الجمعة: 03/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

أحداث القدس وتصحيح مسار السلطة

نشر بتاريخ: 03/08/2015 ( آخر تحديث: 03/08/2015 الساعة: 11:17 )

الكاتب: أحمد مسمح

حملت الأحداثُ الأخيرةُ في القدس الشريف العديدَ من الإشارات في طياتها، تجاه العرب والمسلمين بشكلٍ عام، وتجاه الفلسطينيين بشكلٍ خاص، حيث تستغل إسرائيلُ الظروفَ الدولية وانشغال العرب بقضاياهم الداخلية لتفرض واقعاً في القدس والضفة الغربية، وكذلك تستغل الانقسام الفلسطيني لإضعاف الرئيس أبو مازن والسلطة الفلسطينية وفرض شروطها، فهي توسّع الاستيطان وتلتهم الأراضي وتسيطر على المسجد الأقصى عبر الحملات المسعورة من جنود الاحتلال والمتدينين لإظهار المدينة المقدسة بأنها يهودية الديانة والمكانة..

ولم يكن استشهاد الوزير زياد أبو عين في العاشر من ديسمبر 2014 كافياً للسلطة لتغيير مسارها وتصحيح توجهها وتعديل رؤيتها للمفاوضات والتنسيق الأمني، فحملت تصريحات السلطة آنذاك اطمئناناً للشارع الفلسطيني، لكن سرعان ما سحب هذا التصريح وأتبع بتصريح معتدل ومغاير، ثم جاءت حادثة حرق الطفل في الخليل على أيدي المستوطنين، حيث هددت حينها السلطة بالتوجه لمحكمة الجنايات الدولية، لكن سرعان ما خفت نور الحادثة ولم تفعل السلطة شيئاً عندما وُعدت باستئناف المفاوضات..

وكذلك حدث عندما حرق مستوطنون الطفل محمد أبو خضير في 2 يوليو 2014م، وهذا ما يحدث بالضبط تجاه قضية الرضيع علي دوابشة يوم الجمعة 31/7/2015م، أما الجمعة الماضية كانت أكثر الجمعات لهيباً في القدس حيث اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى، فهل تضع الأحداثُ الأخيرة في القدس المحتلة السلطة الفلسطينية أمام اختبارٍ ومحكٍ صعب، أم ستعود لسابق عهدها؟!
والعجيب أن نتنياهو يعد الرئيس عباس بملاحقة المستوطنين الذين أحرقوا الرضيع، والأعجب من ذلك تصريح اللواء عدنان الضميري أن الأمن الفلسطيني سيلاحق القتلة وهم مطلوبون لنا، كما ورد في وكالات الأنباء..

واكتفت المنظمات الدولية والعربية بالتنديد والشجب والاستنكار، نحن أمام تصحيح مسار الحركة الوطنية بأسرها؛ سلطة وفصائل، أحزاب وتنظيمات، لم نتفق في الرد على جرائم الاحتلال، ولم نتفق على المشروع الوطني وسبل تعزيزه، إننا بحاجة للإجماع الوطني الذي غاب أو غُيّب قسراً عن ساحتنا الشعبية والوطنية، إننا بحاجة لرص الصفوف وتوحيد الجهود، حيث اختلفت وجهات النظر وأصبحنا نجد اللذة في جلد ذواتنا وبعضنا، واستمرئنا الجدل والاتهام، بل إن الحادثة الأخيرة جعلت منا من ينظر للضفة نظرة ليست كالسابق، كفانا انقساماً وتشرذماً..

إننا بحاجة لوضع خطة وطنية شاملة لتوحيد صفنا تحت إطار يجمع الكل الفلسطيني، ودعم صمود شعبنا في القدس المحتلة وأراضي الـ48، وإعادة الهيبة للقيادة الفلسطينية وإسناد توجهاتها السياسية لمحكمة الجنايات الدولية بدلاً من قضاء الوقت في اتهام القيادة بما لا يليق، ولا بد للسلطة أن تتجاوز المرحلة الوظيفية التي تمر بها الآن لمرحلة تقود الشعب وتطور مؤسساتنا الوطنية وتتخذ القرار بشجاعة لإنهاء الانقسام الذي مزّق شمل الفلسطينيين..

إن الخطوات التي يجب أن تتخذها القيادة الفلسطينية تجاه أحداث القدس الأخيرة هي؛ العمل بشكلٍ عاجل وسريع لإنهاء الانقسام الفلسطيني وتوحيد الجهود العربية لإبرام اتفاق فلسطيني-فلسطيني نخرج به من عنق الزجاجة لفضاء الأمة العربية والإسلامية.
ثانيها؛ توحيد الجهود الفلسطينية ودعم صمود الشعب في الضفة وغزة، ثالثها؛ ضرورة اجتماع إطار منظمة التحرير وإعادة بنائها والاتفاق على برنامج وطني، فهذه المرحلة هي بحاجة لتوحيد الجهود. رابعها؛ أن تكف الألسنة التي تطال الأحزاب والحركات، بالتخوين والتشهير والتقصير، فالكل يتحمل مسؤولية ما يحدث في الضفة والقدس وكذلك غزة، لا نستثني أحداً، فلا نضيع جهداً في إطلاق الألسنة، هنا الآن بحاجة أن نضع أقدامنا على بداية الطريق، لا أن نعود للوراء..
رحم الله الشهداء، ونصر الله أهلنا في الضفة والقدس الشريف