الكاتب: د. محمد عودة
منذ طُرحت فكرة الحزام والطريق الصيني للمرة الأولى عام 2013 والولايات المتحدة الامريكية تبحث عن البديل من جهة والعمل على افشال المشروع الصيني من جهة اخرى
لذلك كان لا بد من تهيئة الظروف لذلك عبر تامين كل الممرات البحرية والبرية ، وومن اجل السيطرة على باب المندب بدأت الحرب على اليمن 2015 واستدرجت روسيا لاحقا الى مستنقع أوكرانيا ،وتم تهديد الصين بتسليح تايوان ومورست ضغوط شديد على دول كثيرة للانسحاب من المشروع الصيني وقد حصل مما وفر الظرف المناسب امام الولايات المتحدة لطرح مبادرتها الجديدة في قمة العشرين في الهند في سبتمبر 2023 ومن هنا يمكن فهم انقلاب الموقف الهندي .
فهل انخراط دول الخليج بما فيها السعودية ،الأردن ومصرفي المشروع هو سبب الصمت إن لم نقل المشاركة فيما يجري في فلسطين من إبادة جماعية وتطهير عرقي يضمن أمن هذا الطريق مستقبلا .
ومن اجل فهم العلاقة بين ما يجري وخط التجارة الجديد لا بد من تسليط الضوء على المشروع ، فقد أعلن قادة كل من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والهند والأمارات ،عن البدء بالعمل على تأسيس ممرات عبور خضراء عابرة للقارات وذلك في محاكاة لطريق التوابل الهندي القديم.
إن مشروع طريق التوابل والذي أعلن عنه كممرات عبور خضراء في مواجهة ما يطلق عليه “مبادرة الحزام والطريق” المخطط له بأن يربط الصين بالعالم عبر محاكاة طريق الحرير التاريخي الذي كان يمر عبر جنوب آسيا من تشآن الصينيه الى أنطاكية في تركيا بالإضافة إلى مواقع أخرى.
المشروع الصيني (الحزام والطريق) مخطط له أن يربط الصين بالعالم ليكون أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية كونه يرتكز على مشاريع النقل والمواصلات البرية والبحرية، متجاوزاً للمدائق البحرية التي تتحكم فيها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، كما يقوم المشروع على إنشاء شبكة من السكك الحديدية، وخطوط أنابيب الطاقة، وطرق سريعة لربط المدن الصينية بالوجهات التجارية في آسيا وروسيا وأوروبا.وقد تم دمج المشروع في دستور الصين عام 2017 باعتباره معزز للاتصال الإقليمي وإيجاد مستقبل اكثر اشراقا وقد تم تحديد سقف زمني لإنجازه في الذكرى المئة لتأسيس الصين الشعبية عام 2049.
أما طريق التوابل الجديد الذي أطلق عليه في قمة العشرين في ايلول 2023 الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا ( مخطط له بأن يسهم في تطوير وتأهيل البني التحتية التي تشمل السكك الحديدية وربط الموانئ ببعضها ،وزيادة مرور السلع والخدمات وتعزيز التبادل التجاري بين الأطراف المعنية من ممرين منفصلين هما ممر شرقي وممر شمالي:-
الممر الشرقي الذي سيربط الهند كمركز شرقي ويستقبل ويصدرا لدول مثل فيتنام وتايلاند وميانمار وبنغلاديش والتي لها 6 نقاط خروج للسكك الحديدية إلى الهند لهذا الممر الممتد، ويمكن استخدامها جميعًا.
الممر الشمالي الذي يربط الخليج بأوروبا، ويتصل من مومباي في الهند بحرا إلى ميناء دبي بالإمارات، ومن امارة دبى الى منطقة الغويفات الإماراتية عبرالسكك الحديدية ثم الى المملكة العربية السعودية كرابط الوصل والأهم في هذا المشروع الى ان يصل إلى جنوب الأردن، ثم غزة عبرقناة بن غوريون وومنها الى ميناء اشدود ثم الى مدينة حيفا ومنها بحراً إلى السواحل الجنوبية لأوروبا وتحديدا ميناء بيرايوس اليوناني تُنقل بعدها البضائع الى فرنسا وإيطاليا، ومنهما إلى دول وسط أوروبا وشمالها وغربها عن طريق السكك الحديدية.
بمحاذات الممر الشمالي سيتم نقل الطاقة الكهربائية والهيدروجين و الألياف البصرية، و البترول والغاز عبر خطوط وانابيب مخصصة لذلك
كما سيشمل خطوط للسكك الحديدية مستهدفاً بذلك تعزيز امن الطاقة عالمياً وميسراً نقل البضائع وفتح اسواق العالم إضافة الى تنمية الاقتصاد الرقمي عبر النقل والربط الرقمي للبيانات.مما يؤهل هذا الطريق لتجاوز ومنافسة الحزام والطريق الصيني. حيث انه يتجاوز الدول المضطربة في اسيا مثل الباكستان وأفغانستان. سيكون المشروع بتمويل خليجي وربما يقصي دول محورية مثل تركيا وإيران.
لقد اعلنت المملكة العربية السعودية للملا ان دورها في الجغرافيا السياسية وثرواتها الطبيعية الاقتصادية الكبيرة ومحاذاتها لإفريقيا المكتنزة الثروات الطبيعية لا يمكن ان يُستغنى عنها او تُستثنى من تلك الطرق القارية ولأيمكن أن تكون تابعة لأي من القوى الإقليمية. فهي قوة اقليمية في تعاظم، ودورها سيكون الأعظم في حلقة الوصل القارية والتي لا يمكن مجارات اهميتها الجغرافية بين دول العالم. وهذا يفسر صمتها على ما يجري في غزة .
أن الخط الناقل للنفط العراقي عبر المملكة إلى البحر الأحمر بدءا من منابع النفط العراقية وصولا إلى موانئ ينبع السعودية على البحر الأحمر، والخزانات العملاقة على الميناء من الممكن تأهيله واعادة تشغيله، ونرى هنا بأن الممر الاقتصادي الضخم سيكون رافداً جديدا للمدخولات الوطنية في عصر التقنية والطاقة المتجددة، والاستفادة من عوائده التنموية لرفع مستوى المواطنين، وسيكون عملاً مهماً في دمج مصالح دول القارات الثلاث وربط بعضها ببعض نحو مزيد من الاعتمادية المتبادلة ،للعلم هناك تفكير جدي لتوسيع هذا الطريق لاحقا ليشمل افريقيا ومن يدري الى اين مستقبلا.