الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

إزهاق أرواح فتيان فلسطين جرائم حرب

نشر بتاريخ: 27/02/2016 ( آخر تحديث: 27/02/2016 الساعة: 12:03 )

الكاتب: محمد خضر قرش

منذ انطلاقة هبة تشرين الأول /أكتوبر2015 والجيش الإسرائيلي والشرطة وحتى المستوطنين والمدنيين المسلحين يمارسون هواية القتل العمد وبدون محاكمة، حيث يفرغون مخازن بنادقهم في صدور الفتيان والفتيات بدون وازع من ضمير أخلاقي أو إنساني ويطلقون عبارات بذيئة على جثث وجرحى الفتيان. إن مثل هذه السلوكيات الهمجية تكشف عن حالة الانحطاط التي وصل إليها قطاع لا بأس به من المجتمع الإسرائيلي. فعمليات القتل الهستيرية التي تتم وبالأسلوب البشع الذي نراه بالعين المجردة وعلى مرأى ومسمع العالم كله وبالذات العربي والإسلامي، إنما يعكس ما يلي:

1- حالة فقدان الأخلاق والإنسانية وغلبة التوحش والهمجية لدى قوى وأحزاب اليمين الإسرائيلي وفي المقدمة الحكومة التي يرأسها نتنياهو الذي يمارس التحريض العلني والعنصري ضد كل ما هو فلسطيني وبذلك يشرع لهم القتل بدون مساءلة أو حساب. 

2- الصمت العربي الرسمي المريب وفي المقدمة جامعة الدول العربية، على كل ما يجري في فلسطين من قتل وتهويد القدس والأقصى ومصادرة الأراضي وبناء المستوطنات والخنق الاقتصادي الذي تمارسه سلطات الاحتلال ضد الضفة والقطاع على حد سواء، يضع علامات استفهام كبيرة حول جدية المواقف العربية الرسمية من دعم الشعب الفلسطيني وحل الدولتين وفقا لقرارات الشرعية الدولية وحتى لمبادرة السلام العربية؟ فالسكوت الرسمي بمثابة قتل معنوي إضافي وربما يكون أكثر إيلاما مما تفعله سلطات الاحتلال، بأجساد الشباب الفلسطيني.فحتى الاستنكار العربي الرسمي بات غير قائم وغير مستخدم.

3-تجاهل المجتمع الدولي ممثلا بمجلس الأمن الدولي ومنظمات حقوق الإنسان عن قتل فتيان وفتيات فلسطين والتي تتولاها قوات الاحتلال العسكرية المنظمة وغير المنظمة، إنما يعكس من حالة النفاق الدولي والانحياز للبطش والقتل بدم بارد.

4- تفشي حالة الكسل والترهل والشلل والعجز واللامبالاة بل وفقدان القدرة على الفعل والعمل الذي أصاب مفاصل منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية كلها، مما جعلها تدمن على تكرار التصريحات الفارغة والخالية من أي مضمون وحتى بعض الفصائل تتجنب إصدار أي بيان استنكار أو شجب. لقد باتت الفصائل قليلة الحيلة لا تملك أية مبادرات لوقف هذا الجنوح الجنوني الإسرائيلي للقتل الذي تمارسه قوات الاحتلال ضد فتيان وفتيات فلسطين والملفت للانتباه إن الفصائل تتصرف وكأن الذين يسقطون يوميا برصاص الحقد الإسرائيلي ليسوا من أبناء شعب فلسطين وكأن ما يتم ليس أكثر من حالة عادية روتينية. 

5- القتل المباشر ومن المسافة صفر للفتيان والفتيات الذين يحملون مقصات أو سكاكين صغيرة تكاد لا تقطع باللبن أثار حتى قطاعات معينة من الإسرائيليين وخاصة الطلبة مما دفع برئيس الأركان اينزكوت للقول بأنه "لا يريد من جنوده أن يفرغوا مخازن رصاصهم في جسد طفلة تحمل مقصا" . وبعدها بيوم واحد جاء الرد عليه حينما قام الجنود بإطلاق نحو 50 رصاصة في جسد الفتى الفلسطيني محمد ابوخلف في باب العامود ! لم يسجل التاريخ حتى أثناء أو في خضم الحروب الضارية والحامية الوطيس أن قام جندي أو أكثر بإطلاق هذا الكم الهائل من الرصاص الغزير على جسد جندي واحد يواجهه يحمل رشاشا وليس سكينا.
لا يمكن تفسير هذه الإطلاق الكثيف للنار على فتيان وفتيات فلسطين سوى بالكره والحقد والسادية التي باتت متجذرة في نفوس الجنود الإسرائيليين بسبب التحريض ضد كل ما هو فلسطيني.

الدم الفلسطيني الطاهر الذي يراق فوق ثرى القدس وغيرها من المدن الفلسطينية على أيدي جنود الاحتلال، إنما هو بداية لمرحلة جديدة من النضال الوطني نحو الاستقلال دشنه فتيان وفتيات فلسطين. ولن يكون دم فلذات أكبادنا وحدهم الذي يراق. فإذا اعتقد نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة أنهم قادرون على إطفاء أو الحد من جذوة الانتفاضة عبر القتل المباشر فسيكونوا واهمين .لقد سقط حتى الآن ما يزيد على 180 شهيدا وتم هدم بيوت معظمهم والباقي على الطريق، لكن كل ذلك لم يفتت من عضد الفتيان الشجعان، وما زادهم إلا إصرارا على حقوقهم. فشعب فلسطين لم يسجل تاريخه كله أن انحنى يوما لغاصب أو سكت عن ظلم محتل فاشي قاتل. وكل الذي يفعله جنود الاحتلال لن يثني الفتيان والفتيات على مواصلة نضالهم العادل لانتزاع حقوقهم المسلوبة والتي كفلتها لهم الشرعية الدولية. الفتيان والفتيات اثبتوا بأنهم على قدر كبير من المسؤولية وأنهم أهل للمواجهة والتحدي. لقد وضعوا القيادات الفلسطينية في مأزق وطني وأخلاقي لا يعرفون كيفية الخروج منه.

وبالعودة إلى تصريحات رئيس الأركان ووزير الدفاع الإسرائيليين، والتي قالا فيها "أن الجندي الذي لا يتمكن من التعامل مع فتاة تحمل مقصا لا يزيد عمرها عن 14 عاما بدون إطلاق النار عليها لا يستحق أن يكون جنديا إسرائيليا." لقد كشف العالم كله زيف الإدعاءات التي تروج لها الحكومة اليمينية بأنه جيش أخلاقي" حتى رسوم الكاريكاتير التي نشرتها صحيفة هآرتس تعكس حالة من المواجهة بين فتاة فلسطينية تحمل مقصا وجنديا إسرائيليا يحمل رشاشا. تلك هي الصورة التي انطبعت في ذاكرة العالم وحفرت لها مكانا من المستحيل محوها. تماما كما كان حال الفتى فارس عودة أمام الدبابة الإسرائيلية كل ما تفعله قوات الاحتلال بحق فتيان وفتيات وشعب فلسطين هو جرائم حرب لا مفر من أن تحاسب عليه إسرائيل قريبا. شعب فلسطين وفي المقدمة منه الشباب والشابات عقدوا العزم على مواصلة النضال ومقارعة الاحتلال حتى تحقيق النصر .تلك هي البديهية النضالية التي لن يتخلى عنها شعب فلسطين مهما اشتدت الظروف وتخلى عنهم الأشقاء.