سيمفونية الندى

الكاتب: د. نايف جراد

1. ألق الميلاد والتسامي

أفاقت شجية آخر الليل
تسامر القمر البدر
وتغازل النجوم المتلألئة بحياء
أمسكت بفم الناي المجروح
تعتصر الحنان
تستجدي الرجاء
فشردت من الغيوم السابحة في ملكوتها
جمعت ذرات وجدها عند السحر ..
وراحت ترفل بثياب الصفاء
تلامس بأناملها الساحرة نسيم البر ..
تتسلل كعاشق ولهان الى رموش الأرض
تدق باب الفجر بخجل
ليصحو على بريق الضياء
تتهادى على خدود الورد قبلة
تسقي عشقها للبراعم وعشب الروح
تهمس للصباح بحروف الود
تبث عبيرها كي يحاكي النهار البهاء
وتمسك بيد الضحى راقصة
تداعب خيوط الشمس في بهو الفضاء...
تتسامى زاهية كفراشة شفافة في السماء..
تنير نهارنا بمصباح فتنتها
محمولة على بساط الجمال
تمنحنا الدفء على طول المدى
تعزف على أوتار أرواحنا سيمفونية النقاء
تلقي في عيوننا الدهشة
تستبشر بالهدى
علها تلقى الصدى
ندى

2. أصل الجمال

إنه الندى :
عذرية الفجر في همس الضياء
يعزف سوناتا البشارة في هدأة النقاء
يبذر قمح البراءة في الخطى الزاحفة على أصابع النور
مزامير الحبور
تنداح في وليف الروح
تجدل في خطو الغمام البهي شعر الحضور
تشعل المحبة الأثيرية المفعمة بالصفاء
وقود طبول رقصة الهدى
مصب صرخة لهفة العاشقين
و رجع الصدى
محملا على موج الشوق وجيد الزمان
أنشودة حنان
اشتعال بسمة على شفاه طفل يتيم
ماء زلال يسقى عطش الأمهات الثكالى
و وحمة الحبالى
هطول حبق وياسمين في همس النسيم
محمولا على سيمفونية الجمال
نقاء الفدا
في شباك الود ولد
اشتعال الوجد للحرية
في سفر الغيم نارا أوقد
مرهفا ... عطوفا ... رحيما... حنونا
في نظام الكون والنفس انوجد
ولادة وردة الصباح
نسيم في التلال
خرير ماء رقراق في الجبال
نغم جمال
زهو الضياء في البيئة الرحبة
تغريد طير لخالق الابداع
مسيرة الكواكب السباع
عزف لحبنا الأول على آلات الحياة
سكينة روح في الصلاة
وصهيل حرير البراءة في عين العدا
انه الندى
كان موردا
وسيبقى سيدا
يلوح لنا مع فجرنا البكر
يحكي لوعة النور للحقول
يروي قصة تسامي أرواح الشهداء
وشهقة السجناء
تبادل الليل والنهار
وتتابع الفصول
يخبرنا عن ايقاع مشاعر الشوق
ورجفة الشفاه
ودقات طبول الوجد المغزول
إنه همس حبيبتي المتهدج باللهفة
اشراقتها في محطات الوصول
ماهية ابداع ومتعة
قيمة انسان
وحي
ورسول



3. عودة إلى مقام الأساس

كم علينا أن نسير كي نستعيد الندى؟
كم طريقا سنسلك ... وكم مرة سنهلك ؟
ألم يحن الوقت بعد لاستعادة لحننا المندغم في الذات ؟
ألم تحن عودتنا إلى مستقيم السراط ؟
إني أعوذ بالخالق من شر البلاء
أستدعي الندى

أستدعي النقاء
فقد آن الأوان كي يعود اللحن إلى تيمته
كي نلاحق قيمتنا في رحب الفضاء
ونعيد للروح نغمتها الأصيلة
فيعود معها الرجاء
فلنجمع نوتات عزفنا الجميل
لنستعيد ايقاع يقظتنا بعد ليل طويل
ونوقد في الذات نار اللهفة للحظتنا المشتهاة
نحيي خصوبة الأرا بيسك
ونعبر جسر الرغبة الى إشباع الحياة
نركب حصان الاثارة والسمو والحماس
لنعود إلى مقام الأساس
ونصل ذروة شهوتنا ... و نفتل شبقنا
فتنعم الأنفاس.