الأربعاء: 24/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

حتى يكون حكمك على غيرك منصفًا

نشر بتاريخ: 15/03/2023 ( آخر تحديث: 15/03/2023 الساعة: 23:52 )

الكاتب:

د. سهيل الاحمد

فمن التواصي بالخير والصلاح أن تعلم أنه ليس العاقل الذي يعرف الخير من الشر ومن يفرق بين ظواهر الأمور .. بل يعرف عقل المرء ومكانته وحكمته حال معرفة خير الشرّين وارتكاب اهون الأمرين مع احتمال المشاق وفق ذلك.. ومن المهم تأمل واقع الناس وتصرفاتهم .. حتى يكون حكمك عادلاً .. فلا يعجبك من المرء طنطنته، بل تكون المروءة والرجولة وعلو المنزلة بأداء الأمانة والكف عن أعراض الناس، والدعاء لهم في ظهر الغيب.. وهنا نستذكر مقولة: (لا تتكلم فيما لا يعنيك، واعرف عدوك، واحذر صديقك إلا الأمين، ولا أميناً إلا من يخشى الله،... ولا تمش مع الفاجر، فيعلمك من فجوره، ولا تطلعه على سرّك، ولا تشاور في أمرك إلا الذين يخشون الله عزّ وجلّ).

وفي ظل هذا التفكر والتذكر يقف العاقل حيران في ظل ما يرى من اختلافات فكرية وشوائب عالقة في أذهان بعض المغترين بأنفسهم ومن لا يملكون إلا الجدال العقيم وقد بعدت الحكمة منهم ما بين المشرق والمغرب... فهم لا يشغلهم إلا حب الاختلاف والخلاف .. ولا يعترفون أنهم يعجزون عن تقديم أي حل أو فكرة أو طرح فعلي لمشكلات الواقع ومتطلبات الحياة الكريمة التي يحتاجها الناس والمجتمعات... فأنت في مكونك الفكري والبناء الحضاري تحتار فيهم وفي بنائهم النفسي والاجتماعي.. ولا تملك عندها إلا أن تتذكر قول الله تعالى (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) ويحتاج الموقف مع هؤلاء الأخذ بقول الله تعالى.﴿ ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ ﴾ .وحتى لا تتغافل هذه المعاني ولا تنسى مقاصد الأفعال ومآلاتها... لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتَأتيَ مِثلَهُ عارٌ عَلَيكَ إِذا فَعَلتَ عَظيمُ .. ابدأ بِنَفسِكَ وانهها عَن غِيِّها فَإِذا انتَهَت عَنهُ فَأَنتَ حَكيمُ ... فَهُناكَ يُقبَل ما وَعَظتَ وَيُقتَدى بِالعِلمِ مِنكَ وَيَنفَعُ التَعليمُ ...

فما أجمل هذه الأبيات وخاصة عندما تصف حال القدوة وواجباته تجاه نفسه ومن يقتدي به من الناس... ولأنها تذكر بقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ)، فإن هذا مبدأ عظيم يخاطب الفكر والوجدان ويطلب منك صدق الفعل وان تجعل لكل خطوة تخطوها مقصداً ومقصودا.. فالواجب امتثاله لتحقيق ثقة الناس بك وبتصرفاتك.. وهذا كما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وإِيَّاكُمْ والْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا.