الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

مساهمة في الحوار... مشروع لحل مشكلة رواتب موظفي سلطة حماس

نشر بتاريخ: 26/02/2015 ( آخر تحديث: 26/02/2015 الساعة: 10:55 )

الكاتب: جميل المجدلاوي

لقد قدمت حماس تنازلين كبيرين للوصول إلى اتفاق الشاطئ 23/4/2014 هما:
أ‌- الموافقة الضمنية – أو على الأقل عدم الاعتراض الواضح – على الإعلانات المتكررة من الرئيس أبو مازن بأن حكومة التوافق الوطني هي حكومته وبرنامجها برنامجه، بما في ذلك التنسيق الأمني، وهذا برأيي تنازل هام وأساسي، لأنه ينطوي على تنازلات ذات طبيعة برنامجية تُفقد حماس الكثير من ركائز خطابها السياسي حيث كانت تُبرز التناقض بين "برنامجين" باعتباره السبب الأساس والرئيس للانقسام.

ب‌- التسليم بتشكيل الحكومة كما قررها الرئيس أبو مازن وهو يعلن أنه صاحب القرار بتشكيلها، ولا يلزمه ترشيح أي من القوى بما في ذلك حماس وفتح نفسها، وهو تنازل مهم، خاصة إذا تذكّرنا كيف كانت حماس تُفاوض وتُساوم وتنتزع وزاراتها عند تشكيل حكومة الوحدة الوطنية إثر اتفاق مكة.
وبعد تقديم هذه التنازلات يصعب جداً على حماس أن تتخلى عن كوادرها وأعضائها وتتركهم تحت رحمة قرارات لا تستبعد قيادة حماس أن تنطوي على نزعات ثأرية يخشى منها الحمساويون ويحسبون لها ألف حساب، وتعتقد قيادة حماس أن تخليها أو تنازلها في ملف حقوق "موظفيها" سيُشكّل بداية لنقل التناقض ليصبح تناقضاً حمساوياً داخلياً، تفقد فيه قيادة حماس ثقة أعضائها بكل ما لهذا الأمر من تداعيات.

في كل الأحوال، فلا أحد معني بالشأن العام وبالعمل على إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة يستطيع الوقوف على الحياد في معالجة هذا الملف، أو ما يمكن أن يتفق عليه طرفي الانقسام، فهو موضوع سياسي اجتماعي بامتياز وله تأثيراته الراهنة والمستقبلية على المؤسسة الفلسطينية وعلى جيل فلسطيني حالي وجيل قادم على الأقل.
انطلاقاً من اتفاقيات المصالحة في القاهرة والشاطئ وبالاستفادة من بعض ما جاء في خريطة الطريق السويسرية لدمج الموظفين، أقترح ما يلي:

أولاً: مرجعيات المعالجة المقترحة:
1- اتفاقيات المصالحة وبخاصة 2009 و4/5/2011
2- إعلان الشاطئ.
3- ما كشفه الواقع من تعقيدات.

ثانياً: أسس ومبادئ المعالجة المقترحة:
1- ضمان الراتب لكل العاملين المدنيين والعسكريين الذين كانوا على رأس عملهم يوم 14/6/2007 بمن في ذلك من شُطبت قيودهم أو قُطعت رواتبهم من قبل السلطة واستمروا في أداء عملهم في قطاع غزة.
2- ضمان راتب مقطوع، على غرار فئة 2005 للعاملين في قطاع غزة الذين جرى تعيينهم بعد يونيه 2007 وذلك لفترة مؤقتة تستمر طيلة عمل اللجنة الإدارية والقانونية التي نص عليها اتفاق القاهرة.
3- تباشر اللجنة الإدارية والقانونية عملها في إطار المدة الزمنية التي نص عليها اتفاق القاهرة ويجري استيعاب الموظفين وفقاً لإمكانات السلطة ولحاجة وهيكليات الوزارات المختلفة مع ترك نسبة الثلث من الشواغر لموظفين وعاملين جدد بما يساعد على التخفيف من حدة البطالة التي استمرت لسنوات بالنسبة لقطاع واسع من أبناء القطاع ويحقق تطوير العمل بالاستفادة من الكفاءات المتجددة في مختلف المجالات.
4- من لا يتم استيعابهم في الشواغر يكون لهم ومع فئة 2005 الأولوية بنسبة 50% من الوظائف المستجدة في السنوات الثلاث القادمة، إذا توفرت فيهم شروط ومواصفات الوظيفة المطلوبة، لنضمن بذلك عدم التنكر لهم من جهة، وضمان تجديد وتطوير الوظيفة الرسمية وإتاحة فرص العمل للمتقدمين الجدد من جهة أخرى.
5- "تنفيذ وتمويل خيارات للمساعدة في دمج الموظفين الذين لم يتم دمجهم في جهاز الخدمة المدنية مثل التشارك في الوظيفة أو الدعم بمنح قروض ميسّرة .. الخ" كما جاء في خارطة الطريق السويسرية وكما جاء في بعض قرارات الحكومة خلال شهر كانون أول الماضي.
6- بالنسبة للأجهزة الأمنية، يتم تطبيق ما جاء في اتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني في القاهرة آذار 2009 تحت عنوان "اللجنة الأمنية العليا والاستيعاب".
• التأكيد على حق الضمان الوظيفي لجميع العاملين بالأجهزة الأمنية (استيعاب، إحالة للتقاعد، نقل إلى وظائف مدنية ...).
• تبدأ عملية استيعاب عدد (ثلاثة آلاف) عنصر من منتسبي الأجهزة الأمنية السابقة في الشرطة والأمن الوطني والدفاع المدني في الأجهزة القائمة في قطاع غزة .. على أن يزداد هذا العدد تدريجياً حتى إجراء الانتخابات التشريعية وفق آلية يتم التوافق عليها.
7- تطبيق البنود الواردة أعلاه في (6) على المنتسبين حتى نهاية مايو 2011، ومن جرى تفريغهم بعد هذا التاريخ ينطبق عليهم مبدأ الراتب المقطوع واستيعابهم المتدرج وفق حاجة وهيكلية الأجهزة الأمنية وقوانينها الناظمة.
8- تباشر اللجنة الإدارية والقانونية عملها بعد توقيع الاتفاق النهائي وفقاً لما جاء في الاتفاقات السابقة.
9- "جميع القرارات التي تتخذها اللجنة الإدارية والقانونية ستكون خاضعة لحقوق الطعن والإجراءات القانونية الواجبة" كما تقترح الوثيقة السويسرية.
إن مرور ما يقارب ثمان سنوات على هذا الانقسام الكارثي البغيض يعني أن آلافاً من موظفي السلطة قد غادروا مواقعهم، بالوفاة، أو التقاعد، أو السفر الطويل، والكثيرين سيعمدون إلى تقاعد مبكر، بما يفتح الباب لاستيعاب الآلاف من موظفي سلطة حماس ما بعد 14/6/2007 لتملأ هياكل الوزارات والمؤسسات الرسمية المختلفة حتى ذلك التاريخ، وإذا أخذنا التوسع الطبيعي لأي مؤسسة بعد ثماني سنوات، وأضيف إلى كل ذلك عودة قيود ورواتب الآلاف الذين قطعت رواتبهم، فإنه يتضح لنا أن مشكلة الموظفين التي نحن بصددها أقل بكثير مما يروّجه طرفا الانقسام، وسبل معالجتها ممكنة من حيث الإمكانيات ومن حيث مراعاة اعتبارات علاقات السلطة مع مختلف الأطراف بما في ذلك الممولين الدوليين.

ما أقدمه في هذه الورقة أفكاراً، أسعى منها بالإضافة إلى الاجتهاد في تقديم الحلول العمل على فتح حوار إيجابي لكل الجوانب التي يتذرع بها طرفي الانقسام، مع إدراكي أن المشكلة الأساس تكمن في عدم توفر الإرادة السياسية لدى الطرفين للسير إلى الأمام على طريق إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، فكلٌ منهما ينتظر تطورات إقليمية أو دولية تصب الحبّ في طاحونته، وسيكتشف الطرفان أنهما ينتظران حَباً وهمياً لن يأتي لأي منهما، وآمل أن لا يطول انتظار الطرفين حتى لا يدفع شعبنا أثماناً مضاعفة من الأرض والدم والمعاناة جراء حسابات ومراهنات خاطئة وضارة سيكتوي بنارها الجميع.