الأربعاء: 08/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

دور الإدارة المدرسية في تحسين اتجاهات الطلبة العاديين تجاه زملائهم ذوي الإعاقة: الأهمية والتحديات

نشر بتاريخ: 15/05/2023 ( آخر تحديث: 15/05/2023 الساعة: 15:24 )

الكاتب: حياة محمد عناتي

تعد المدرسة بيئة هامة لتشكيل الشخصية وتنمية المهارات اللازمة للحياة، ولذا؛ تتحمل الإدارة المدرسية والمعلمون مسؤولية كبيرة في توفير بيئة تعليمية تشجع الطلاب على التفاعل مع بعضهم البعض، وبناء علاقات اجتماعية إيجابية، ولعل من أهم تلك العلاقات الاجتماعية الحيوية العلاقة بين الطلاب العاديين وزملائهم من ذوي الإعاقة.

وبما أن المدرسة البيئة الرئيسة التي يتعلم فيها الطلبة التعاطف والتسامح والاحترام، يبرز دور الإدارة المدرسية كعنصر رئيس في تعزيز هذه القيم الإنسانية في المدرسة، فالإدارة المدرسية المدركة لأهمية دورها في تشجيع التعاطف والاحترام والتسامح، يمكنها إدراج هذه القيم في جميع جوانب الحياة المدرسية. وبالنسبة للطلاب العاديين، فإن توفير بيئة مشجعة للتعاطف والاحترام مع زملائهم من ذوي الإعاقة يمكن أن فوائد عدّة، بما في ذلك تعزيز الوعي والتفاهم حول التنوع البشري وتشجيع المساواة والعدالة في المدرسة وخارجها، بما من شأنه تعزيز التفوق الأكاديمي وإحداث تغيير إيجابي في مجتمعاتنا، لذا لا نبالغ حين نقول إن للإدارة المدرسية دوراً حيوياً في تعزيز الاتجاهات الإيجابية للطلاب العاديين نحو زملائهم من ذوي الإعاقة.

فيما يخص دور الإدارة المدرسية في تحسين الأداء الأكاديمي والاجتماعي للطلبة، يمكن التنويه بأن المدرسة تقوم بدور فاعل في عملية التنشئة الاجتماعية بمعية مؤسسات التنشئة الاجتماعية ومنها الأسرة، وتضطلع الإدارة المدرسية بدور محوري في توفير مناخ مدرسي موات للتعليم والتعلم، عبر تهيئة بيئة فيزيقية ونفسية في المدرسة بما يتيح للطلبة ممارسة حياتهم المدرسية، وتلقي تعليمهم في جو صفي ومدرسي تدعيمي مفعم بالمودة والمحبة والتواصل الفعال بين إدارة المدرسة بكل مكوناتها من جهة، والطلبة من جهة أخرى، وبين الطلاب أنفسهم في إطار أنظمة وقوانين تضمن انضباط الطلبة وتيسير العملية التعليمية التعلمية في المدرسة (قرواني، 2013: 54).

هنا؛ ترى الكاتبة أن دور الإدارة المدرسية يتعدى إدارة وتنظيم العملية التعليمية والإشراف على العاملين في المدرسة، ليلامس تطوير برامج تعليمية مناسبة لتلبية احتياجات الطلاب، وتحسين الأداء الأكاديمي والاجتماعي للطلاب، وتحليل البيانات المتعلقة بأداء الطلاب وتقديم الدعم اللازم لتحسين النتائج الأكاديمية، بما في ذلك مهمة يمر كثيرون عنها مر الكرام وهي تقديم الإرشاد والتوجيه الأكاديمي والنفسي للطلاب، وتوفير برامج إضافية وفرص تعليمية خارجية يمكن أن تساعد في تحسين الأداء الأكاديمي، وفي تعزيز التحصيل الدراسي والأداء الاجتماعي للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، عن طريق توفير الدعم اللازم والبرامج التعليمية المناسبة، وهو ما تؤكده دراسة الجمل (2013) التي تشير إلى أن للإدارة المدرسية دورًا كبيرًا في رعاية الطلبة ذوي الإعاقة في المدارس وتتمثل في الرعاية التعليمية والرعاية النفسية والرعاية الاجتماعية، وتوفير المواد والأدوات اللازمة لذوي الإعاقة.

ثم ماذا أيضا، وأي دور متوخى للإدارة المدرسية في تعزيز الاتجاهات الإيجابية للطلاب العاديين تجاه زملائهم ذوي الإعاقة؟ تساؤل أرى أن تحمّل الإدارة المدرسية مسؤولية تعزيز الثقافة المدرسية الإيجابية بين الطلاب أمر أساسي، بما في ذلك تعزيز الاتجاهات الإيجابية للطلاب العاديين تجاه زملائهم ذوي الإعاقة؛ عبر منظومة اتجاهات وممارسات تتكامل فيما بينها، مع مبادرة الإدارة المدرسية لتعزيز ذلك عبر إرشاد وتوجيه هادفيْن، يطال الأدوات ولقاءات توعية وندوات وورش عمل ونشرات وتفعيل إعلام المدرسي للطلاب العاديين لتعزيز الفهم والتفاعل مع زملائهم ذوي الإعاقة وإشراك الطلاب ذوي الإعاقة في الأنشطة الاجتماعية والثقافية في المدرسة.

بطبيعة الحال، ثمّة عوامل مؤثرة في اتجاهات الطلبة العاديين نحو زملائهم من ذوي الإعاقة، إذ أرى أن أن اتجاهات الطلبة العاديين تجاه زملائهم من ذوي الإعاقة ضرورة هامة في بناء بيئة تعليمية صحية ومشجعة للتعلم، فدور الاتجاه أهم من دور الممارسة على اعتبار أن الممارسة ترجمة للتوجه، مع الإقرار بوجود تحديات يواجهها الطلبة العاديون في التعامل مع زملائهم من ذوي الإعاقة، لعل من أبرزها: عدم الاستيعاب الكامل لنوع الإعاقة وأسلوب التعامل معها، والخوف من الخطأ أو الإساءة في التعامل معهم، وعدم الاستعداد النفسي للتعامل مع الاحتياجات الخاصة للطلاب ذوي الإعاقة، وكلها مما يستوجب معالجة متأنية.

في المقابل، يواجه الطلبة ذوو الإعاقة تحديات في التعامل مع زملائهم العاديين، وهنا نتفق وما أشارت إليه دراسة العدرة (2016) من أن هناك تحديات تواجه الطلبة ذوي الإعاقة في التعامل مع أقرانهم العاديين، تتمثل في النظرة السلبية من الطلبة العاديين نحو الطلبة ذوي الإعاقة، وصعوبة تكوين علاقات مع الطلبة العاديين، مع وجود تحديات أخرى من وجهة نظري؛ ومنها عدم تقبل الطلبة العاديين لفكرة الدمج لهذه الفئة في المدارس العادية، ونظرة الشفقة والعطف من الطلبة العاديين، والنفور من تقديم المساعدة لهم.

في المحصلة، ثمة واقع يتطلب تبني استراتيجيات وبرامج للتعاطي مع تلك الاتجاهات أو بصورة أدق التحديات، ودور الإدارة المدرسية يستوجب وجود" المدير المرشد" ، والتغيير لا يتأتى دون جهد موجه، وتشجيع الحوار المفتوح بين الطلاب، وبرامج تثقيف، وتشجيع الاندماج والتعاون، وتحفيز لطلبة العاديين للمشاركة في الحملات والنشاطات الخاصة بالطلبة ذوي الإعاقة، والتنسيق مع مؤسسات المجتمع المحلي المعنية بالأشخاص ذوي الإعاقة لتوعية الطلبة وتثقيفهم، وتقديم نماذج مشرقة من الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع.

الواقع ليس كما يؤمّل لكن المتاح قابل للاستثمار، والممكن كثير، ودور الإدارة المدرسية في تغيير الاتجاهات ليس دورا ثانويا، بل ركيزة وأساس؛ وأول المطلوب مراجعة متأنية فالإدماج يتطلب الاندماج، والتغيير لا يكون إلا بتغيير القناعات، وعلينا ألا ننسى ونحن نطالب بتغيير أدواتنا وأساليب التدريس أن تغيير العقلية والمنهجية هو الأهم، فدون تغيير حقيقي في درجة الإدراك سيظل التغيير ...أي تغيير هدفا بعيد المنال.

المراجع:

قرواني، خالد (2014). دور الادارة المدرسية في ايجاد بيئة مدرسية مشوقة في مدارس فلسطين - محافظة سلفيت انموذجا -. مجلة جامعة القدس المفتوحة للأبحاث والدراسات التربوية والنفسية، 2(5):51 – 99.

الجمل، سمير (2013). دور الإدارات المدرسية في رعاية الطلبة ذوي الإعاقة في المدارس الحكومية في محافظة الخليل. أماراباك، 4(8): 47 - 62.

العدرة، إبراهيم (2016). التحديات التي تواجه الطلبة ذوي الإعاقة في الجامعة الأردنية دراسة ميدانية. دراسات العلوم الإنسانية والاجتماعية، 43(5): 2013-2032.