الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

يلا نحكي: لا كلام اثناء العاصفة وأتون المعركة

نشر بتاريخ: 14/05/2021 ( آخر تحديث: 14/05/2021 الساعة: 15:46 )

الكاتب:

جهاد حرب

تشهد الأراضي الفلسطينية المحتلة عاصفة موحدة في وجه الاحتلال الإسرائيلي ناجمة عن قناعة شعبية بأن الأوضاع القائمة باتت غير قابلة للاستمرار بسبب الاضطهاد الإسرائيلي للمجاميع الفلسطينية في تجمعاتهم السكانية وباختلاف الكيانات السياسية الحاكمة بين البحر والنهر، وعلى اختلاف القوانين الاستعمارية التي تنظم أسلوب حياتهم في الضفة والقطاع والقدس وأراضي عام 1948.

إن "انتفاضة القدس" أكدت فشل زعم الاحتلال وحكومته بأن القدس مُوَحَدةٌ تحت حراب الاحتلال الإسرائيلي، وعلى العكس من ذلك فقد أكدت أنها مُوَحِدة للشعب الفلسطيني في مختلف الكيانات الجغرافية التي يعيشون فيها ونظم الحكم التي يخضعون لها. كما أظهرت ان الشعب الفلسطيني موحدا في النضال ودفع ضريبة التضحية ولا يلتهون بالخلافات السياسية، بل يسفهون من يحاول ادخال هذه الخلافات أثناء المعركة المحتدمة وأتونها.

وأبرزت أن الشروط الذاتية والموضوعية مهيأة للانفجار وهي ناجمة عن الاضطهاد الإسرائيلي القائم على التمييز العنصري لصالح اليهود على حساب الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وغياب الأفق لإنهاء الاستعمار الاستيطاني؛ فهذه "الانتفاضة" لم تكن وليد الصدفة بل تعبيرا عن إحساس عميق بالتمييز العنصري على مدى 73 عاما ومن القمع المستمر لهم عبر أدوات القمع الرسمي الإسرائيلي وأدواته عبر دعم المنظمات اليمينية الفاشية ومستوطنيه، وتعبيرا للدفاع عن حقه في تقرير مصيره وفي التخلص من الاستعمار الاستيطاني الاحلالي، وحقه في إقامة دولته المستقلة، وحقه في ضمان سلامة عاصمته ومقدساتها وضمان حق العبادة فيها سلام وأمان ودون تمييز أو حراب الاحتلال.

أظهرت "انتفاضة القدس" أن الشباب الفلسطيني قادر على القيادة، وأنهم ليسوا فقط ثوارا ووقودا في الانتفاضات، بل أنهم هم من يحددون أجندة العمل الفلسطيني. كما أظهرت أن الكلمة الفصل في قرار الحرب والسلم يتخذها أصحاب الفعل الثوري، وهم يخوضون المعركة لحماية القدس؛ بمقدساتها وأرضها وبيوتها وحضارتها وتراثها وقيمتها وناسها، ويذودون عنها بما تحمله من رمزية وجدانية وروحية وسياسية وجغرافية للفلسطينيين جميعا ودون استثناء.

إن هذه الموجة "الانتفاضة" كشفت أن الحكومة الإسرائيلية بعنجهيتها الاستعمارية لا تدرك قوانين الفعل الإنساني ولا سيرورة التاريخ المتمثلة بأن الشعوب المقهورة والمضطهدة موحدة في وجدانها ولا تمحى "الوحدة المعنوية والمادية" من ذاكرتها؛ وإن تباطأت علاجات الكسر الناجمة عن الاضطهاد الاستعماري. وأن زيادة الضغط يولد الانفجار وهو "قانون" ينطبق على الأراضي الفلسطينية. كما أن الدفاع عن حق تقرير المصير وإزالة الاستعمار وآثاره واجب وطني لا انفكاك عنه مهما اختلفت الطرق والوسائل أو ضعف الامكانيات التي تمتلكها هذه الشعوب ومكوناتها السياسية. وأن الانتصارات الجزئية للشعوب المضطهدة، هي تراكم كمي بانتظار التحول النوعي المؤدي للانفجار أي بالفلسطيني "الانتفاضة"، محفزا للثورة.

في أتون المعركة لا كلام أو تقييمات أو مواقف خارجة عن الدفاع عن فلسطين والفلسطينيين بغض النظر عن قناعاتنا الفكرية والأيديولوجية وتوجهاتنا ومواقفنا السياسية، فيما بعد المعركة وانقشاع غبارها وقت يتسع للتقييم (أخطأنا أم أصبنا واللوم والملاومة) والحديث عن الأولويات والطرق والوسائل الممكنة وكيفية الدخول في هذه المعركة أو تلك.