الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

أثر تأجيل الانتخابات التشريعية على مصير من استقالوا من وظائفهم

نشر بتاريخ: 24/04/2021 ( آخر تحديث: 24/04/2021 الساعة: 17:22 )

بقلم المحامي: ايهاب خلايلة /استاذ القانون العام في جامعة فلسطين الأهلية .

لا شك بأن الشعب الفلسطيني قاطبة, قد أنتظر طويلا اجراء الانتخابات التشريعية التي باتت مطلبا شعبيا وجماهيريا لكل مواطن فلسطيني في ظل التردي القانوني والدستوري الملحوظ بشكل كبير نتيجة الانحراف التشريعي للسلطة التنفيذية , وحيث أنه لا يمكن أن تُجرى إلا بعد اصدار الرئيس مرسوما رئاسيا يعلن بموجبه عن الدعوةلاجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية ومواعيدها ,وهذا يعتبر حدث قانوني هام قد يصار الى بناء الدولة القانونية التي يحكمها مبدأ سيادة القانون,وهذه الصلاحية أسندت للرئيس بموجب القرار بقانون رقم 1 لسنه 2021 المعدل للقرار بقانون رقم 1 لسنه 2007 بشأن الانتخابات العامة ,حيث قضت نص المادة 6 منه :"يصدر رئيس دولة فلسطين، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني مرسوما رئاسيا خلال مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر قبل تاريخ انتهاءً مدة ولايته أو ولاية المجلس التشريعي، يدعو فيه لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية أو أي منهما في دولة فلسطين، ويحدد فيه موعد الاقتراع، وينشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية، ويعلن عنه في الصحف المحلية".

وفي ذات السياق أعلاه ,منح القرار بقانون رقم 1 لسنه 2021 الرئيس فقط مهمة الإعلان عن الدعوة لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية ,وتحديد مواعيد الاقتراع بشكل واضح وصريح بذات المرسوم , ولم يتطرق المشرع الفلسطيني لأمر تأجيل الانتخابات بعد تحديد موعد الاقتراع سواء في قوانين الانتخابات الصادرة قبل القرار بقانون اعلاه و أو القراربقانون ذاته ولم يتم معالجة هذا الامر بتاتا .

تضمن القرار بالقانون سالف الذكر شرطا قاسيا وجافا ومفصليا يتمثل في تقديم الاستقالة و قبولها وهذا القيد اقتصر على ثلة من الاشخاص نص عليهم في طيات القرار بالقانون انف الذكرعلى سبيل الحصر لا المثال حتى يتسنى لهم ممارسة حقهم السياسي بالترشح للانتخابات التشريعية الذي صانه وحفظه القانون الاساسي الفلسطيني لكل مواطن فلسطيني يجد في نفسه الكفاءة والقدرة لهذه المسؤولية الكبيرة ,واعتمد هذا القيد بناء على السند القانوني الذي قضت به المادة 6 من القرار بقانون السابق : لا يجوز للفئات التالي ذكرها ترشيح أنفسهم لمنصب الرئيس أو لعضوية المجلس، إلا إذا قدموا استقالاتهم من مناصبهم، وإرفاق ما يفيد قبولها بطلب الترشح، دون الإجحاف بحق من لم يحالفه الحظ منهم، في أن يتقدم بطلب توظيف في حال وجود وجود أي شاغر في دوائر وهيئات أو مؤسسات دولة فلسطين التي استقالوا منها، وأن تخضع إعادة توظيفهم لشروط المسابقة والاختيار، أسوة لأحكام قانون الخدمة المدنية أو قانون الخدمة في قوى الأمن الفلسطينية أو أنظمة التعيين في الهيئات والمؤسسات العامة النافذة وهم: أ.الوزراء.

ب موظفو السلطة الوطنية الفلسطينية المدنيون والأمنيون و/أو الذين يتقاضون راتباً أو مخصصاً شهرياً من خزينة السلطة، أو الصناديق العامة التابعة لها، أو الخاضعة لإشرافها

ج. موظفو المؤسسات العامة والهيئات الدولية ومجالس الهيئات المحلية.

د. مديرو ورؤساء وموظفو المنظمات الأهلية وحيث أن المادة 2 من القرار بقانون رقم 1 لسنه 2007 بشأن الانتخابات العامة نصت على أنه :"لا يجوز لرؤساء وأعضاء مجالس الهيئات المحلية، وأعضاء ورؤساء المجالس المنتخبين في المؤسسات والهيئات الأخرى ترشيح أنفسهم إلا إذا استقالوا من مناصبهم، ولا يجوز لأي منهم العودة إلى منصبه إلا إذا أعيد انتخابه بعد انتهاء الفترة التي كان قد استقال خلالها، وفقاً لأحكام قانون أو نظام الانتخاب الخاص بتلك المجالس أو الهيئات."

وجدير بالذكر أنه بمجرد تقديم طلب مكتوب وصريح من قبل الأشخاص المذكورين سابقا يتضمن رغبتهم الواعية والمدركة بشكل طوعي عن تركهم للعمل ,وقبول الجهات المختصة ذلك يعني انهاء الصلة القانونية والرابطة الوظيفية بين الموظف المستقيل والجهة التي يعمل لديها بشكل نهائي ,أي يغدو الموظف والحالة السابقة أنه ليس موظفا فعليا ولا يمت لعمله بأي صلة كانت , وحيث أن التنظيم القانوني لاستقالة الموظف العام هو قانون الخدمة المدنية الفلسطيني رقم 4 لسنه 1998 لا سيما بنص المادة 96 منه :

أ-"للموظف أن يقدم استقالته من وظيفته بطلب خطي إلى رئيس الدائرة الحكومية التابع لها.

ب.يبت رئيس الدائرة الحكومية المذكورة في طلب الاستقالة خلال مدة أقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ تقديمها إليه.

ج.تعتبر الاستقالة مقبولة حكماً إذا لم يتم البت فيها خلال المدة المشار إليها فيالبند ب أعلاه.

د.لا تقبل استقالة الموظف المحال إلى التحقيق إلا بعد انتهائه بغير إحدى عقوبتي الفصل أو الإحالة إلى المعاش.

ث.يستمر الموظف في عمله إلى أن يبلَّغ كتابياً بقرار قبول الاستقالة أو انقضاء الموعد المنصوص عليه في البند ب من هذه المادة.

وفي مقام القول ذاته نرى بأن شرط الاستقالة التي رسمها القرار بقانون السابق بشان الانتخابات العامة هو من أجل ان يرخص لهؤلاء الاشخاص بممارسة حقهم السياسي بالترشح لانتخابات المجلس التشريعي, وبذات الوقت قد حدد موعد الاقتراع بتاريخ محدد, لذا استقالة الاشخاص من وظائفهم واعمالهم هو مرتبط ومقيد بسبب , و لولا هذا السبب لما استقالوا من وظائفهم علما بأن الاستقالة قد تلحق الضرر بشكل كبير على من لا يحالفه الحظ بالانتخابات اذا اجريت في موعدها المحدد والمزمع عقده بتاريخ 22 أيام من الشهر القادم ,

وتأسيسا على ما سردناه انفا, الأصل أن يتم اجراء الانتخابات التشريعية في موعدها المحدد بموجب القرار بقانون رقم 1 لسنه 2021 ولكن مع تداعيات الوضع الراهن قد بدا واضحا للشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية بأن الجانب الاسرائيلي قد يعمد الى اعاقة اجراء الانتخابات وعرقلتها في مدينة القدس سيما وأن الرئيس وفصائل العمل الوطني ربطوا اجراء الانتخابات بشرط ان يتم اقتراع المواطنين المقدسيين في مدينة القدس نفسها , وهذا الأمر قد ترفضه اسرائيل مما جعل الكثير من أبناء شعبنا وبعض القيادات الفلسطينية تتعالى أصواتهم وتصدح للتلميح بتأجيل الانتخابات عن موعدها وحيث أن القرار بقانون المتعلق بشأن الانتخابات منح الرئيس صلاحية تحديد موعد الاقتراع ولم يمنحه صلاحية تأجيل الانتخابات عن موعدها المحدد وبالرجوع الى القوانين والقرارات بالقوانين التي عالجت وأصَّلت موضوع الانتخابات لم تشر ولم توضح مسألة تأجيل الانتخابات , وهنا يعم التساؤل ؟ ماذا لو أصدر الرئيس قرارا بقانون يتضمن تأجيل الانتخابات التشريعية عن موعدها المقرر , هل سيلحق الضرر بمن قبلت استقالاتهم وانتهت خدمتهم من وظائفهم ؟ كلنا متيقنون كقانونيين بأنه لا يحق للرئيس تأجيل الانتخابات عن موعدها , و لكن اذا تم التأجيل بكل تأكيد ستلحق أضرار مادية و أو ادارية بحق كل المستقيلين من وظائفهم , سيما وان استقالاتهم كانت بهدف (الترشح للانتخابات التشريعية) والهدف بني على قيد واضح (الاستقالة) فاذا أجلت الانتخابات بموجب قرار بقانون صادر عن الرئيس لابد أن نتساءل , ما اذا كانت التأجيل لفترة زمنية وجيزة مؤقته ومحددة؟ وما اذا كان التأجيل لأجل غير مسمى . ففي الحالة الأولى قد لا يلحق ضررا جسميا بالمستقيلين لكن المشكلة تكمن في الحالة الثانية فاذا أجلت الانتخابات لوقت غير محدد أو حتى يسمح الجانب الاسرائيلي بالانتخابات في القدس , فهنا يتوجب على الرئيس أن يحمي حقوق الموظفين المستقيلين بطرق ووسائل أخرى فعلى سبيل الفرض اذا أتخذ الرئيس بموجب القرار بقانون الخاص بتأجيل الانتخابات قرار باعادة كل المستقيلين لوظائفهم وبنفس مراكزهم القانونية من أجل حماية مصدر رزقهم الذي كان يعيلهم فهذا من الناحية القانونية غير صحيح وغير قانوني, ولكن من الممكن أعادة تعيين كل المستقيلين من وظائفهم بموجب قرارات تعين صادرة عن الجهات المختصة , وبما أن الرئيس هو صاحب الصلاحية التشريعية باصدر القرار بقانون المتضمن شرط الاستقالة فله ايضا صلاحية اعادة تعيين المستقيلين في وظائفهم بموجب القرار بقانون ذاته و او الايعاز للجهات المختصة باعادة تعينهم , واذا لم يقم الرئيس بذلك ,يحق لكل من لحق به الضرر الطعن بعدم دستورية القرار بالقانون الذي يقضي بتأجيل الانتخابات أمام المحكمة الدستورية الفلسطينية و أو الطعن بعدم دستورية نص المادة 6 من القرار بقانون رقم 1 لسنه 2021 المعدل ونص المادة 8 فقرة 4 من القرار بقانون رقم 1 لسنه 2007 بشأن الانتخابات العامة ومن الممكن الاستعاضة عنها (بمن يحالفه الحظ بالنجاح في انتخابات المجلس التشريعي يعتبر مستقيلا من وظيفته أو عمله بحكم القانون ), وذلك تفاديا للازدواجية الوظيفية .