الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

حول الواقع والحاجة الى البحث العلمي في بلادنا!

نشر بتاريخ: 07/03/2016 ( آخر تحديث: 07/03/2016 الساعة: 11:08 )

الكاتب: عقل أبو قرع

سمعنا وقرأنا وتابعنا تصريحات وبيانات وقرارات، وحتى تم تشكيل لجان ومجالس، من اجل الارتقاء بالبحث العلمي في بلادنا، البحث العلمي الذي الهدف منه هو ايجاد الحلول للاحتياجات، او لتطوير اوضاع ومنتجات، او لسبر افاق جديدة تسهل على حياة الناس من ناحية النوعية والجودة والكفاءة وحتى من ناحية الكمية، وما الى ذلك، وهذا ما تقوم بة مجتمعات او دول تقدمت وتتقدم، وقامت بتحديد بنودا ثابتة للبحث العلمي، سواء في الموازنة العامة، او في الاستراتيجيات الوطنية، او في التخطيط قصير وبعيد المدى، من اجل تلبية حاجات المجتمع المتزايدة والمتشعبة، سواء في قطاعات الغذاء والزراعة، او الصناعة والتكنولوجيا، او الادوية والطب، او المياة والطاقة والبيئة وما الى ذلك.

وحسب تقرير نشر حديثا، فأن من ضمن مقومات قوة واستدامة نمو الاقتصاد الاسرائيلي مثلا، هو حجم الاستثمارات المالية والبشرية في مشاريع الابتكار، او ما يعرف بالمشاريع والاعمال القائمة على الافكار الجديدة والمبدعة، ولكي تنجح مشاريع الابداع والابتكار والتجديد فهذا يتطلب وجود الكفاءات البشرية التي تعتمد وتتطور وتقوم بالتطوير بالاعتماد على البحث العلمي،الذي يركز على احتياجات المستهلك والمجتمع ويعمل على حل مشاكلة وتلبية متطلباتة.
ومعروف ان الابحاث العلمية هي إحدى العوامل الأساسية لتصنيف الجامعات او المؤسسات او الشركات في العالم، لذا فأن الجامعات العريقة في العالم والتي عادة ما تحتل المراتب المتقدمة من تصنيف الجامعات تمتاز باحتوائها على مراكز الأبحاث من حيث النوعية ومن حيث استقطابها الى الكفاءات البشرية، وللقيام بالأبحاث ونجاحها ، يجب توفير البيئة الصالحة لذلك، والاهم هنا ليس توفير الدعم المادي فقط ولكن توفير الأسلوب من النزاهة والشفافية في تحديد الاحتياجات، اختيار الباحثين وتوزيع المسؤوليات، وكذلك البيئة الصحيحة للتقييم والمتابعة وقياس الانجازات والاهم توفير الهيئات المتخصصة للقيام بذلك وعلى أسس علمية ومهنية سليمة.

وحين الحديث عن اي اطار رسمي او غير رسمي يهدف الى الارتقاء بالبحث العلمي، فأن الاهم هو مدى القوة او الامكانيات التي يتمتع بها هذا الاطار، حيث من المفترض ان يقوم بلم وتنسيق الطاقات والمصادر سواء أكانت بشرية أو مادية، ويعمل كذلك على تحديد الأولويات التي تنبع من احتياجات المجتمع ويقوم بربط ذلك مع الإمكانيات المتوفرة في الجامعات ومراكز ومؤسسات البحث العلمي، والاهم ان يقوم هذا الاطار بدور عملي وليس بدور شكلي كما هو الحال في تركيبة ومهام وتدخلات مجالس او اطارات اخرى، او فقط يتدخل وبشكل شكلي، حين يكون هناك منحة او مشروع او زيارة لوفد اجنبي من هنا او من هناك؟

والاطار الوطني للبحث العلمي من المفترض ان يعمل على استغلال الكفاءات الفلسطينية، وهي كثيرة ومتعددة، ويعمل على الحد من هجرتها الى الخارج ويعمل كذلك لعودة ولاجتذاب الكفاءات والباحثين الذين هجروا بسبب شحة البحث والاهتمام بة، وبأن يعمل على تغيير نمط التعليم الحالي في بلادنا، بحيث يكون التعليم مبني على التفكير والبحث والابداع والانتاج، وان يتم ملائمة طبيعة ومخرجات التعليم لتساهم في سد احتياجات المجتمع، والاهم ربط هذه المخرجات مع احتياجات سوق العمل، وبالتالي الابتعاد عن عقدة البطالة ومضاعفاتها.

وحين الحديث عن البحث العلمي في بلادنا، فيجب التركيزعلى القطاع الخاص، حيث تعتبر الابحاث احدى ركائزهذا التقدم، وتعتبر الشركات التي تعتمد على الابتكارات والتجديد المتواصل احد هذه الدعائم، حيث تعتبر الابحاث سر بقاؤها لكي تنافس في عالم شديد المنافسة، سواء لإنتاج أصناف جديدة او تطوير أصناف او وسائل موجودة، والشركات العالمية الكبرى لها مراكز أبحاث خاصة بها، تفخر بها وتعمل جاهدة لاجتذاب افضل الكفاءات والأدوات ، وكذلك تفخر بالميزانيات التي يتم تخصيصها لها، وعلى ذكر ذلك فأن الشركات الكبرى في العالم تخصص مثلا مبالغ قد تصل الى حوالي 20% من مبيعاتها السنوية، للابحاث والتطوير التي هي عماد التقدم وحتى البقاء.

وحين الحديث عن الاطار الوطني للبحث العلمي، من المتوقع إن يقوم هذا الاطار او الهيئة بالربط بين كافة الوزارات والدوائر الرسمية وغير الرسمية المعنية، والتنسيق وتحديد الأولويات للجهات المحلية والدولية الداعمة، ويعمل على خلق وترسيخ فلسفة او ثقافة البحث العلمي في مؤسسات تعليمية او بحثية او شركات او مؤسسات، وفي مجتمع لم يتعود او لم يعي ويقدر أهمية البحث العلمي في تقدم الإفراد والشركات والشعوب؟

وفي بلادنا، لم نصل بعد الى هذه المرحلة، اي مرحلة ترسيخ اهمية او ضرورة البحث العلمي، كسياسة وكمنهج واسلوب لتلبية حاجات الناس والبلد، وبالتالي تسخير الميزانية والكوادر والجهود والقوانين والتشريعات من اجل تثبيتة وترسيخة في المجتمع، لا يتغير بتغير الاشخاص في الوزارات او في الجامعات او في المعاهد او في الشركات والمصانع والمزارع ومحطات الطاقة والمياة العادمة واساليب التخلص من النفايات بأنواعها، وبالتالي فأننا لن نتقدم ونتطور وننموا وبشكل مستدام في طريق تحقيق نوعا من الاكتفاء او نوعا من الاعتماد على الذات، اذا لم نقم بتغيير النظرة والعقلية والخطط المتعلقة بأهمية وواقع البحث العلمي في بلادنا؟