الأربعاء: 24/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

مهما كانت قساوة الظروف، علينا التمسك بالثوابت الفلسطينية

نشر بتاريخ: 02/04/2015 ( آخر تحديث: 02/04/2015 الساعة: 13:41 )

الكاتب: عباس الجمعة

اردت ان اتوقف في هذه اللحظة ونحن نقف امام مناسبة عظيمة انها يوم الارض هذا اليوم العظيم الذي انتفض فيه شعبنا ليدافع عن ارضه في مواجهة سياسة التهويد فقدم ستة من شهدائه الذين وهبوا حياتهم في سبيل قضية فلسطين والأمة العربية ، ونحن نستذكر كا شهداء فلسطين والامة العربية الذين استشهدوا وهم يحلمون بالحرية والتقدم، تاريخ مجيد حافل بالعطاء والصدق ، وفي نفس الوقت حافل بالتضحيات والآلام والدموع، أستذكر كل ذلك، لاننا لم ننسى المناضلين العرب واحرار العالم الذين تدفقوا ليحملوا راية فلسطين، ورغم ذلك ارى في هذه اللحظة والمرحلة، حالة من التراجع والإحباط والتساوق مع المشاريع الأمريكية والإسرائيلية.

فنحن من تربينا وترعرعنا في مسيرة النضال وفي الثورة الفلسطينية المعاصرة ، نقول رغم كارثية اللحظة وقساوة التحديات، يجب ان نمسك بخيط الأمل، ليس من منطلقٍ عاطفي، وإنما لأننا ندرك طبيعة الصراع، وندرك أصالة الشعب الفلسطيني والشعوب العربيه ، وعلينا ان نتعلم من دروس التاريخ، وبأن الهزائم والإحباط ومهما امتدت زمنيا فإنها تبقى مؤقتة وعابرة، فالشعوب في نهاية المطاف هي صاحبة الكلمة والفصل، وهي قادرة على أن تطلق أحلامها وآمالها مقاومةً وصموداً ودفاعاً عن أهلها ومصالحها.
وشعب فلسطين بما يمثل من حقيقة ديموغرافية وتطلعات تحررية وعدالة قضية وبما له من عمقٍ حضاري وإنساني، ومن تجارب وتراثٍ نضالي وتضحيات، فهو شعب المستقبل، شعب الحياة، مهما بدت الأمور صعبةً وقاسية في هذه الأيام.

من هنا كان مفترض ان نتمسك بموقف الحياد من الاحداث العربيه ، وخاصة ان ننضم الى الجهود المخلصة الرامية الى وقف نزيف الدم اليمني والتوصل الى حل سياسي يضمن لليمن وحدتها الوطنية ويحقق اماني شعبها الشقيق وتطور نظامها السياسي الديمقراطي التعددي، بما يعزز وحدة العالم العربي في مواجهة التحديات ، كما كان موقفنا من كل ما يجري في المنطقة، لاننا نعي تماما مصلحة قضيتنا الوطنيه ، ونعي تماما ما تريده الادارة الامريكية وحلفائها من المشهد الفوضوي الحاصل في المنطقة ، حيث تعدّدت الاستراتيجيات الأميركية في المنطقة عبر مراحل زمنية متعاقبة، والهدف بقي مستقراً نسبياً، وهو ضمان تدفق النفط الخليجي إليها وإلى الغرب، وضمان أمن كيان الاحتلال، والعمل على تعميم فكرة الهدم الكامل لكيانات الدول العربيه وخاصة الجمهوريات، سياسيا وثقافيا وحضاريا، وإعادة تشكيلها طائفيا ومذهبيا وعرقيا بما يخدم مصالحها الحيوية، وحتى تصبح معها إسرائيل الدولة اليهودية كياناً طبيعياً في شرق أوسط جديد كياناته السياسية دينية وعرقية وحتى مذهبية.

طبعاً هذه السياسة الأميركية الجديدة في المنطقة يمكن تسميتها بـالعبثية المنظمة، وهي ليست استمراراً لاستراتيجية الفوضى البناءة، لأنها لا تعتمد على خطط لبناء كيانات جديدة، منبثقة عن نتيجة محتملة للصراعات، بل استمرار بؤر الصراع على فترات زمنية طويلة، بما يضمن الاستنزاف المستمرّ لدول تلك المنطقة، ويمنع قوى دولية من الاستفادة مما تبقى من ثروات في دول هذه المنطقة، ومعها تبقى دولة الاحتلال في مأمن من أيّ خطر وجودي، بل من المحتمل تحولها إلى وكيل الادارة الأميركيه .
لذلك نقول الأمة العربية ليست مجرد قبائل متناحرة، أو أمة ولدت على هامش التاريخ، وإنما هي أمة كان لها مأثرة في قيادة العالم على مدار قرون متتالية، أمة عريقة ذات تراثٍ ومنجزات إنسانية ، وهي بما تختزنه من إمكانيات بشرية واقتصادية واستراتيجية إنما هي مجبرة على مواجهة المخططات التي تستهدف وجودها اتصالاً بتطلعاتها المستقبلية.

لقد اثبتت الثورة الفلسطينية وفق حقائق التاريخ والواقع، بتضحياتها، بدماء شهدائها، وصمود أسراها، وعطاء شعبها، ورؤية مختلف فصائلها السياسية، ممارسة نضالية كبيرة تجلت في التفاف قطاعات شعبية واسعة حولها على المستويين الفلسطيني والعربي،واحتلت منظمة التحرير الفلسطينية المكانة المتقدمة في التاريخ الفلسطيني المعاصر ، من خلال المشروع الوطني ولا بد لنا من الحفاظ على التجارب النضاليه والانتصارات التي تحققت بفعل تضحيات الشعب الفلسطيني ، وممارسة الشكل النضالي الملائم مع التطورات السياسية.

إن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عدوان ومخططات وممارسات الاحتلال وسياسته، تبين جوهر المشروع الصهيوني كمشروع استيطاني عنصري يستهدف الهيمنة السياسية والاقتصادية على فلسطين والأمة العربية وكل ذلك تحت مظلة عسكرية تستند إلى تفوقها المطلق سواء في الأسلحة التقليدية أو النووية، وبإسناد كامل من الولايات المتحدة الأمريكية. وبهذا المعنى يأخذ حل التناقض التناحري مفهوم حل الصراع على أساس التصفية السياسية للقضية الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية والتاريخية وفرض الرضوخ والاستسلام على الأطراف العربية وإجبارها على التساوق مع المشروع المعادي والانزلاق فيه، و أن هدف الضغوط على القيادة الفلسطينية بالعودة الى مسار المفاوضات لا يتعدى إدارة الأزمة دون حل لها ، بما يتيح للتحالف الأمريكي الصهيوني تحقيق انتصارات ونجاحات توسعية استعمارية.

وبالرغم من كثافة الحملة الإعلامية، العالمية والعربية، والتي تحاول ترويج العملية الجارية على أنها "عملية سلام"، هذه الحملة والتي تجد لها صدا وتأثيرا على شعوبنا العربية، في الوقت الذي تثبت فيه الحقائق التاريخ ، أن مايجري يأتي في ظل الاوضاع التي تشهدها المنطقة ، بهدف فرض تسوية لا تلبي الحد الأدنى من الحقوق المشروعة والتاريخية لشعبنا وأمتنا ، لذلك يجب ان لا نقوض أسس الاستراتيجية السياسية لصالح السياسة الجارية، وهذا ما عكسته قرارات المجالس الوطنية والمركزية الفلسطينية التي أكدت على العلاقة الجدلية بين الاستراتيجي والمرحلي في النضال، ما بين البرنامج السياسي وتفعيل وتطوير مؤسسات م.ت.ف.

ان قبول فلسطين في محكمة الجنايات الدولية هو انتصار للشعب الفلسطيني ، وهذه الخطوة الهامة تمثل نقلة نوعية للنضال الوطني الفلسطيني على كافة المستويات بما فيها المستوى القانوني ، وهذا يستدعي متابعة جدية وحثيثة لاستكمال اعداد الوثائق والملفات وتقديمها حتى يتسنى دراستها وفق الاجراءات والانظمة المعمول بها لدى المحكمة ووفق اختصاصها ، وكذلك اطلاع الشعب الفلسطيني على مجريات القضية ومراحلها المختلفة ، مما يتطلب اسناد عمل اللجنة الوطنية بمختصيين قانونيين وخبراء في القانون الدولي ولجان دعم فني ووفق اختصاصات محددة لتعزيز الدور المناط بها بما يكفل استمرار ادائها وعملها .

ان المرحلة التي يمر بها الشعب الفلسطيني هي مرحلة التحرر الوطني، التي تتطلب حشد وتعبئة كل طاقات الشعب، كون هدفها هو المصلحة الوطنية العليا ، وأن نكون بمستوى ترجمة هذا الخط الصائب ، وحشد أوسع إطار دولي لنصرة القضية الفلسطينية إلى جانب بعديها الفلسطيني والعربي، وذلك إدراكاً لحجم معسكر العدو وما يملكه من إمكانات، و إقامة شبكة علاقات تحالفية واسعة النطاق، تتبادل العون والمساعدة مع حركات التحرر القوى التقدمية والديمقراطية على المستوى العالمي.

وفي ظل هذه الظروف نؤكد مهما كانت قساوة الظروف، علينا التمسك بالثوابت الفلسطينية، ومخاطبة القوى الصديقة بالاستناد لقرارات الشرعية الدولية، بهدف استعادة فاعلية البعد الدولي المساند لقضيتنا في مواجهة حالة التفرد الأمريكي في رسم وفرض المخططات على شعبنا وأمتنا، واستعادة ثقة الحركة الشعبية بمشروعها الوطني .
ختاما : لا بد من القول ان التمسك بالمشروع الوطني وقرارات الاجماع والثوابت وبالمقاومة بكافة اشكالها، ونقل ملف القضية الفلسطينية الى الامم المتحدة للمطالبة بتنفيذ قرارات الشرعيه الدولية ذات الصلة ،ومواصلة مسيرة النضال هو اكبر انجاز يقدم لشهداء يوم الارض وشهداء فلسطين من اجل تحقيق الأهداف المشروعه للشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال والعودة.