الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

العمل على تنفيذ التعددية الأصلية

نشر بتاريخ: 23/09/2021 ( آخر تحديث: 23/09/2021 الساعة: 17:49 )

الكاتب:

سفير قوه وي مدير مكتب جمهورية الصين الشعبية لدى دولة فلسطين

تتفاعل التداعيات الناجمة عن التغيرات غير المسبوقة منذ مائة عام وجائحة كورونا التي اجتاحت العالم في الوقت الحاضر، ويقف العالم أمام مفترق طرق التاريخ. كيف نتضامن لهزيمة الجائحة؟ وكيف نعمل على إنعاش الاقتصاد؟ وكيف تتعايش دول العالم في وئام؟ وكيف تلعب الأمم المتحدة دورها المحوري؟ في هذا السياق، طرح الرئيس الصيني شي جينبينغ في 21 أيلول 2021 مبادرة ورؤية صينية في جلسة المناقشات العامة للدورة الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة.

أولا، لا بد لنا من هزيمة الجائحة والانتصار في هذه المعركة الهامة التي تهم مستقبل البشرية ومصيرها. إن البشرية تحقق تطورا وتقدما أكبر من خلال تجاوز تحديات متتالية. علينا التمسك بوضع الشعب والحياة في المقام الأول، وتكريس الروح العلمية والتمسك بالموقف العلمي والامتثال للقانون العلمي، والتوفيق بين مكافحة الجائحة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز التعاون الدولي في الوقاية والسيطرة. وعلينا جعل اللقاح منفعة عامة للعالم وضمان إتاحته للدول النامية بتكلفة ميسرة. إن الشغل الشاغل هو توزيع اللقاحات على نطاق العالم على نحو منصف وعادل. ستبذل الصين جهودا لتقديم ملياري جرعة من اللقاح إلى العالم في هذا العام، وستتبرع بمائة مليون جرعة إضافية من اللقاح إلى الدول النامية في غضون العام الجاري إلى جانب ما تبرعنا من مائة مليون دولار أمريكي إلى ”برنامج الكوفاكس“. ستواصل الصين دعم أعمال التتبع العلمي لمنشأ الفيروس في العالم والمشاركة فيها، وترفض الصين رفضا قاطعا التلاعب السياسي بأي شكل من الأشكال.

ثانيا، لا بد لنا من العمل على إنعاش الاقتصاد وتحقيق تنمية عالمية أقوى وأكثر اخضرارا وصحة. علينا العمل سويا على دفع التنمية العالمية نحو مرحلة جديدة تتميز فيها بالتوازن والتناسق والشمولية. في هذا السياق، طرح الرئيس الصيني شي جينبينغ مبادرة التنمية العالمية، ومحورها التمسك بالأولوية للتنمية، ووضع الشعب في المقام الأول، والمنفعة للجميع والشمولية، والتنمية المدفوعة بالابتكار، والتعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة، والتركيز على العمل، بما يدفع الارتقاء بمستوى التنسيق والفاعلية لعملية التعاون المتعدد الأطراف في مجال التنمية، ويركز على تعزيز التعاون في مجالات الحد من الفقر والأمن الغذائي ومكافحة الجائحة واللقاحات والتمويل التنموي وتغير المناخ والتنمية الخضراء والتحول الصناعي والاقتصاد الرقمي والترابط والتواصل لإقامة مجتمع مستقبل مشترك للتنمية العالمية.

ثالثا، لا بد لنا من تعزيز التضامن وتطبيق مفهوم العلاقات الدولية المتمثل في الاحترام المتبادل والتعاون والكسب المشترك. إن العالم الذي سوده السلام والتنمية ينبغي أن يحتضن حضارات بأشكال مختلفة ويستوعب طرقا متنوعة صوب التحديث. إن الديمقراطية ليست حكرا على دولة بعينها، بل وهي حق لكافة شعوب العالم. وإن التدخل العسكري الخارجي وما يسمى بالإصلاح الديمقراطي يسببان متاعب لا نهاية لها في المستقبل. علينا العمل على تكريس القيم المشتركة للبشرية المتمثلة في السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية، مع نبذ الدوائر الضيقة واللعبة الصفرية. إن نجاح دولة ما لا يعني الفشل الحتمي لدولة أخرى، إذ أن العالم يتسع للتقدم والتطور لمختلف الدول بشكل مشترك. وعلينا التمسك بالحوار والشمولية بدلا من المجابهة والإقصاء، وإقامة نوع جديد من العلاقات الدولية قائم على أساس الاحترام المتبادل والعدالة والإنصاف والتعاون والكسب المشترك، بما يوسع القواسم المشتركة للمصالح ويرسم أكبر دائرة متحدة المركز. إن ما توارثه وتسعى إليه الأمة الصينية هو مفهوم السلام والوئام والانسجام. لم تقم الصين في الماضي بغزو أو ظلم الآخرين أو السعي وراء الهيمنة، ولن تقوم بذلك في المستقبل. ظلت الصين دائما ممن يبني السلام العالمي ويسهم في التنمية العالمية ويحمي النظام الدولي ويقدم منتجات عامة، وستواصل توفير فرص جديدة للعالم من خلال التنمية الصينية الجديدة.

رابعا، علينا استكمال الحوكمة العالمية وتنفيذ تعددية الأطراف الأصلية. لا توجد منظومة في العالم سوى المنظومة الدولية التي تكون الأمم المتحدة مركزا لها، ولا يوجد نظام سوى النظام الدولي المبني على القانون الدولي، ولا توجد قواعد سوى القواعد الأساسية للعلاقات الدولية التي يكون أساسها مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة. يجب على الأمم المتحدة أن ترفع راية تعددية الأطراف الأصلية عاليا، وأن تكون منصة محورية تعمل عليها دول العالم على حماية الأمن العالمي وتقاسم نتائج التنمية وتقرير مصير العالم بشكل مشترك. ويجب عليها أن تسعى إلى حفظ استقرار النظام الدولي وزيادة التمثيل والأصوات للدول النامية الغفيرة في الشؤون الدولية، وأن تكون طليعة في الدفع بدمقرطة العلاقات الدولية وسيادة القانون فيها. ويجب عليها تعزيز العمل المتوازن في المجلات الرئيسة الثلاثة، أي الأمن والتنمية وحقوق الإنسان، مما ينفذ تعهدات الأطراف المختلفة حول تعددية الأطراف على أرض الواقع.

المبادرة من أربع نقاط التي طرحها الرئيس الصيني شي جينبيغ تعكس التزاما صادقا بتعهدات الصين الجادة بالتعددية الأصلية، وتجسد مسؤوليتها كدولة كبيرة لدفع منظومة الحوكمة العالمية نحو اتجاه أكثر عدلا عقلانية، دعما ثابتا لمكانة الأمم المتحدة ودورها. ستتمسك الصين بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة ومبدأ التشاور والتعاون والكسب للجميع، والعمل على تكريس وتنفيذ التعددية الأصلية بقوة، وبذل الجهود الدؤوبة المشتركة لمواجهة التحديات الدولية المتزايدة وفتح آفاق أرحب للعالم.