الإثنين: 02/06/2025 بتوقيت القدس الشريف

لماذا تمنع اسرائيل الوفد العربي من زيارة رام الله؟

نشر بتاريخ: 01/06/2025 ( آخر تحديث: 01/06/2025 الساعة: 09:06 )

الكاتب: أمير مخول

سواء بقي التعنت الاسرائيلي في منع وفد وزراء الخارجية العرب برئاسة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان من زيادة رام الله، أم أن اسرائيل ستتراجع تحت الضغط، فإن الرفض الاسرائيلي هو دلالة على قوة التحرك العربي بما فيها الفلسطيني والدولي، وهو من المتغيرات الحاصلة في المنطقة وفيه اشارة الى تراجع أثر اسرائيل ودورها اقليميا ودوليا وحتى امام
الولايات المتحدة..
– يشكل الحظر الاسرائيلي السياسي والمجاهر على دخول وفد وزراء الخارجية العر ب السعودي والمصري والاردني والإماراتي والعماني الى رام الله واللقاء مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بمثابة تحدٍّ جوهري للإرادة العربية والدولية على السواء. كما يندرج في المعركة الكبرى بالنسبة لنتنياهو وحكومته وهي وقف مد الاعترافات الدولية المزمعة بدولة فلسطين والتعطيل الصدامي على مؤتمر نيويورك الفلسطيني العربي الدولي برئاسة كل من السعودية وفرنسا للدفع نحو اقامة الدولة الفلسطينية.
– يشكل الحظر دليلا على نوايا اسرائيل في استهداف اية مؤشرات سيادة فلسطينية، ولعودة فلسطين لتكون قضية العرب الاولى ومتصدرة جدول الاعمال العربي والدولي. فيما كانت الاستراتيجية الاسرائيلية قائمة على اعتبار الصراع العربي الاسرائيلي لا مبرر له، وبأن قضية فلسطين تشكل عائقا امام الاتفاقات الإبراهيمية، وبأنها قد أسقطت مع اولويات البلدان العربية، وذلك في مسعى اسرائيلي امريكي لإقامة تحالف أمني اقتصادي اقليمي في مركزه اسرائيل ولمواجهة إيران.
– بدوره أعلن وزير الامن الاسرائيلي يسرائيل كاتس انه مقابل كل اعتراف بدولة فلسطين سيكون الرد على ارض الواقع الفلسطيني بضم المزيد من الاراضي وتوسيع الاستيطان. اي تقويض مقومات الدولة العتيدة. في تصريحه يؤكد الوزير بأن الرد الاسرائيلي لن ينحصر في الدبلوماسية، بل على الارض وبخطوات تحبط المجهود الدولي وفقا له وتجعله عبثيا.
– ترى الحكومة الاسرائيلية بإن مسار العلاقات الامريكية السعودية بات يتجاوز اولويات اسرائيل ويهدد وضعيتها الاستراتيجية اقليميا ودوليا، إذ ان تعويل ادارة ترامب على الدور السعودي وعلى وزن المملكة دوليا انما يقلل من محورية الدور الاسرائيلي الذي ساد سابقا. ثم ان اسرائيل تخشى المحاور الاقليمية الجديدة التي بلورتها ادارة ترامب في الملفات الاقليمية بما فيها الملف السوري والملف الايراني الذي تصدم اولويات اسرائيل في التصعيد الحربي معها مع اولوية النظام العربي في منع الحرب واستبعادها ليكون أقرب الى الموقف الامريكي في هذا الصدد، وكابحا له في حال تغير.
– تدرك الحكومة الاسرائيلية بأن منعها زيارة الوفد الوزاري الى رام الله، قد يرتد عليها بنتائج عكسية، الا انه مفيد لنتنياهو في سياسته الداخلية امام كتلة اقصى اليمين الحاكم ومع اقتراب الانتخابات في حال أُجريت، سيتم اخضاع اي موقف في السياسة الخارجية لمتطلبات اليمين الانتخابية. كما تدرك حكومة نتنياهو بأن منع دخول الوفد الوزاري لن يؤثر جوهريا على الاستعدادات لمؤتمر نيويورك الدولي للدفع نحو دولة فلسطينية، ولن يشكل رادعا للتحولات الدولية وحصريا الاوروبية لصالح الدولة الفلسطينية، ولن تلاقي الرضى لدى ادارة ترامب، كما ان المنع لن يؤثر سلباً على وضعية السلطة الفلسطينية المستهدفة وجودبا من قبل اسرائيل. وقد تأمل حكومة نتنياهو بأن المنع سيدفع السعودية والدول العربية الى القبول بشروط سياسية اسرائيلية لزيارة رام الله.
– وفقا للمنطق الاسرائيلي الحاكم فإن التصعيد الاحتلالي في الضفة الغربية منذ بداية الحرب على غزة، هو جزء لا يتجزأ من هذه الحرب وقد اعلنت ذلك رسميا في ايلول/سبتمبر 2024 بأن الضفة الغربية هي جبهة حرب. كما رفضت حكومة نتنياهو اية صيغة تتحدث عن “اليوم التالي” للحرب على غزة تمنح السلطة الفلسطينية اي دور في ادارة القطاع. يستند هذا الموقف الى رفض اي رابط مصيري كياني بين الضفة الغربية وقطاع غزة تحاشيا لأية بنية لكيانية فلسطينية وكم بالحري دولة فلسطينية. وهو موقف عبر عنه نتنياهو في بداية الحرب على غزة حين أطلق تصريحه بأنه لا يريد لا “حماستان” ولا “فتحستان”.
– في المقابل سعت الحكومة الاسرائيلية الى الربط بين الضفة والقطاع في سياق ما يجري على ارض الواقع من مساع لسياسة مقايضة يمينية، اي مقابل كل تراجع او انسحاب او صفقة في غزة، يتم توسيع الاستيطان وحدود الضم في الضفة الغربية. وهو ما يتيح تعزيز وثاق الائتلاف الحاكم بين الليكود وحزبي الصهيونية الدينية.
– استراتيجيا تخشى حكومة نتنياهو من اي تعزيز لنفوذ السلطة الفلسطينية بكونها تبني استراتيجيتها على قيام دولة فلسطين في حدود الرابع من حزيران 1967، وعلى النقيض تماما من الاستراتيجية الإسرائيلية الحاكمة بمنع هذه الدولة في أي ظرف.

للخلاصة:

**قد تتراجع اسرائيل عن قرارها بمنع الوفد الوزاري العربي من زيارة رام الله، وذلك نتيجة للضغوطات الدولية، وقد تمنح الاولوية للسياسة اليمينية الداخلية لتضمن تماسك الائتلاف الحاكم وتحويل منع الدولة الفلسطينية الى جدول اعمال المعركة الانتخابية القادمة في حال جرت انتخابات، ليدعي نتنياهو بأنه الوحيد القادر على التصدي لمساعي اقامة دولة فلسطينية.
**يؤكد القرار الاسرائيلي الاحتلالي على مدى انسداد الافق نتيجة تغييب اية امكانية لحل سياسي. في المقابل يعزز الاصوات الدولية الداعية الى فرض حل الدولتين ضمن تقدير بأنه لن يتأتّى من الطرف الاسرائيلي ولا يستطيع الطرف الفلسطيني تحقيقه ذاتيا.
**التوقعات من مؤتمر نيويورك الدولي لإقامة دولة فلسطينية هي توقعات كبيرة، مما يتطلب مواصلة تعزيز وحدة الموقف العربي الرسمي وعلى ضوء التحولات الدولية العميقة بشأن الموقف من اسرائيل وفلسطين.