السبت: 12/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

خطة الجنرالات دليل على عدم مغادرة إسرائيل مربع العمى الإستراتيجي

نشر بتاريخ: 08/09/2024 ( آخر تحديث: 08/09/2024 الساعة: 17:09 )

الكاتب:

اللواء المتقاعد: أحمد عيسى

باحث متخصص في أبحاث الأمن القومي الفلسطيني والإسرائيلي

نشر "منتدى الضباط وجنود الإحتياط" في الجيش الإسرائيلي يوم الأربعاء الماضي الموافق 4/9/2024، على موقعه الإلكتروني خطة تهدف الى الحاق الهزيمة بحركة حماس في قطاع غزة وحرمانها من شروط إعادة ترميم صفوفها وبنيتها، وكان اسم غيورا ايلاند هو الإسم الأبرز من بين الأسماء التي طورت الخطة.

وخرجت الخطة للعلن بعد أيام قليلة من الإعلان عن مقتل الأسرى الستة في أحد أنفاق رفح، الأمر الذي كان له بالغ الأثر على المجتمع الإسرائيلي والإئتلاف الحاكم، مما يجعل من المشروع الإستنتاج أن الأسرى الإسرائيليين في قبضة المقاومة هم أحد عناصر قوة الأخيرة في الضغط على الحكومة الإسرائيلية.

تقترح الخطة أن يضاف التهجير والتجويع حتى الموت كأسلحة اضافية في حرب الإبادة التي تشنها اسرائيل على الفلسطينيين في قطاع غزة، كما تقترح الخطة أن يبدأ تنفيذ الخطة في منطقة شمال قطاع غزة التي تضم محافظتين من محافظات قطاع غزة هما محافظتي غزة والشمال، اي المنطقة الواقعة بين محور نتساريم جنوب مدينة غزة والسياج الحدودي الشمالي الفاصل بين قطاع غزة ودولة الإحتلال، والتي تشكل ما نسبته 38% من مساحة القطاع، ويقطن فيها ما نسبته 50% من سكان القطاع، وأن يتم نقل تنفيذ الخطة الى باقي محافظات القطاع إذا لم تستسلم المقاومة في الشمال وتلقي سلاحها وترفع الراية البيضاء.

وفيما تتوعد الخطة الشعب الفلسطيني بالمزيد من القتل والإبادة والتجويع والتهجير، الأمر الذي يدلل على أن التهجير لا زال خيارا قائما وتسعى إسرائيل لفرضه على الفلسطينيين والعرب والمسلمين والعالم باسره، إلا أنها اي الخطة تعتبر دليل إضافي بأن العمى الإستراتيجي أصبح صفة أصيلة من صفات إسرائيل كدولة.

ويشير العمي الإستراتيجي وفقا لشروحات الخبراء في الأمن القومي والعلوم الإستراتيجية الى الفشل في إدراك أو فهم التهديدات أو الفرص الإستراتيجية سواء على المستوى العسكري أو السياسي أو الإقتصادي، ويحدث العمى الإستراتيجي عندما تتجاهل القيادة أو الدولة معلومات حيوية بشأن الأحداث المستقبلية المترتبة على تصرفاتها التي قد تؤثر بشكل كبير على مصالحها.

ويضيف الخبراء أن العمى الإستراتيجي ينجم نتيجة لعدة اسباب أهما:

  1. الإفتراضات الخاطئة

  2. التحيزات المعرفية

  3. التركيز على الأهداف قصيرة المدى.

  4. الإفتقار الى المعلومات الصحيحة المؤكدة

  5. تكرار تجارب ثبت فشلها

  6. توظيف الكذب والخداع في كسب الرأي العام المحلي والخارجي

  7. قيادة سياسية غير مؤهلة

وتظهر الدراسة السريعة لواقع إسرائيل الإستراتيجي خلال العقدين الماضيين على الأقل ثم قراءة السياق الذي أحاط بمبادرة الجنرالات الى تطوير الخطة أن الشروط السبعة المشار اليها في الفقرة السابقة تتوفر في إسرائيل بشكل صارخ وملموس من قبل أصغر الإسرائيليين سناً، الأمر الذي لم تتجاهله الخطة في متن نصوصها، إذ كان الفشل في تحقيق أي من أهداف الحرب بعد مرور عام تقريبا على بدئها هو المحرك والدافع الرئيس لتطوير الخطة.

وكان ايمان الجنرالات بالحاجة الى تطوير قيادة الدولة السياسية والعسكرية ورفدها بكفاءات جديدة، لأنها لم تعد قيادة كفؤة لقيادة الدولة محرك لإنشاء منتدى الجنرالات نفسه كما يبدو واضحا في بطاقة تعريف المنتدى، أما باقي أسباب إنتاج العمى الإستراتيجي فتعج بها وسائل الإعلام الإسرائيلية، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر قول الجنرال المتقاعد يسرائيل زيف قبل يومين على شاشة القناة الإسرائيلية N12 أن إسرائيل تعمل بدون إستراتيجية.

ما تقدم يعني أن إسرائيل العمياء قد أصبحت خطر على مواطنيها وعلى الأمن والإستقرار في العالم والإقليم وفي مقدمتهم الشعب الفلسطيني على الأرض الفلسطينية، الأمر الذي يفرض على الشعب الفلسطيني وقيادته ونخبه المسارعة الى تطوير ما يلزم من خطط واستراتيجيات واختيار من هم مؤتمنين من صفوفهم في هذه اللحظة من الزمن على تنفيرذ هذه الخطط والإستراتيجيات، أولا لمواجهة الأسوأ القادم، ثم لإستثمار ما باتت تشكله إسرائيل من خطر على مواطنيها وشركائها وحلفائها الجدد والقدماء وعلى العالم بأسره في خدمة المصالح الوطنية الفلسطينية العليا.