السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

احاديث على ارصفة القهر ...

نشر بتاريخ: 02/12/2020 ( آخر تحديث: 02/12/2020 الساعة: 09:51 )

الكاتب: يونس العموري

يا جمهور الصمت الصادق ، ويا زنادقة الفجر ، هل أتاكم حديث عاشقة بنفسجية لا تبيع مواويلها للغزاة ..؟ تلك التي كانت تسمى بنت الجبل وسيدته، أميرة الليل وعروس الشمس، مهد العشق وخباياه كاتمة أسرار المعمورة، سيدة البعث الأول لرسالة الإيمان بالإنسان، المنسجمة مع كينونتها بالبحر وأمواجه، وتلال شاهقة لا تخشى عنان السماء، مليكة اللحظة وصانعة المجد الإنساني...

هل أتاكم ضجيج صراخ آناتها للحظة الاغتصاب برمل الصحراء المكفهرة.. ؟ ممزقة كانت من وجع اللحظة، جاءت تبغي نصرتها وللشد على أزرها فما كان إلا الاعتداء الموجع ، وظلم ذوي القربى أشد مرارة وأكثر إيلاما...

هل أتاكم الحديث الجغرافي الجديد للمعنى المتربص للتاريخ..؟ فللجغرافيا مكان آخر أيها السادة برمل الصحراء، واللوحات الممهورة بتوقيع سادة الصدفة زمن آخر أيها القادمون إلى منصات التتويج بشكل هامشي وعابر، والمرارة قد تصبح سيدة للموقف عندما وقفنا مندهشين للمعنى المسخ المشوه الذي اعتدى على تراتيل المؤمنين القابعين تحت شجر الصنوبر، وزهر اللوز يزهو بألوانه منذ الآلاف القرون، والحجر الكنعاني الرابض بالمكان هناك على تلال الكرمل ما زال يتربص الفرصة لينطق بعروبته وبلغة الضاد ، التي ما انفكت أن صرخت باسم ثكالى الجليل ورجال كان أن عادوا عند أول الصبح ببطن تلال الكرمل، والمرج والسهل لا يقبل إلا القمح زرعا.

هناك حيث التلاعب بالمصائر، كانت الجريمة شاهدة على الذبح الأخير للشاة المقاومة لحد السيف الملتمع بقيظ البيداء، هناك حيث صارت وجهة النظر معبر عنها بكل أشكال وقاحة الكلام و جزء من لعبة المساومة وفنون التجارة الرائجة بمصائر العباد والبلاد. وأعلن الليل عن حلكة سواده اكثر، والكل متدحرج مستسلما لوقائع الخطوط المرتسمة بثنايا عباءة المنقلب على موروث التاريخ ومنطقه، السارق للحظة التاريخية لفعل الشعب وجماهير الغضب المنتحل لصفة الحاكم عبر الضجيج الكلامي من خلال الأثير. فيا سيد الخصم والفتن أنت واحد ممن يستهوي لعبة التمزيق والتفتيت والتقسيم والتشتيت وشرذمة المتشرذم والاستبعاد وأبعاد المختلف والمتناقض وأطروحات فهمك ومنطقك للأمور، ويبقى للموقف سيده بصرف النظر عن السادة الفعليين للموقف المعبر عن الذات الجماعية الجمعية لجموع الغضب المكتنز بأفئدة القابعين المنتظرين للحظة الزحف نحو قبلة البيت العتيق.

إن حاكميتك الرابضة هناك عند اطراف الكثبان الرملية بالخليج المختلف على تسميته عربيا كان ام فارسيا وللغة اهدف اخرى غير تلك الواضحة ، صارت للمساومة وللبيع الرخيص في أسواق النخاسة. نرفض تجارتك وعبثك ومحاولتك اليائسة لأن تصبح سيد السادة. قد تكون سيدهم لكن حتما لا تصلح لأن تكون أميرا في كتابة التاريخ.

سيقولون لم نأت بالجديد، وسيقولون هو الواقع وللواقع قوانين، وربما يقولون أنتم من رسمتم خريطتكم، ولن نكون أكثر منكم حرصا، ولن نكون الكاثوليك أكثر من قداسة البابا، والبابا لديكم كان أن منح صكوك الغفران. سيقولون ويقولون، ولنا أن نقول أيضا أن رجالنا كانوا قد قالوا وما زالوا يقولون. الأطفال رافضين لكل منطق تغيير الأسماء والعبث بكنى عائلاتهم، والحائرات المنتظرات لصهيل الخيل لن ييأسن من الانتظار، وإن شابت خصلات شعورهن، وستبقى النار بالخيمة موقدة للفرسان القادمين.

ستقولون قد فات أوان الغضب ولن يغضبوا، وهل للغضب من مكان في ظل افتعال الهدوء والتهدئة والكل يغني على ليله؟ وهل من معنى للحكمة والتعقل حينما يصبح الجنون جزءا من الممارسة الفعلية لمن يظن ذاته متحكما بشطب الخطوط وتسمية الأشياء بغير مسمياتها؟ وهل من مكان للأمراء في الصف المدرسي ليتعملوا الجغرافيا؟ يا جمهور الصمت الصادق ، قف على ناصية الزقاق العتيق واعلن عن ذاتك حيث المشهد يبدو اكثر وضوحا، والعرين قد أضحى بيتا للثعابين، واقذف حقيقة حلمك بوجه العابثين بمصيرك. والطريق الى البيت قد اصبح البعيد، ونداء البعيد للبعيد صراخا عبثيا في ظل التيه، والشعار الأكبر يتصدر المشهد بالطريق الى التحرير ويمر عبر الالتزام بالعهود والمواثيق ... المجحفة وغير المقبول ببلاد اللبن والعسل والعبيد يرفضون وقائع اللحظة، والإصرار بأن طريق التحرير يكون من خلال الناسق والمنسق والتنسيق ، وكنا ان نقشنا شعاراتنا وابدعنا في التعبير عنها بما يتناسب والمعادلات الحاكمة بالمراحل العابرة وتلك اللحظات العصية العاصية ، والفهم احيانا يستعصي على الأطروحة ، وفي ظل الاستكانة والمهانة تطل الهرطقة باشكالها الصارخة الفاقعة اللون بالكلام الأجوف بما يخدم المصالح وتقاطعها وهي الظاهرة التي اضحت صناعة محترفة لذوي الكلام من على منصات التجويف والتسطيح الكلامي ، وظهرت وتمظهرت الشعارات التي ليس لها علاقة بأي منطق او قانون يحكم وقائع الواقع الراهن…

ويضل الثابت هو المتغير في عوالم الكثبان الرملية المتحركة. وواحة الغلمان قد أضحوا الكبار في لعبة الشد والجذب ما بين قياصرة روما الجدد .

فحينما يصبح التطاول على الصارخ بوجه العتمة من غلمان يقبعون بصحاري التيه علنا واعتياديا ، اذن نحن امام لحظة انقلابات كبرى، ترمي بثقلها هنا في ظل سياسات الارضاء والتراضي لسيد الخيار والاختيار والقرار.

وهي الحقيقة المناهضة للغلمان الحاكمة للمنطقة في العصر الحاضر . وبالأرض السمراء نحاول الإفلات من استعبادنا وإرغام ارادتنا للإستكانة والعبث بمصائرنا لكن دون جدوى، فالرسميات هنا وبطرفي جغرافيا الوطن المسلوب المُنقسم تتسابق في مبايعة غلمان النفط والغاز وصحاري التيه.

وهم من يقررون مصيرك ومن يعرفون مستقبلك وهم من يخططون للعبث باشياءك وانت المُطيع المواطن الصالح المستكين وان خرجت الى الميادين صارخا محتجا فحتما ستكون المتمرد العابث والمخرب.

فيا ايها العابث بالمصير ويا سيد الخيار والاختيار ولو الى حين هل لك ان تستكين وتستمع لقصة الجمال الغاضبة مرة اخرى ... ....( .... يحكى إن غضبت الجمال يوما على صاحبها فتوقفت أمام الصيوان الفسيح وطالبت صاحبها بالخروج لمقابلتها. وما أن خرج الرجل حتى تقدم أكبر الجمال عمرا وقال ما قال بحضرته خاتما جوالات كلامه بإجابة بليغة، وقال منشدا إنني أكبر بعير لديك وأكثرهم خدمة عندك وقد طلبت مني الجمال أن أتحدث باسمهم إليك. فالكل اليوم غاضب منك وعليك. لقد خدمناك في بداية عهدك وخدمناك حين لم تمتلك شيئاً وأخلصنا إليك في البرد والحر وحملنا لك الأحمال في البراري وفي المدن والقرى والبوادي ورمال الصحارى، ولم يصدر عنا أي تذمر ولم تنبس شفاهنا بشكوى فرافقناك رحلة العمر وأكلنا المر والحلو، ولا نذكر أننا في يوم من الأيام طلبنا أي مطلب أو سألناك سؤال. وإننا للمرة الأولى في حياتنا نغضب والجمال كما تعلم غضبها شديد...

واستغرب صاحب الجمال ما يسمع وقاطع البعير قائلا: ما سر غضبكم فإنني أطعمتكم خير الزاد وأسقيتكم أعذب المياه، وبنيت لكم ما يقيكم وهج الشمس وقيظها وبرد الشتاء وزمهريره،فأجابه البعير: والله يا سيدي إنك صادق فيما تقول فإن بطوننا ممتلئة وراحتنا متوفرة وعيشنا يسير. ولكن يعز علينا أن تربط عشرين جملا بذيل حمار.... ) ....