الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الفروض وتحديد المسائل الحسابية الإرثية في الأحوال الشخصية

نشر بتاريخ: 31/08/2021 ( آخر تحديث: 31/08/2021 الساعة: 13:49 )

الكاتب:

الدكتور سهيل الاحمد

عميد كلية الحقوق في جامعة فلسطين الأهلية

إن التشريعات المتعلقة بتنظيم أحكام الميراث وتقسيماته تتصف بالعدالة والموضوعية والواقعية وذلك أنها جاءت في نصوص شرعية محددة مفصلة، بحيث يعرف من يستحق الإرث من الناس النصيب المقدر له من خلال هذه النصوص دون الحاجة إلى بحث عن مقادير مجهولة، لأن من تكفل ببيان ذلك وتفصيله هو الله تعالى، حيث مكننا ذلك من معرفة العدالة الشرعية الحسابية في تقسيمات المسائل الإرثية والوقوف على طبيعتها والمعيار المؤثر في ذلك قانونًا، وهذا على اعتبار أن البحوث الفقهية نتج عنها الارتباط البين مع علم الحساب ببيان مسألة أن الحضارة الإسلامیة هي حضارة فقه من حيث غلبته وسيطرته عليها واعتباره مترجمًا واقعيًا وحقيقيًا عن العقلية العلمية الإسلامية، فالفقه الإسلامي قانون عربي إسلامي محض بقواعده وتشريعاته وأحكامه، وقد تفرع عنه علم الحساب لاعتباره آلة يستخدمها الفقیه لحل القضايا المعقدة في المواريث، حيث استطاع علماء الحساب في الإسلام أن يخضعوا هذه العلوم لمنظومة الأحكام الشرعية بكل دقة وإتقان عندما تركزت محاولاتهم على اتخاذ تعاليم الشرع الإسلامي لجعلها نقاطًا محورية للوصول إلى صیغ حسابية عامة يمكن تطبیقها على القضايا الواقعیة التي تمس حیاة الناس الیومیة ومنها المسائل الإرثية التي تظهرًا ما للناس وما عليهم من حقوق مالية ثابتة بالميراث. وهذا على اعتبار أن علم الحساب لا ينفك عن علم الميراث بل كان حساب المسائل الإرثية هو الموجه والمؤثر في تطوير هذه العلوم ومتابعة القواعد الحسابية المبنية عليها. فتحديد الفروض الإرثية يظهر طبيعتها الحسابية في مسائل الميراث في التشريع الإسلامي، فهي أي: الفروض الواردة في القرآن ستة: 3/2، 3/1، 6/1، 2/1، 4/1، 8/1، ويظهر هنا من يستحقها كما يأتي: يرث ثلثي التركة: البنتان فأكثر، بنتا الابن فأكثر، الأختان الشقيقتان فأكثر، الأختان لأب فأكثر. وأما النصف فيرثه: البنت الواحدة، بنت الابن الواحدة، الأخت الشقيقة الواحدة، الأخت لأب الواحدة، الزوج. والثلث ترثه: الأم، الأخوة/الأخوات لأم. ويرث سدس التركة: الأم، الجدة/الجدات الصحيحة، بنت الابن، الأخت لأب/الأخوات لأب، الأخت لأم/الأخ لأم، الأب، الجد الصحيح. والربع من ميراث: الزوج، الزوجة/الزوجات، وأما الثمن: فهو للزوجة/الزوجات. وتتميز هذه الفروض بأن فيهـا انتظامًا وترتيبًا، فالثلثــان ضعف الثلث، والثلث ضعـف السدس، وكذلك النصف ضعف الربع، والربع ضعف الثمن، ومن هذه الفروض كذلك ما هو فردي كفرض النصف الذي تأخذه البنت، ومنها ما هو جماعي كفرض الثلثين الذي تأخذه البنات سواء أكان عددهن اثنتين أم أكثر، ويلاحظ على الفروض أن أكبرها هو: (2/3) وهو لا يورث إلا من قبل النساء المحددة في القرآن الكريم، ثم يليه النصف، ومن ثم الثلث؛ حيث ترثه الأم في حالة عدم وجود الفرع الوارث أو جمع من الأخوة، وترثه الأخوات لأم عند التعدد حال عدم وجود الأصل للميت ولا فرع وارث له، ولا يرثه من الرجال سوى الإخوة لأم بنفس الشروط، وقد تكون معهم أخوات لأم، وقد يجتمع النصف مع السدس فيكون مجموع الفرض الحاصل هنا هو (2/3). ويظهر في المسائل الإرثية من الناحية الحسابية أن النصف قد يجتمع مع النصف في المسألة الواحدة، أما الثلثان فلا يجتمعان فيها. وعند النظر في طبيعة المسائل الإرثية الحسابية فإننا نجد أنه إذا استغرقت الفروض كل التركة ولم يبق منها شيء، فإن هذه تسمى: المسألة العادلة، وإذا بقي منها شيء فهي المسألة القاصرة (الرد)( وهو: النقصان في مجموع سهام أصحاب الفروض مع الزيادة في سهام المال (أصل المسألة))، أما إذا عجزت عن أنصبتهم فتسمى المسألة العائلة (العول) (وهو: الزيادة في مجموع سهام أصحاب الفروض مع النقصان في سهام المال (أصل المسألة)). ويستحق الورثة ميراثهم حسب طبيعة المسألة الإرثية الحسابية وذلك كما يأتي: يرث بعضهم بالفرض فقط، وهؤلاء هم: الزوجان، الأم، الجدة، الأخوة لأم، وبعضهم من جهة التعصيب بالنفس فقط، وهؤلاء هم: الابن وابن الابن وإن نزل، الإخوة الأشقاء، الإخوة لأب، وأبناؤهم، الأعمام الأشقاء، أو لأب وأبناؤهم. وتتعدد صور كسب بعضهم للمال بطريقة الحساب الإرثي من حيث الميراث بالفرض مرة، أو بالتعصيب بالنفس مرة، أو أنه قد يجمع بين الفرض والتعصيب بالنفس، وهؤلاء هم: الأب، الجد( أب الأب) وإن علا. ويتعدد توريث بعض أصحاب الفروض حسب طبيعة المسألة الإرثية كالبنات، بنات الابن وإن نزل أبوهن، من حيث الاستحقاق بالفرض مرة، أو بالتعصيب بالغير مرة، مع بيان أنهم لا يجمعون بينهما. ومن الورثة كذلك كالأخوات الشقيقات، الأخوات لأب، قد يرث بالفرض مرة، أو بالتعصيب بالغير مرة، أو بالتعصيب مع الغير مرة، ولا يجمع بينها. ويظهر مما سبق أن المسألة الحسابية وطبيعة توريث بعض الورثة من خلالها يكون هو المؤثر في تنوع الاستحقاق، وهذا يعني أهمية الفروض الشرعية الإرثية في تكييف المسألة الإرثية والتأثير فيها وفق هذه المعطيات