الكاتب: يونس العموري
أيها الصامتون، الساكتون، المستكينون، المنتظرون، أيها الكل الغاضب بصمت، أيها الرجال والنساء والأطفال والشيوخ ... لا صوت يعلو فوق صمتكم ، وهي صرخة الكل وان كان صامتا مسكونا بالألم ويلوذ بالفرار بالركن البعيد من زوايا الازقة مراقبا متيقظا محاولا ان يقتنص اللحظة المواتية والمناسبة لإطلاق العنان لصرخة مكتومة، هي المناشدة العاجلة لجموع المنتظرين منذ عقود لوعود الشتاء، فبرجاء الانتباه، ولابد لكم من الانتباه، وعدم الانجراف ، ففلسطين ما زالت تحت الاحتلال، والاسم الرسمي لها (الأراضي الفلسطينية المحتلة) وقوانين الثورة الشعبية والمقاومة هي من تفرض نفسها وذاتها قسرا وان حاول البعض تهجين وتدجين قوانين مرحلة فلسطين ، قولوا ( لا ) للاحتلال ، ولكل مشاريع التصفية وإحالتكم الى كم مهمل في أتون لعبة الكبار والمصالح سيدة الموقف، وحاولوا قول ( اللا ) لمن يحاول ان يقول ( النعم ) العبثية واخرجوا بغضبكم ولوحوا بقبضات اياديكم بالسماء وارفعوا راية فلسطين ولا تخجلوا من انتمائكم وفكركم فنحن متنوعون والطبيعي ان نكون كذلك ، لا تموتوا تحت وطأة التنكر للتاريخ النضالي الثوري المقاوم ولا تخرجوا من عباءة الفعل الكفاحي المتراكم واعلموا انما أنتم امتداد لهذا التاريخ الذي بدأ منذ عقود. قولوا (اللا) لكل ما تعتقدون انه يجيء من الغرف المظلمة سوادية القرار والهادفة الى ابتزاز فلسطين، قولوا (اللا ) الصارخة للضامن والمضمون وللحاكم والمحكوم ومن يحاول ان يصنع منكم حطبا لإشعال نار الموقد في جحره البعيد عن همومكم.
لتعلموا أن من يرث البيت والمسكن والأرض هم الأقوياء والتاريخ لا يتوقف كثيرا عند تغير الأسماء وسيمحو من ذاكرته أسماءكم ودلالات وجودكم إن بقيتم بإسدال حلبة القتل دائرين دون أن تقاتلوا وتسطروا مواقف تعرفكم الأرض من خلالها، والثورة هي صناعة وحياكة المستحيل ولبس أثواب العزة فانزعوا عنكم ثوب العبيد، ولتكن بداياتكم من حيث أنتم الآن، اخرجوا من عباءات أمرائكم وسيطروا على مشاهد يومكم، ولا تنحنوا للريح وكونوا كما أنتم ولا تزيفوا حقائقكم ولا تجاملوا فالانحناء مر، وعلموا أطفالكم ركوب المستحيل والله سيتكفل باليتامى والمساكين وعابري السبيل إن كانوا ممن يملكون الايمان بحتمية إنسانيتهم وبقدرتهم على أن يكونوا بشرا لهم القدرة على تحدي قوانين الظلم والظالم والمظلوم،،،،
قليلا من الصبر، انتظروا الأقصوصة من اولها، هنا ارتقى الشهيد، وهناك كانت له رواية اخرى مع الحياة، وبدروب العشق كان ينتظرها، وبأزقة مدينته كانت له أحلام ورؤى وقد تكون اساطير، كان الشاهد على فعل الذبح لمستقبل بسيط ينتظره ولقبلة يختلسها عند غروب الشمس، اقتحم لحظتي وتأهب بكل وقاره واختفى عن الانظار، وتاه بدروب الحقيقة ما بين الانتظار والمكوث عند بوابة بيت الرب، صرخ صرخة مدوية بوجه من يعتلي منبر جعجعة المفردات النحوية محاولا الا يخطئ بقواميس اللغة العربية، وتجهم وجهه الجميل.
انتظروا قليلا … هنا النبي الفلسطيني الاول ابن البتول استشهد كشاهد على الذبح للمحبة منذ البدايات ورابية الجلجلة بقيت الشاهدة على جريمة الصلب.. وما بين ناصرة البشارة وارض الميلاد كانت مسيرة العذراء، وكانت القيامة وبالسماء عاد المسيح كشاهد على الفعل والذبح والقتل بأرض التاريخ …
هل أتاكم الحديث الجغرافي الجديد للمعنى المتربص للتاريخ؟ فللجغرافيا مكان آخر أيها السادة برمل الصحراء، وللوحات الممهورة بتوقيع سادة الصدفة زمن آخر أيها القادمون إلى منصات التتويج بشكل هامشي وعابر، والمرارة قد تصبح سيدة للموقف عندما وقفنا مندهشين للمعنى المسخ المشوه الذي اعتدى على تراتيل المؤمنين القابعين تحت شجر الصنوبر، وزهر اللوز يزهي بألوانه منذ الآلاف القرون، والحجر الكنعاني الرابض بالمكان هناك على تلال الكرمل ما زال يتربص الفرصة لينطق بعروبته وبلغة الضاد التي ما انفكت أن صرخت باسم ثكالى الجليل ورجال كان أن عادوا عند أول الصبح ببطن تلال الكرمل، والمرج والسهل لا يقبل إلا القمح زرعا،،،،
كونوا أنتم الضجيج واقلعوا وانبذوا كل من يعترض دربكم، وطريقكم تعرفونها جيدا، ومسار مغامراتكم تعون حقيقتها، واعقدوا العزم للعودة الى دياركم مكرمين مهللين، وانزعوا عنكم ثوب الخنوع ولا تصفقوا الا لصراخكم، ومن يقارع عتمة الليل في العلب الأسمنتية، اجمعوا ثنايا قواكم واقتحموا كل حصون القلاع الحائلة بينكم وبين القرار، وكونوا أنتم القرار.