير الى سياسة رسمية متعمدة ومشرعة قانونياً من قبل حكومة الاحتلال، وقد أصبحت الجرائم الطبية ومخالفة القانون الدولي تجري تحت غطاء القوانين العنصرية في اسرائيل، لقد شرع الكنيست الاسرائيلي مجموعة من القوانين التي تنتهك الحقوق الصحية للاسرى وتسبب لهم الأضرار على المدى البعيد كقانون عدم تمويل العلاج للجرحى والاسرى، قانون التغذية القسرية بحق الاسرى المضربين، قانون اعفاء المخابرات من توثيق التعذيب وغيرها.
6- وجود ارتباط قوي بين استشهاد اسرى محررين او معاناتهم من امراض عديدة وبين تعرضهم لاشكال متعددة من التعذيب الجسدي والنفسي والمعاملة المهينة داخل السجون، وكذلك وجود علاقة قوية بين انتشار الامراض في اجساد المحررين وسياسة الاهمال الطبي والظروف غير الانسانية والاجتماعية التي يعيشها الاسرى في داخل السجون، حيث اصبحت هذه السجون دفيئة وحاضنة للفيروسات والأمراض المحمولة في أجسام المحررين.
رائحة الموت:
أعداد كبيرة من الأسرى المحررين استشهدوا بعد الافراج عنهم بمدة قصيرة نذكر منهم:
1- الأسير المحرر الشهيد وليد شعث سكان قطاع غزة، استشهد اثر تعرضة لجلطة يوم 24/7/2011 بعد الافراج عنه بسبعة شهور فقط وكان قد قضى 18 عاما داخل سجون الاحتلال.
2- الاسير المحرر الشهيد سيطان الولي سكان مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، توفي يوم 24/4/2011 بعد صراع مع مرض السرطان اصابة خلال فترة اسره التي امتدت 22 عاماً وافرج عنه عام 2008.
3- الأسير المحرر الشهيد زهير لبادة سكان نابلس، استشهد يوم 31/5/2012 بعد اسبوع واحد من الافراج عنه وكان يعاني خلال وجوده في السجن من مشاكل في الكبد والكلى.
4- الأسير المحرر الشهيد زكريا عيسى سكان بيت لحم، استشهد يوم 2/1/2012 بعد معاناه طويلة مع مرض السرطان الذي اصيب به داخل السجن وقد أفرج عنه يوم 22/8/2011 وكان محكوما لمدة 16 عاماً قضى منها 9 سنوات.
5- الأسير المحرر الشهيد نعيم شوامرة سكان دورا قضاء الخليل استشهد يوم 16/1/2016 بعد صراع مع مرض ضمور العضلات الذي أصابه داخل السجن وكان محكوماً بالسجن المؤبد وأفرج عنه عام 2013 بعد قضائه 19 عاماً في الأسر خلال الصفقة التي عقدها الرئيس ابو مازن بالافراج عن الاسرى المعتقلين قبل اتفاقية اوسلو.
6- الاسير المحرر الشهيد اشرف ابو ذريع سكان دورا قضاء الخليل استشهد يوم 21/10/2013 بعد معاناته من شلل نصفي وضمور بالعضلات وكان قد قضى 6 سنوات ونصف في السجون الاسرائيلية وافرج عنه يوم 15/11/2012.
7- الأسير المحرر الشهيد جعفر عوض سكان بيت أمر قضاء الخليل استشهد يوم 10/4/2015 وكان يعاني من عدة أمراض داخل السجن منها التهاب رئوي حاد ومشاكل في التنفس وضعف في عضلة القلب وكان قد اعتقل في بداية تشرين الثاني 2013 وافرج عنه في كانون الاول 2015.
ويذكر أن العديد من الأسرى المحررين خرجوا من سجون الاحتلال مصابين باعاقات وعاهات مرضية مستدامة كالطفل الأسير حسان التميمي من رام الله الذي فقد النظر، الأسير المحرر نادر العفوري من نابلس الذي اصيب بالاعاقة بسبب تعرضه للتعذيب، الاسير المحرر جلال شراونة سكان دورا الخليل الذي اصيب باعاقة بسبب بتر قدمه داخل السجن، الاسير المحرر محمد التاج سكان رام الله الذي اصيب بتليف في الرئتين واجرى عملية زراعة رئتين وقلب بعد الافراج، الاسير المحرر فادي ابو عطية سكان رام الله الذي اصيب باضرار نفسية بسبب قمع الاسرى المضربين عن الطعام في نيسان 2017 وغيرهم.
ذاكرة الألم:
الأسرى المحررون خرجوا من سجون الاحتلال ولازالت رائحة السجن في لغتهم، ذاكرتهم مليئة بمشاهد موت زملائهم وصرخات وأوجاع الأسرى المشلولين والجرحى والمصابين بأمراض خطيرة، ذاكرتهم مجروحة وموجوعة لا تنسى ولا تمحوها الأيام وكما قال الاسير أسامة الأشقر من منا لا يعاني من كسر في انفه او فكه او جمجمته او اسنانه، عندما نتذكر مداهمة غرف السجن بمئات السجانين والجنود المدججين بالهراوات والتروس ومدافع الغاز.
ذاكرة الأسرى لا تنسى سيارة البوسطة الحديدية المصفحة ذات الروائح الكريهه والمنهكة التي تنقلهم من سجن الى اخر او الى المستشفى، ذاكرتهم لا تنسى زنازين العزل الانفرادي الضيقة وقضاء سنوات طويلة في الرطوبة بلا شمس ولا صوت ولا هواء، ذاكرتهم لا تنسى صراخ الاسيرات اللواتي انجبن اطفالهن داخل السجون وهن مقيدات على اسرة المستشفيات، ذاكرتهم لا تنسى اجهزة التشويش الاشعاعية المسرطنة التي تم تركيبها في السجون وزجهم في غرف مكتظة ومزدحمة، ذاكرتهم لا تنسى دهشة الأطفال القاصرين الذين انتزعوا من أحضان ذويهم في منتصف الليل تحت الضرب والرعب وصوت البنادق والفزع، ذاكرة ألم في الروح والجسد لا تنتهي بمجرد التحرر من السجن.

السلطة الوطنية الفلسطينية وضحايا السجون:
عند قيام السلطة الوطنية الفلسطينية على أثر اتفاقيات أوسلو عام 1994 أنيطت على عاتقها ادارة المسؤولية عن الشعب الفلسطيني الذي يقع ضمن ولايتها وفق خريطة الاتفاق، وقد استلمت السلطة مجتمعاً فلسطينيا منكوباً نتيجة إرث طويل من الممارسات القمعية التي قام بها الاحتلال الاسرائيلي وتدميره المنهجي لبنيته الاجتماعية والاقتصادية والجغرافية.
وجدت السلطة الفلسطينية أمامها آلاف الضحايا من الأسرى الذين تكبدوا معاناة السجون، ووفق مسؤولياتها أنشأت وزارة شؤون الأسرى والمحررين لمتابعة أوضاعهم وترميم جزء من الخراب الانساني والاجتماعي والنفسي الذي أصاب الأسرى والأسيرات وعائلاتهم نتيجة الإعتقال، وقد أدرك المشرع الفلسطيني ضرورة توفير العناية والرعاية للمتضررين من جراء الاعتداءات الاسرائيلية، وهذا ما اكده القانون الاساسي الفلسطيني الذي نص على رعاية أسر الشهداء والأسرى ورعاية الجرحى والمتضررين واجب ينظم القانون أحكامه ويكون بذلك تعويض وجبر للضرر.
لقد قامت السلطة الفلسطينية من منطلق التزامها الادبي والاجتماعي والوطني بمساعدة المتضررين من الأعمال الارهابية والعدائية الاسرائيلية بالقدر التي تسمح به ميزانيتها العامة، وان تعويضها هو نوع من انواع المساعدة الانسانية والاجتماعية ولهذا انشأت هيئات وشرعت قوانين تقضي بتعويض المتضررين من أسرى وشهداء وجرحى ومبعدين ومعاقين، وقد فعلت ذلك بموجب مسؤولياتها القانونية واحساسها الاجتماعي ووفق قواعد القانون الدولي التي تنص على أن لكل دولة الحق في حماية رعاياها عندما يصابون بأضرار نتيجة لما ترتكب دولة أخرى من أعمال تخالف القانون الدولي.

المطالبة بتعويضات عن الأضرار:
إن ما أصاب الأسرى وعائلاتهم من أضرار نفسية وصحية وجسدية واجتماعية يقتضي التحرك ومطالبة اسرائيل كسلطة محتله بالتعويض عن الاضرار التي لحقت بهم، وأن قيام السلطة الفلسطينية بتعويض الضرر وفق امكانياتها ليس بديلاً عن التوجه الى التحكيم والقضاء الدولي والى المحكمة الجنائية الدولية ورفع المطالبات الى المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان، حيث تتهرب اسرائيل من مسؤولياتها القانونية من دفع تعويضات لضحايا اعمالها الاجرامية وما زالت تمارس ارهاب الدولة بحق الشعب الفلسطيني وتقوم بملاحقة الاسرى وتعتدي على حقوقهم الاجتماعية من خلال قرصنة أموال السلطة الفلسطينية وتهديد البنوك وممارسة الابتزاز المالي من خلال اصدار احكام جائرة في محاكمها العسكرية بدفع غرامات وتعويضات مالية كبيرة بحق الأسرى وهي بذلك تتدخل في مسؤوليات السلطة الفلسطينية عن رعاية ابنائها ضحايا الاحتلال وتنفذ مشروعا خطيراً يستهدف تجريم نضال الشعب الفلسطيني ونزع مشروعيته وتتهرب من مسؤولياتها القانونية عن دفع تعويضات عن الأضرار الجسيمة التي الحقتها بحق ابناء الشعب الفلسطيني.
أصبح من الأهمية أن تقوم السلطة الوطنية الفلسطينية بوضع بند التعويضات على أجندة أية مفاوضات مستقبلية والعمل على تحريك واثارة هذا الموضوع على كافة المستويات والمنابر الدولية.