الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

ميناء غزة: اسرائيل تدير النقاش وجدول اعمالنا المفقود

نشر بتاريخ: 27/02/2016 ( آخر تحديث: 27/02/2016 الساعة: 10:27 )

الكاتب: مصطفى ابراهيم

اسرائيل تدير نقاش وتضع جدول أعمالنا اليومي والحياتي المفقود على طاولتها، وترفع آمالنا وسقف توقعاتنا، تحدد ماذا نريد ولا نريد، فجأة تطفوا على السطح تحذيرات الحرب وقدرات المقاومة وانفاقها، وفجأة وبدون سابق انذار تطفوا الآمال والتفاؤل وأخبار تقليص احتمالات الحرب ويجب تقليص ازمات قطاع غزة الإنسانية والاقتصادية المتفاقمة وتحسين شروط حياة الناس خشية من انفجارها في وجه اسرائيل. 

اسرائيل تراقب بحذر وبأهمية بالغة ساحتنا وما يعانيه الناس من فعل كارثي بفعلها وفعلنا، الاوضاع مأساوية، بطالة وفقر مزمن، ونفاذ صبر الناس في غياب أي مقومات لتعزيز صمودهم وإحترام كرامتهم المهدورة، وظواهر غريبة تنتشر من حالات الانتحار إلى تفسخ في النسيج المجتمعي.

في اسرائيل يدور نقاش جدي كما يدعي بعض منهم حول إقامة ميناء بحري لغزة، بعد أسابيع من التهديدات والتحذيرات، والخوف والهلع المتبادل في قطاع غزة وإسرائيل بقرب اندلاع مواجهة عسكرية بين حركة حماس واسرائيل، وتحذير الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان" الأسبوع الماضي من أن تؤدي الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في القطاع إلى انفجار بوجه ضد إسرائيل.

بدأ المستويان السياسي والعسكري في إسرائيل، مجددا بمناقشة الموقف الإسرائيلي من إقامة ميناء بحري في قطاع غزة، لتقليص احتمالات اندلاع مواجهات عسكرية، وان ذلك سيؤدي إلى تحسين الوضع الاقتصادي بشكل ملموس وسيوفر أماكن عمل للآلاف من سكان القطاع، يكون بمثابة محفز لحركة حماس للحفاظ على وقف إطلاق النار مع إسرائيل. كما أن إقامة الميناء، يجعل إسرائيل تبدو كمبادرة في الساحة الفلسطينية بعد سنوات من توجيه الانتقادات لها بسبب الجمود السياسي.

ووفقا لتقرير نشرته صحيفة هآرتس الاسبوع الماضي وما ذكرته الاذاعة العبرية، يتضح أن هناك خمسة اقتراحات، بينها إقامة مينا بحري في منطقة العريش في سيناء، أو إقامة ميناء بحري على جزيرة اصطناعية قبالة شواطئ غزة، أو إقامة ميناء على شاطئ غزة نفسه، أو إقامة رصيف لاستقبال البضائع في قبرص أو إسرائيل في ميناء أسدود.

وأن عددا من كبار الضباط في الجيش يدعمون مبدئيا إقامة ميناء بحري في قطاع غزة، خاصة إذا كان بالإمكان ربط ذلك بالتزام حركة حماس بتهدئة طويلة الأمد، بيد أن احتمالات ذلك لا تبدو عالية، نظرا لمعارضة رئيس الحكومة ووزير الأمن. وأشارت الصحيفة إلى أن أحد طلاب الكلية للأمن القومي، يوسي أشكنازي، من سلاح البحرية، أعد دراسة أكاديمية، قبل نحو عام، درست الإمكانيات المختلفة لإقامة ميناء، دون أن تتضمن تقديم توصيات بشأن طبيعة الحل المطلوب.

قبل تجدد النقاش الاسرائيلي بأسبوع طل علينا نائب رئيس حركة حماس اسماعيل هنية بتصريح عير مصور قال فيه لا تلوح في الافق أي حرب جديدة على قطاع غزة، تصريح موجه لإسرائيل وكأنه طلب منه أن يقول ذلك كضمانة وطمأنه لها، وليس للناس في القطاع ورفع سقف توقعاتهم مرة أخرى، والامل في هدوء وأمن مفقود منذ زمن، وذلك بعد تناقل الاخبار عن قرب التوصل لتطبيع العلاقات الإسرائيلية التركية. 

وأول أمس الخميس قال محمود الزهار القيادي في حركة حماس في لقاء له مع رابطة الصحافيين الأجانب، إن الحركة لا تسعى لحرب جديدة مع إسرائيل وإن شبكة الأنفاق التي تحفرها الحركة ووصل بعضها إلى إسرائيل في الماضي دفاعية، وأعتقد أنه لا أحد في المنطقة هنا يسعى إلى حرب.

نقاش إسرائيلي قديم جديد ومنذ سنوات ترتفع وتيرته وتهبط حسب مصالح اسرائيل الاستراتيجية والامنية وفرص اندلاع حرب قائمة وهدنة طويلة الأمد قريبة وبعيدة وحسب ما يجري في الإقليم، وما تقدمه الاجهزة الامنية الإسرائيلية من تقارير، وتتناوله وسائل الاعلام حسب رؤية إسرائيل ومصالحها ورفع سقف الناس وتوقعاتهم.

نقاش لا نديره ومشوارنا طويل، ورفع آمال الناس كاذب، وإسرائيل غير مستعجلة من أمرها، وغير متحمسة، وما يدور في الاقليم، واسرائيل لم تحسم امرها في تطبيع علاقتها مع تركيا على حساب مصر وعدم اثارة غضبها من الاخوان المسلمين وحركة حماس، وعدم منحها أي انجاز على حساب الرئيس محمود عباس. 

الأوضاع المعيشية في قطاع غزة قاسية، وتحسين شروط حياة الناس وخلق فرص عمل لألاف العمال غير مرتبط بإقامة ميناء بحري، وكأن حل أزماتنا الكارثية متوقف على الميناء، وانه المنقذ والحل السحري لحل أزماتنا ورفع الحصار وانهاء الاحتلال. 

الحصار مستمر وإسرائيل وحماس ترفعان من سقف التوقعات والآمال، ولا تزالان تتحدثان عن تسهيلات وتحسين شروط الحياة، واسرائيل تمارس الضغط والعقوبات الجماعية، والمضي قدما في مشروعها فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية وفقا لمصلحتها. متى سندير نقاشنا الوطني بمزيد من الشفافية وعدم تجزأه القضايا والأزمات، وكأن ازمتنا انسانية، وليست سياسية والحل هو بإقامة ميناء في العريش أو رصيف بحري في أسدود؟