الثلاثاء: 23/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

غانتس: الامن والاقتصاد بدون سياسة

نشر بتاريخ: 31/08/2021 ( آخر تحديث: 31/08/2021 الساعة: 12:17 )

الكاتب: د.علي الأعور

بعد عشر سنوات فكرت الحكومة الاسرائيلية ممثلة برئيسها" نفتالي بينت" ووزير الامن " بيني غانتس " بزيارة المقاطعة و اللقاء مع الرئيس محمود عباس يوم امس الاثنين ، ويعتبر هذا اللقاء الاول من نوعه وبهذا المستوى بين الحكومة الاسرائيلية و السلطة الفلسطينية ، ومهما كانت المشاورات و المفاوضات بين الطرفين فان هناك نقاط كثيرة يمكن الوقوف عندها من اجل تحليل الموقف الاسرائيلي من خلال هذا اللقاء على المستوى الرسمي او الشعبي في اسرائيل فان كلاهما قبل باللقاء على مضض وكأن الشعب الفلسطيني اصبح بالنسبة للاسرائيليين غير موجود او التعامل معه كأقلية على هذه الارض وتناسى الاسرائيليون بان الاحتلال الاسرائيلي مازال يحتل الارض الفلسطينية و الانسان الفلسطيني وان القضية الوطنية و الصراع بين الاسرائيليين و الفلسطينيين يمتد الى اكثر من سبعين عاما تخللته الكثير من الحروب و الدماء و القتل وان هناك قضية مركزية تمثل مركز الصراع في الشرق الاوسط وهي القضية الفلسطينية بكل مالاتها بداية من النكبة مرورا بالاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية وشرقي القدس وقطاع غزة ووصولا حتى حصار قطاع غزة على مدى ستة عشر عاما ونيف .

والسؤال المهم هنا: لماذا كان اللقاء من الجانب الاسرائيلي ممثلا بوزير الامن " بيني غانتس" ؟ لماذا لم يكن ممثلا الوفد الاسرائيلي برئيس الحكومة اليميني " نفتالي بينت" ؟ ولماذا لم يكن الوفد الاسرائيلي برئاسة من يسمي نفسه حمامة سلام او رئيس اليسار "يائير لبيد"؟

لم يعد يخفى على احد ان هدف اللقاء بين غانتس و الرئيس ابو مازن هو الحفاظ على مصالح اسرائيل الامنية و استمرار العلاقات بين السلطة الفلسطينية واسرائيل وفي مقدمتها الحفاظ على التنسيق الامني والهدف الثاني هو دعم الاقتصاد الفلسطيني ودعم السلطة الفلسطينية بمئات الملايين من الدولارات لتمكينها من الاستمرار و الحفاظ على وجود السلطة الفلسطينية وفقا لنصائح تقرير صدر عن معهد ابحاث الامن القومي في جامعة تل ابيب مفاده" انقذوا السلطة الفلسطينية من الانهيار" و المهم هنا ايضا ان بيني غانتس يمثل الامن و يمثل الحواجز العسكرية ويمثل المعابر بين الاراضي الفلسطينية المحتلة و اسرائيل وبيني غانتس هو الوحيد الذي يملك قرار كل ما يتعلق بالاجراءات الامنية و المؤسسة الامنية في اسرائيل وبين الاراضي الفلسطينية المحتلة و اسرائيل.

اعلن يوم امس الاول نفتالي بينت في البيت الابيض " لن تكون هناك مفاوضات مع الفلسطينيين ولن تكون هناك عملية سلام ولا توجد سوى دولة اسرائيل و عاصمتها القدس ، ويوم امس اجمعت كل التقارير الصادرة من اسرائيل و الاعلام الاسرائيلي بان هدف زيارة غانتس الى المقاطعة هو منح تسهيلات اقتصادية للفلسطينيين والحفاظ على التنسيق الامني بما يضمن مصالح اسرائيل الامنية.

على العموم لم يكن اعلان بينت و غانتس عن اولويات الاقتصاد و الامن بدون سياسة وبدون الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني السياسية وبدون اطلاق مفاوضات سياسية مع القيادة الفلسطينية لانهاء الاحتلال لم يكن مفاجيء لان حكومة بينت و غانتس ولبيد حكومة هشة ضعيفة ولا تملك القرار السياسي من اجل اعلان عودة المفاوضات مع الجانب الفلسطيني ، حكومة تتكون من ثمانية احزاب تختلف في الايديولوجيا و الطرح وتتفق على موازنة تصل الى مليارات الدولارات لدعم الاستيطان وتوسيعه لان لديهم زيادة طبيعية في الانجاب و زيادة اعداد المستوطنيين اما نحن الفلسطينيون لا يوجد لدينا زيادة طبيعية و ممنوع ان تبنى كشك للدواجن او حضيرة للاغنام و ممنوع ان تبني في مناطق ج اي بيت او غرفة لابنك حتى يتزوج فيها لانهم يعتبرون الاراضي الفلسطينية المحتلة ارض اسرائيل والارض التوراتية التي يملكها اليهود و الفلسطينيون اقلية يمكن التعامل معهم بتحسين حياتهم المعيشية مع العلم ان قيام اسرائيل بواجباتها لانه تمثل دولة احتلال لاقليم محتل هو الضفة الغربية وقطاع غزة وشرقي القدجس وتوفير حياة كريمة لمن هم تحت الاحتلال باقرار القانون الدولي الانساني واتفاقيات جنيف الرابعة 1949.

الاسرائيليون وعدد من المحلليين الاسرائيليين اكدوا بانهم يجب تقوية السلطة الفلسطينية واضعاف حماس مع العلم ان اسرائيل نفسها بداية من عهد نتنياهو وحتى اليوم تعمل على استمرار الانقسام بين فتح وحماس من خلال سياسة فرق تسد وعدم تدمير حماس كقوة سياسية او عسكرية و الحفاظ على الوضع القائم وبالتالي فان حكومة اسرائيل تدعم السلطة الفلسطينية وتدعم حركة حماس على السواء وغدا او بعد غد سوف تصل الحقيبة القطرية وبها الملايين من الدولارات تماما كما سمح غانتس باقراض السلطة 500 مليون دولار.. الدولار في غزة وفي رام الله ولكن على الجميع ان يعلم بان الاحتلال مازال يجثم على صدورنا وما زال يحتل ويقضم مزيدا من الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية في بيتا و نابلس و سلفيت وبيت لحم و الخليل والاستيطان مازال يكبر ويزيد ونحن نسجل ونوثق الاستيطان بكل مساحاته وبكل مستوطنيه

واخيرا ... الامن و الاقتصاد بدون سياسة مع الفلسطينيين وممنوع الحديث عن عملية سلام او حل الدولتين . ربما يخطأ الفلسطينيون اذا اعتقدوا ان السلام يصنعه بينت او غانتس او لبيد المغروم في الامارات و في المغرب ويبعث بالشكر الى نتنياهو .. ولكن السلام ياتي من البيت الابيض والعنوان الحقيقي هو الادارة الامريكية .. البيت الابيض منع الضم و البيت الابيض منع اخلاء الخان الاحمر و البيت الابيض ضغط باتجاه منع اخلاء حي الشيخ جراح وان القرار لعملية السلام واعادة الاسرائيليين و الفلسطييين الى طاولة المفاوضات بيد الادارة الامريكية ولكن لم يعد الملف الفلسطيني من اولويات الادارة الامريكية ولم تعد حقوق الشعب الفلسطيني السياسية وانهاء الاحتلال و اقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس لم تعد من اولويات الادارة الامريكية ولكن قريبا وقريبا جدا سوف يعود انطوني بيلنكن الى القيادة الفلسطينية وربما الرئيس بايدن بنفسه يعود الى القدس ليعلن اعادة المفاوضات بين الطرفين وفقا لحل الدولتين عندما يتغير الواقع و المعطيات المفاجأة على الارض و في الارض .