الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

قراءة في القرار الأممى 181!

نشر بتاريخ: 05/10/2022 ( آخر تحديث: 05/10/2022 الساعة: 17:50 )

الكاتب: دكتور ناجى صادق شراب

أعاد الرئيس محمود عباس في الدورتين السادسة والسبعين والسابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحده من جديد طرح القرار ألأممى رقم 181 وهو قرار التقسيم المشهور لفلسطين، والذى بموجبه قامت إسرائيل كدولة ولم تقم فلسطين كدولة. هذا القرار في حاجة لقراءة جديدة، وهذا الطرح يثير تساؤلات كثيرة عن ماهية القرار وشرعيته والزاميته، ودلالة طرحه الأن، وما الفائدة التي يمكن ان تحققها؟ هذا القرار أنهى فترة ألإنتداب البريطاني، وهذا ما أرادته بريطانيا من تقديمها لهذا القرار، وكان يفترض أن ينتهى الإنتداب بإستقلال فلسطين في دولة واحدة تجمع كل سكانها من فلسطينيين ويهود وغيرهم من ألأقليات. لكن هدف وعد بلفور والحركة الصهيونية هو قيام وطن قومى لليهود في فلسطين ،والمقصود كل فلسطين.وهذه الدولة كانت في حاجة لشرعية دولية وقرارا أمميا يقيمها ولو على جزء من فلسطين كخطوة نحو كل فلسطين.وهذا لن يتحقق إلا بعدم قيام الدولة الفلسطينية , وهنا السؤال ماذا لو قبلت الدول العربية بقررا التقسيم هل كان سينفذ؟ التطورات والوقائع السياسية تقول عكس ذلك. والتساؤل ثانية ماذا يقصد الرئيس بهذا الطرح هل تنفيذ القرار وهذا مستبعد تماما. وهل يتناقض ذلك مع قبول الفلسطينيين بالدولة الفلسطينية على حدود 1967 بما مساحته تقريبا 25 في المائة من مساحة فلسطين أي اقل بما يقار ب22 في المائة من مساحة الدولة المخصصة وفقا للقرار.وهل هذا أيضا يتعارض مع وضع فلسطين كدولة مراقب في الأمم المتحده بالحدود المعلنة عنها؟. الإجابة تستوجب الوقوف على القرار وكيف صدر؟ وما أهميتة وماذا يعنى التمسك به فلسطينيا؟القرار أولا صدر ب33 صوتا و13 معارضا و10 إمتناع, والمفارقة ان بريطانيا كانت من بين الممتنعين عن التلصويت. والإمتناع لا يحمل معنى الرفض.وبموجب هذا القرار وهذه المفارقة الثانية أن يكون نصيب الدولة اليهودية 56،5 من مساحة فلسطين في احسن المناطق وأفضلها علما أن اليهود سكانيا وقتها لم يبلغوا أكثر من 30 في المائة من العدد الموجود. فالأغلبية كانت فلسطينية . واما الدولة العربية فبلغت 44 في المائة.والقدس وبيت لحم تحت الوصاية الدولية.والمفارقة الثالثة ان السكان العرب وكانوا أكثر من 67 في المائة ولهم أملاك وعقارات كبيرة جدا في الأراضى التي خصصت للدولة اليهودية.والمفارقة الرابعة وألأكثر غرابة في آليات صدور القرار وكيف نجحت الولايات المتحدة ومعها الحركة الصهيوينة من الحصول على هذه الأصوات؟أولا موقف الدول العربية آنذاك لم يكن معارضة القرار فقط بل بادرت بمبادرة لدولة واحده تجمع كل من الفلسطينيين واليهود ولكن الولايات المتحده والإتحاد السوفيتى رفضتا المبادرة ، وهذا تأكيد لصدقية الفرضية أن الهدف هو قيام الدولة اليهودية.والملاحظة الثانية أن كثير من الدول كانت ترفض القرار ولكنها تحت الضغط والرشاوى والهدايا غيرت من تصويتها، ولا ننسي ان الأمم المتحدجة وقتها كان يهيمن عليها الدول الأوروبية ودول أمريكا اللاتينية ،و هذا وقد لعب رئيس الجمعية وهو مندوب البرازيل دورا في تأجيل التصويت لكسب ألأغلبية اللازمة لإقرار التقسيم كما مخطط له من البيت ألأبيض والحركة الصهيونية.علما أن المندوبين العرب أبدوا إستعدادهم لسحب كلماتهم من أجل التسريع في عملية التصويت.

هذا وقد تغير التصويت خلال ثلاثة أيام فقط مورست خلالها ضغوط كبيرة وأستلمت زوجات ممثلي دول أمريكا اللاتينية هدايا كثيرة معظمها من الماس ومعاطف الفرو الثمينة، وقد أعاد مندوب كوبا هذه الهدايا كما أشار إلى هذه الضغوط.وهاييتى غيرت تصويتها تحت الضغوط الاقتصادية التي مورست من قبل البيت ألأبيض.وأصلا كانت معارضة للتصويت في اللجنة الخاصة.ونفس الوضع بالنسبة لغواتيمالا التي مورست عليها ضغوطا كبيرة من قبل رجل ألأعمال الأمريكى روبرت تائبان وهذا بعلم البيت الأبيض.ونفس الوضع بالنسبة لليبيريا التى إنسحب مندوبها ليتدخل رئيس الدولة بتبنى التصويت.هذا وقد أعترف الرئيس ترومان في مذكراته بشراء الولايات لأصوات هذه الدول.وأكد ذلك روبرت لوفيت وكيل وزارة الخارجية ألأمريكية بقوله: أنه لم يتعرض في حياته قط لمثل هذا الضغط الذى تعرض له خلال ألأيام الثلاثة بدءا من صباح الخميس وحتى مساء السبت.

هذا القرار كما يبدو لنا لا يعبر عن الشرعية الدولية بقوة رغم تبنيه ، فهو يعكس شرعية القوة.ومع التسليم به كأساس للدولة الفلسطينية المقدمة اليوم فإن قرارات الشرعية الدولية لا تسقط بالتقادم مما يعنى ان الحق في قيام الدولة الفلسطينية ما زال قائما وعلى نفس الحدود، وان اى تناز ل من جانب السلطة والرئيس بالقبول بدولة على حدود 1967 فهذا يدعم الموقف الفلسطين،ى وتأكيد على الرغبة في إنهاء الصراع، وأن هذا التنازل إختياريا.والأمر الثالث تبقى شرعية إسرائيل كدولة مشروطة أولا بقيام الدولة الفلسطينية وتنفيذ القرار رقم 194، وهو ما يؤكد لنا ان إسرائيل كدولة كاملة ترتبط بقيام الدولة الفلسطينية ،وهذا أساس لأى مرجعية فلسطينية في التقدم للأمم المتحدة بقبول فلسطين دولة كاملة العضوية.وهناك اكثر من ملاحظة أيضا أن القرار مجرد توصية صادرة من الجمعية العامة والتوصية غير ملزمة ، وان القرار يتعارض مع مبدأ حق تقرير المصير المنصوص عليه في القانون الدولى ولا يملك سند قانونى لأن ألأغبية لم تستفتى في تقرير مصيرها.وألأمر ألأخير أن الجمعية العامة لا تملك ولا يوجد في الميثاق ما يخولها لتقسيم أراض إقليم موحد دوليا.فى ضؤ كل هذه الإعتبارات يمكن فهم الموقف الفلسطينى ،وما يشكله القرار من مرجعية دولية للقبول بالدولة الفلسطينية كاملة العضوية تحت الاحتلال ، والمسؤولية الدولية في إنهاء الاحتلال عن دولة عضو وتطبيق الفصل السادس والسابع من الميثاق على إسرائيل، وأن هذا الموقف يسلب الفيتو الأمريكي قوته ويبقى أن التقدم بالقرار لا يعنى تنفيذه وإنما دعما للقبول بالدولة الفلسطينية كاملة العضوية الاحتلال حتى إنهائه.