الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

حلف الحرية والتصدي مطالب بالاستعداد لمواجهة معارك فاصلة

نشر بتاريخ: 26/02/2016 ( آخر تحديث: 26/02/2016 الساعة: 19:43 )

الكاتب: بسام أبو شريف

• إسرائيل تخطط لضرب حزب الله وتزيد دعمها للإرهاب.
• المقاومة هي القادرة بالصمود والتصعيد على إعطاء روسيا فرصة احياء مدريد لتطبيق قرار 242.
• إيران بدعمها للمقاومة الفلسطينية والعربية للمخططات الصهيونية تدافع عن المظلومين وعن نفسها.
• إيران هدف لإسرائيل وحلفائها من السعوديين وهذا يعني ان المقاومة أصبحت هدفاً للسعودية كما هي إسرائيل.
يتساءل الناس بعد ستة أشهر من انطلاق الهبة الشعبية الكبيرة في فلسطين المحتلة وبعد استشهاد أكثر من مئتي فلسطيني وإصابة أكثر من عشرين ألف فلسطيني بإصابات مختلفة ومتنوعة واعتقال إسرائيل لأكثر من اثنا عشر الاف فلسطيني (بعضهم تم الإفراج عنهم) هل ستستمر وتتصاعد هذه الهبة لتصل الى مستوى الانتفاضة الشاملة المفتوحة حتى انتزاع الحرية وانهاء الاحتلال؟.
الجواب على هذا السؤال الذي يعبر عن القلق والكبت وعدم الثقة بقدرة الشعوب، هو نعم ونعم كبيرة.
وجوابنا بنعم على السؤال ليس اندفاعا حماسياً، او عاطفياً بل قائم على أسس علمية وسياسية واقتصادية.
فطالما بقيت الأسباب التي أدت للهبة قائمة لن يكون امام الفلسطينيين خيار سوى المقاومة والسبب الرئيسي هو الاحتلال الإسرائيلي ، الذي يتمدد يوميا بالتحول الى ضم واستيطان، وجعل هذا الظروف التي يعيشها الفلسطينيين ظروف " القرون الوسطى " وظروف " الفصل العنصري " وظروف القهر النازي، كلها اجتمعت لتشكل صفات الممارسات الوحشية الإسرائيلية والجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد شعب اعزل من السلاح.
ونعني عن القول هنا ان هذه الجرائم والممارسات الإرهابية الدموية التي ترتكبها إسرائيل يوميا تخرق كافة القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الامن واتفاقيات حقوق الانسان وحرية الشعوب في تقرير مصيرها وعدم جواز ضم أراضي الغير بالقوة.
هذا الأساس هو جوهر هبة وانتفاضة الشعب الفلسطيني ... انها انتفاضة من اجل التخلص من الاحتلال وانتزاع الحرية وهي تستند لقرار مجلس الامن 242 وشرائع الأمم المتحدة بمنع الاحتلال وضم أراضي الغير بالقوة وحق الشعوب بتقرير مصيرها.
لكن للشعب الفلسطيني أسباب إضافية للهبة والانتفاضة.
فقد لمس على مدى السنوات العشرين الماضية ان معسكر الولايات المتحدة وإسرائيل لا يفي بالتعهدات او الاتفاقيات الموقعة وان الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تتلاعب لإتاحة الوقت لابتلاعها كامل الأرض الفلسطينية وتحويل من لا تطردهم من ارضهم بالقوة الى عبيد وعمال سخرة لبناء مستعمراتها على ارض الشعب المصادرة.
ومن المضحك ان إسرائيل تعتبر نفسها وريثة الحكم التركي (العثماني) الذي كان قد شرع اثناء استعماره للأرض العربية ان " للدولة أي الاستعمار التركي حصة من أراضي العرب وطبق ذلك على كل الأرض العربية " ومن هنا اعتبرت الحكومات العربية ان للدولة الناشئة أملاك مقتطعه من أراضي الشعوب والأمة، أي انها وريث الاستعمار التركي.
وبما ان إسرائيل تعتبر نفسها الدولة القائمة على كل التراب الفلسطيني فان ما قرره الاتراك من أراضي يملكها الاستعمار التركي هي أراضي تمتلكها إسرائيل.
ومن هذه الأراضي يتمدد السرطان الصهيوني لاستعمار ومصادرة أراضي يملكها الفلسطينيون حتى يعرف الاستعمار التركي.
ولمس الشعب الفلسطيني ان موقف السلطة الفلسطينية إزاء الموقف الإسرائيلي الأمريكي هو موقف متهاون وراضخ ويسير من تنازل تدريجي تحت عنوان مفاوضات.
وبدلاً من إصرار السلطة على الحقوق يراها الشعب الفلسطيني قد تنازلت الى حد ان العودة للمفاوضات شرطها الافراج عن أسرى !!.
وأي مفاوضات؟ ، هذا ما يسأله الشعب الفلسطيني ولهذا هب.
مفاوضات لا هدف منها سوى اتاحة الفرصة لإسرائيل بابتلاع مزيد من الأرض وبناء مزيد من المستوطنات.
وأصبحت جملة واشنطن المضحة تعطى جواباً لأي احتجاج فلسطيني؛ لا أحد يستطيع ردع إسرائيل!!.
يضاف الى ذلك لائحة طويلة من المآخذ على السلطة قد يكون اهونها الفساد الذي تغلغل في الأطر العليا وتهميش المحاكم والقضاء ومخالفة القانون وقطع ارزاق الناس والتحامل والمحسوبية.
الشعب الفلسطيني يعيش تحت الاحتلال وجرائمه اليومية وتحت ديكتاتورية السلطة التي الغت القضاء والقضاة وهمشت رئيس الوزراء ووزرائه ونشرت رجال الامن لحماية مشوار الغداء والعشاء للسلطان وتأمرهم بقمع المظاهرات الشعبية.
اضطهاد الاحتلال الإسرائيلي وطنياً وانسانياً وحرية واستقلالاً.
واضطهاد السلطة ديكتاتورياً، لماذا لا يهب الشعب ضد هذه الأوضاع؟
وها هو قد بدأ وسيستمر لأن الأسباب قائمة ومستمرة.
نتنياهو وحكومته يتخذون قرارات إجرامية لن تولد الا مزيداً من المقاومة، ويفرضون حصاراً اقتصادياً وانسانياً على القرى والمدن وبذلك اضافوا اسباباً للانتفاض والتصعيد.
وامروا جنودهم بإعدام الأطفال في الشوارع وسيرون الى اين سيؤدي تراكم هذه الجرائم الإرهابية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية.
المستقبل ... ماذا سيحمل للفلسطينيين:
لا شك انه لا يمكن ان تعالج الموضوع الفلسطيني ومستقبله منفصلاً عما يجري في المنطقة.
فالقضية الفلسطينية لا يمكن ان توضع بأنبوب اختبار وفي مختبر للتحليل السياسي.
فهي قضية القضايا في المنطقة لأن إسرائيل التي زرعها الاستعمار القديم ودعمها الاستعمار الجديد تشكل الخطر الأكبر على المنطقة ككل.
نسمع الان تصريحات لمسؤولين إسرائيليين ما كانوا سابقا يتجرؤون على قولها مثل –
كاتس يقول: لا يوجد شعب فلسطيني وعلينا طرد العرب الموجودين على ارضنا ليذهبوا الى البلدان المجاورة.
نتنياهو: لن أسلم متر ارض واحد للفلسطينيين.
وتجد نواباً إسرائيليين يقولون، يجب طرق رؤوس الفلسطينيين بمطرقة ضخمة ليعلموا لمن السيادة على هذه الأرض!!.
وتجدهم جميعاً يعبرون عن فرصهم وسعادتهم وتفاؤلهم بإقامة علاقات تعاون وثيقة مع السعودية ودول خليجية !!.
لقد اعتبرت إسرائيل الصراعات التي أنهكت الدول العربية المحيطة بها وتلك التي تتخذ مواقف صلبة من دعم وتأييد النضال الفلسطيني، فرصة لابتلاع كامل الأرض الفلسطينية وبداية تطهير عرقي واسع النطاق يبقي الأغلبية الساحقة على ارض فلسطين يهوداً.
وذلك لتحقيق هدفها بإقامة دولة اليهود على كامل التراب الفلسطيني أي من البحر الى النهر.
واعتبرت ان ما قامت به السلطة من قمع لأي مقاومة للاحتلال هو قتل وتصفية لفكرة المقاومة الثورة في عقول أجيال جديدة من الفلسطينيين واستندت الى " التنسيق" مع السلطة للقضاء على أي مجموعة او افراد يفكرون في مقاومة الاحتلال.
وتبرز هنا أهمية الهبة الشعبية الراهنة وانتفاضة القدس التي تتبلور يومياً.
فهي تجسيد للنقيض.
أي انها تجسد بالملموس ان الأجيال الجديدة الفلسطينية تتمسك وتلتزم بمقاومة الاحتلال ميدانيا وعملياً رغم عدم امتلاكها أي سلاح لمواجهة جرائم العدو سوى الإرادة والحجر.
من ناحية ثانية قامت الانتفاضة وشبابها بنجاح تام رفع علم فلسطين وإبقاء قضية فلسطين حية وماثلة في العالم عبر النضال الشعبي اليومي ومقاومة جنود الاحتلال في كل مخيم وقرية وبلدة ومدينة في القدس تحديداً.
وبذلك وضع هؤلاء الشباب قضية فلسطين على طاولة كل المفاوضات التي تمت وتتم حول أمور الشرق الأوسط.
وكشف رجال المقاومة الفلسطينية ان الولايات المتحدة لا تتعامل الا بما يرضي إسرائيل وان أي تغيير على سياستها ولو جزئياً لن يأتي الا إذا امتلك المقاومون من القوة واليأس ما يجبر الولايات المتحدة على ذلك.
لقد ادخل شباب الانتفاضة، شباب الهبة الشعبية الفلسطينية، فلسطين في المعادلة الدولية التي تتبلور تدريجياً في الشرق الأوسط.
فالعودة الروسية القوية للمنطقة عبر دعم الجيش العربي السوري وشعب سوريا لتكسير مخطط التقسيم الطائفي والصراع الداخلي، جعلت من روسيا لاعبا شريكاً في ملعب تقرير أمور الشرق الأوسط.
وحقق صمود ونجاح الجيش العربي السوري الكثير بالتعاون مع حزب الله وإيران على بلورة معسكر التصدي للمخططات الصهيونية والأمريكية، ومنع استفراد الولايات المتحدة باللعب في شؤون الشرق الأوسط، وفي المقابل تتبلور معسكر أعداء القضية الفلسطينية والوحدة العربية والتحرر من الهيمنة الامريكية.
فوقفت إسرائيل في جبهة متقاربة في الأهداف مكونة من السعودية وبعض الدول العربية التي تعتبر مقاومة حزب الله والمقاومة الفلسطينية (حتى بتركيزها على حماس فقط) وسوريا وإيران معسكر أعداء لها.
وراحت تعمل ليملاً الفراغ الذي نشأ في العلاقات الامريكية السعودية والخليجية من الاتفاق النووي الغربي الإيراني.
وذلك بالتمسك بهدف ضرب إيران والتصدي لها في المنطقة واعتبارها عدواً لدول الشرق الأوسط.
وهذا يعني ان تصبح إسرائيل شريكاً لدول عربية تعتبر إيران عدوها.
وهذا ينعكس على كل ما يتبع أي ان من تساندهم إيران للدفاع عن حقوقهم ولانتزاع حريتهم، سيصبحون (او أصبحوا) أعداء لحلفاء إسرائيل الجدد كماهم أعداء لإسرائيل.
وهذا ما يفسر الحملة الراهنة السعودية على حزب الله من خلال مقاطعة لبنان وقطع المساعدات عنه.
فهذا الموقف نشأ عن نصائح وتوصيات مجموعة من المستشارين والخبراء اليهود الذين كلفوا بوضع خطة لعزل حزب الله تمهيداً لضربه من قبل إسرائيل وخلال وضع سوف يحاولون خلقه في لبنان تحت باب صراع داخلي.
وتنتهي فقرة من فقرات تقرير هؤلاء الخبراء (ومعظمهم من رجال الاستخبارات الإسرائيلية):
ان خطر إيران الراهن هو أكبر بكثير من تقديرات واشنطن لهذا الخطر.
فإيران الان تتمركز بترسانة حربية قوية على حدود الخليج ودوله وعلى حدود إسرائيل.
ويجب استباق الخطر الإيراني بالقضاء على ادواته.
ويرى هؤلاء الخبراء ان إيران مدت حزب الله بأسلحة أكثر دقة وفاعلية من الأسلحة التي يمتلكها وإنها تخطط لدعم مقاومة في الجولان وتخطط لدعم فصائل فلسطينية لرفع مستوى المقاومة لإسرائيل.
وان هذا يشكل خطراً داهماً لابد للحكومة من العمل على القضاء عليه.
الصراع على هذه الجبهة يتمحور حول نفس الهدف الإسرائيلي أي شطب قضية فلسطين وإلغاء حقوق الشعب الفلسطيني وهذا ما حاولت الولايات المتحدة ان تقنع إيران به اثناء مفاوضات النووي الإيراني فرفض خامنئي التفاوض حول أي موضوع سوى المفاعل النووي.
وتخشى إسرائيل من عودة روسيا للمنطقة لأنها الحليف القوي لإيران ولسوريا وبشكل تلقائي لحزب الله وللمقاومة الفلسطينية.
وخشية إسرائيل تزداد يوماً بعد يوم من خلال مراقبة إسرائيل للموقف الأمريكي الذي بدأ يتبلور على ضوء ميزان القوى الجديد في الشرق الأوسط ولا شك ان اتفاق وقف الاعمال العسكرية في سوريا بشكل أبرز مثل على تفاهم الدولتين الكبيرتين على ما افرزه ميزان القوى الجديد.
ماذا دفع هذا الميزان الناتو ليقول لتركيا: انه لن يقف الى جانبها في عملياتها ضد الأراضي السورية، فلا شك انه سيعكس نفسه (الميزان) على أي مفاوضات (حين تحين) حول القضية الفلسطينية.
وفي جعبة روسيا وامريكا اتفاق سابق نتج عنه عقد مؤتمر مدريد تحت شعار تطبيق قرار مجلس الامن 242 و338 وإيجاد حل سياسي يستند لإنهاء احتلال إسرائيل للأراضي العربية والفلسطينية منذ عام 1967.
وهذا ما ترتعد منه إسرائيل وهذا ما تبقيه في ذهنها عندما تشير للسعودية ودول خليجية لاتخاذ مواقف معينة من حزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية.
وينكب باحثون استراتيجيون إسرائيليون هذه الأيام على دراسة المعلومات التي تجمعها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بالتعاون مع أجهزة استخبارية عربية، لمعرفة مدى انغماس إيران في دعم المقاومة الفلسطينية وفصائلها، فهذا الموضوع يشكل مصدر قلق رغم تنسيق السلطة الفلسطينية الأمني مع إسرائيل.
وخبراء إسرائيل هم اول من يعلم ان السلطة الفلسطينية غير قادرة على السيطرة على الوضع وأنها ستكون هدف للمظاهرات والمتظاهرين ان هي حاولت.
ولا شك لدي ان الحليف الموثوق للشعب العربي الفلسطيني (دولياً)، أي روسيا، ستبقى وفيه لحقوق الشعب الفلسطيني وستعمل في اللحظة المناسبة على عقد مدريد 2.
لكن الأمور منوطة اساساً بالمقاومة الفلسطينية، فهي التي تستطيع تسريع الوصول الى هذه النقطة الهامة عبر تصعيد النضال ضد الاحتلال.
ونستطيع هن ان نقول، ان ما ينطبق على سوريا ينطبق على فلسطين.
إذا لم يكن بإمكان روسيا ان تفرض ميزان قوى جديد لولا صمود الشعب العربي السوري والجيش العربي السوري.
وإذا تمكنا من الوصول الى هذه النقطة المفصلية سنكون قد هزمنا مخطط نتنياهو ودفنا عهده وما سيلي ذلك سيكون أعظم.