الأربعاء: 15/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

مخالفة دستورية في تشكيل المحكمة الدستورية

نشر بتاريخ: 06/04/2016 ( آخر تحديث: 06/04/2016 الساعة: 16:12 )

الكاتب: د.عبد الكريم شبير

ان تشكيل المحكمة الدستورية في المرحلة الراهنة يعتبر تعميق للانقسام القضائي والتشريعي ونحن كخبراء في القانون كنا نتمنى على السيد الرئيس أبو مازن ألا يقوم على اتخاذ أية قرارات أو أية تعينات في المحكمة الدستورية قبل أن يتوحد المرفق القضائي في قطاع غزة والضفة الفلسطينية هذا من جانب وأنني ألمس و أشعر من جانب اخر بأن هذا الأمر هو ضربة استباقية عندما يكون هناك أية حوارات في الدوحة أو القاهرة بين حركتي فتح و حماس نجد ان احد فريقي الانقسام يقوم بمليء شواغر بالمناصب السيادية العليا في مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية أو عمل قانون أو عمل مشروع يحتاج الى توافق وطني وكأن كل طرف يريد ان يسجل بعض النقاط له على حساب القانون أو المصلحة العامة. 

وهذا ما في فعلة اليوم السيد الرئيس بتعين أعضاء هيئة المحكمة الدستورية خلافاً لنصوص القانون رقم 3 لعام 2006 دون أن يكون الغالبية من القضاة الذين مارسوا العمل القضائي في المحكمة العليا مدة خمس سنوات أو رؤساء محاكم الاستئناف مدة سبعة سنوات أو من الأساتذة الاكاديميين الذين عملوا في الجامعات بكلية القانون وامضوا مدة خمسة سنوات متصلة أو عشرة سنوات غير متصلة في التدريس الجامعي أو من المحامين الذين عملوا في مهنة المحاماة مدة خمسة عشر عاما وهذه الشروط التي قيد بها القانون رئيس دولة فلسطين في تعين اعضاء المحكمة الدستورية واشترط القانون أن يكون هناك حلف يمين أمام الرئيس وامام رئيس مجلس القضاء و رئيس المجلس التشريعي فكيف سيكون ذلك في ظل الانقسام للمجلس التشريعي وغيابه عن دوره الحقيقي في التشريع والرقابة والمسائلة وكيف يكون هناك سيادة للقانون واستقلال للقضاء ونزاهة وحيادية وشفافية للأعضاء الذين تم تعينهم من لون واحد أو من حركة واحدة ولهم انتماء حزبي واحد مما يعتبر هذا أخطر ما في الأمر مع العلم أن المحكمة الدستورية هي صاحبة الصلاحية في الرقابة على دستورية القوانين واللوائح أو تفسيرها أي وفي وضع المبادئ الدستورية على شكل أحكام قضائية وليست أراء وفتاوى وأن يكون هناك بت في القرارات الرئاسية من ناحية دستورية .

وأنا أرى بان الاختيار لأعضاء المحكمة لأشخاصهم مع احترامي لم يكن حسب ما نص عليه القانون وهناك مخالفات قانونية لقانون السلطة القضائية رقم 15 لسنة 2005 وقانون رقم 3 لعام 2006 الخاص بإنشاء المحكمة الدستورية وأتصور أن هناك استباق للأحداث مما يظهر الأمر وكان هناك محاصصة أو ان كل طرف يرغب في امتلاك اوراق حماية له تجاه الطرف الاخر وأن مبدأ تطبيق سيادة القانون أو استقلال القضاء والحفاظ على حيادية القضاء لم يكن موجودا لدى أي منهما لأن هذا واضح بجلاء من أن أغلبية الذين تم تعينهم في المحكمة الدستورية هم من لون سياسي وحزبي واحد والجميع يعرفهم سواء من كانوا في عملهم الاكاديمي بالجامعات الفلسطينية او عملهم في مهنة المحاماة والغالبية العظمى كانت من خارج القضاء للأسف حيث يكون قد تم اختيار معظمهم من القضاة سيكون حماية أقوى للاستقلال في القرارات والأحكام وأدعى للاطمئنان ذلك أن المواطن ومؤسسات الدولة حول أحكامهم ونزاهتها البعيدة عن الأمراض السياسية والتجاذبات الحزبية حيث أن القضاة سيكونون قد تهيأوا لنظر القضايا و تطبيق الاجراءات وأصول المحاكمات التي نص عليها قانون السلطة القضائية وقانون المحكمة الدستورية أكثر من غيرهم .

أن هذه الخطوة تعتبر نوع من الاستعجال قبل تشكيل الجمعية العامة للمحكمة الدستورية و قطع الطريق عليها من ترشح الاعضاء لمجلس القضاء الاعلى ومن ثم يقوم بتنسيبهم للرئيس لكي يتم تعينهم حسب القانون وأن الاختيار لا بد أن يكون بالتشاور مع مجلس القضاء ووزير العدل وأن الاجراءات و المراسيم هذه تتعلق بالشكل وبالنظام العام وقانونا لا يجوز للرئيس من دونه أن يقوم بمخالفة القوانين والنصوص الامرة المنصوص عليها بالقوانين الخاصة وأهم القوانين في دولتنا الفلسطينية يجب مراعاتها في مثل هذه الحالة هي القانون الاساسي وقانون السلطة القضائية وقانون تشكيل المحاكم النظامية وقانون المحكمة الدستورية التي بينت كيف يتم التعيين وما هي الاجراءات والشروط الواجب توفرها وماهي المعاير اللازمة لتعين اعضاء المحكمة الدستورية ومعرفتهم الى الصلاحيات التي تمارسها المحكمة الدستورية حسب ما جاء في القانون الفلسطيني.

أن تشكيل المحكمة الدستورية في ظل الانقسام يعتبر تعميق للانقسام القضائي والتشريعي والقانوني وكما قلت بالبداية كنت أتمنى على سيادة الرئيس أن ينتظر نتائج الحوارات في الدوحة والقاهرة حيث أصبح هناك تفاؤل حذر لدى الكثرين من ابناء شعبنا الفلسطيني وكان من الواجب أن ينتظر توحد الصف الفلسطيني وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية واجراء لانتخابات التشريعية و الرئاسية وانتخابات المجلس الوطني وحل مشكلة الموظفين وتلتئم الوحدة الوطنية وبتالي فأن القانون سيأخذ مجراه لا أن يكن هناك انتهاك لسيادة القانون وأنا أقول أنه اذا كان هناك انتهاك لسيادة القانون يكون هناك جريمة تقع في حق القانون ونحن كما كنا نسميها ونوصفها دائما أنها جريمة من جرائم الفساد القانوني التي يعاقب عليها القانون وان هذه القضايا سواء كانت فسادا اداريا أو ماليا أو قضائيا لا تسقط بالتقادم وعقوبتها لا تقل عن سبعة سنوات لذلك أنا أتمنى أن يكون هناك اعادة نطر في هذا القرار حيث لقي قرار تشكل المحكمة الدستورية اعتراض عارم من كل المؤسسات الحقوقية ومن الأساتذة و الخبراء في القانون ومن غالبية الفصائل والحركات التي تتابع ملف المصالحة الوطنية وان هذه الخطوة جاءت في الوقت الغير مناسب حيث كان لا بد أن يكن هناك دراسة للبيئة الوطنية والقضائية التي يجب أن نتعامل معها حتى نحافظ على الحد الأدنى لمرفق القضاء و عدم التغول عليه و تسيسه من أي طرف على حساب القانون والحق الوطني.

اننا في البداية بحاجة الى توحيد مشروعنا الوطني الفلسطيني وبحاجة لوحدة وطنية حقيقية تتجسد في انهاء حالة الانقسام البغيض والتغول على المؤسسات الوطنية والقضائية واحترام مبدأ تطبيق القانون واحترام سيادته ونحن بحاجة ماسة لنظام سياسي واضح المعالم يجب ان نتفق جميعا عليه سواء فصائل وحركات وشخصيات وطنية وشخصيات مثقفة واعلامية وأن نكن مجمعين على مشروعنا الوطني .

ان من ضمن الاليات التي تراقب السلطة التشريعية والتنفيذية و دستورية القوانين ومدي ملائمتها للواقع وعدم مخالفتها للدستور وتفسيرها للقاعدة الدستورية نكون بحاجه لمثل هذه المحكمة الدستورية وقد صدر قانون المحكمة الدستورية رقم 3لعام 2006 وللأسف الشديد بعد عشرة سنوات نتفاجأ اليوم في ظل الانقسام يتم تشكيل هذه المحكمة الدستورية مع العلم ان المحكمة العليا كانت تعقد بصفتها محكمة دستورية حينما يتم الطعن في قضية دستورية سواء كان في قطاع غزة أو في الضفة الفلسطينية ثم تم نظر قضايا دستوريةوفصل فيها امام المحكمة العليا بصفتها محكمة دستورية هذه الخطوة أتصور جاءت في غير مكانها وفي غير وقتها و كان لا بد أن تتم بعد أن يتم توحيد الصف الفلسطيني وتوضيح الرؤية السياسية والنظام السياسي الفلسطيني وكيف يمكننا العمل من خلال أدوات قانونية و ودستورية و تشريعية يوافق عليها الكل الفلسطيني لا ان يكن هناك جزءا متفردا بالقرار واصدار القوانين و تشكل المحكمة الدستورية في ظل الانقسام ويغيب الكل الفلسطيني عن المشاركة في مثل هذه القضايا القانونية والقضائية والوطنية والتبي تعتبر مصيرية في تاريخ الوطنية الفلسطينية.