الإثنين: 14/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

يوم الصحة العالمي ومرض السكري كشعار لهذا العام

نشر بتاريخ: 07/04/2016 ( آخر تحديث: 07/04/2016 الساعة: 12:39 )

الكاتب: عقل أبو قرع

يصادف السابع من نيسان من كل عام، ما يعرف ب" يوم الصحة العالمي"، حيث يتم الاحتفال بة كل عام بمناسبة الذكرى السنوية لتأسيس منظمة الصحة العالمية، ويتم التركيز في كل عام على موضوع صحي محدد، وفي هذا العام، اي عام 2016، اختارت منظمة الصحة العالمية الاحتفال تحت شعار" مرض السكري واهمية الوقاية منة" ، حيث اصبح تصاعد انتشار مرض السكري في العديد من البلدان، ومن ضمنها فلسطين، من المؤشرات الصحية المقلقة، ولمرض السكري تداعيات على اعضاء الجسم الاخرى، وكذلك تبعات العلاج الاقتصادية والاجتماعية، وبدون شكك ان الوقاية والابتعاد عن مسببات مرض السكري، تعتبر من الاولويات الصحية العالمية.

ومرض السكري هو احد الامراض المزمنة، او من الامراض غير السارية، اي التي لا تنتقل عن طريق العدوى، وحسب المعلومات الصحية العالمية، فأن هذا المرض كان السبب المباشر لوفاة حوالي مليون ونصف المليون شخص في عام 2012، ويعتبر مرض السكري المسبب الرابع للوفيات في الضفة الغربية وقطاع غزة، حسب تقرير وزارة الصحة الفلسطينية لعام 2015، حيث بلغت نسبة الوفيات من " السكري" حوالي 9% من مجمل الوفيات في فلسطين، وحسب التقرير فأن حوالي 6 الاف شخص في بلادنا يصابون بمرض" السكري" سنويا، ويمكن لارتفاع نسبة سكر الدم أن يتسبب في الإصابة بالنوبات القلبية والدماغية والفشل الكلوي والعجز الجنسي وحالات العدوى التي يمكن أن تؤدي إلى بتر الأطراف.

ومعروف ان " السكري" هو مرض مزمن يصاب الناس به عندما لا ينتج البنكرياس كمية كافية من الإنسولين أو عندما لا يستطيع الجسم أن يستعمل الإنسولين الذي ينتجه بكفاءة، والإنسولين هو هرمون ينظم تركيز السكر في الدم ويمنحنا الطاقة التي نحتاج إليها، وإذا لم يتم ذلك ، فإن كمية السكر تتراكم في الدم وتصل الى مستويات خطيرة، وهناك نوعان رئيسيان من مرض السكري، النوع الاول حين لا يستطيع الجسم انتاج كمية كافية من الإنسولين ومن ثم يحتاج المريض إلى الحقن بالإنسولين كي يبقى على قيد الحياة، أما المصابون بالنوع الثاني من مرض السكري، وهم يشكلون حوالي 90% من مجمل الاصابات، حيث يتم انتاج الانسولين، ولكن بكمية غير كافية أو لا يستطيع المصاب استعماله بشكل سليم، وبشكل عام فأن المصابون بهذا النوع من السكري، يمتازون بزيادة الوزن وهم قليلي الحركة، وهذان السببان يجعلان الوقاية او منع الاصابة بهذا النوع من " السكري" ممكنا وواقعيا.

ونعرف ان مجتمعنا الفلسطيني، واسوة بالمجتمعات العربية وحتى العالمية، اصبحنا نعاني من افة انتشار وتصاعد الامراض غير السارية، او الامراض المزمنة ومنها السكري، والتي لها علاقة بانماط الحياة الحديثة، من تغذية وحركة ونشاط بدني، ومن ضغوط الحياة وتوتر وقلق، ومعروف ان مفهوم الصحه العامه هو مفهوم شامل يقوم بالاساس على مبدأ الوقاية من الامراض وليس علاجها، ويشمل ذلك مفاهيم مثل التغذية الصحية، النشاط الحركي ، صحة المرأة والطفل، السياسات الصحية، سلامة المهنة، وصحة البيئة، وغيرهما، وهذا يهدف في المحصلة لتجنب انتشار امراض مزمنة لها علاقة بالغذاء والسمنة، والحركه، والتلوث، وضغط العمل والحياه وما الى ذلك، ومعروف ان الامراض المزمنة باتت تشكل اعباء كثيرة على كاهل المجتمعات، سواء اكانت هذه الاعباء اقتصادية او اجتماعية او صحية.

ولا شك أن الوزن الزائد او "البدانة" لها مسببات، من أهمها هو إتباع نظام غذائي غير سليم او غير صحي، من استهلاك مواد تعج بالدهنيات وبالمواد التي تتراكم في الجسم وفي الشرايين، وما إلى ذلك من آثار قصيرة وبعيدة المدى، وما لذلك من مضاعفات على شكل أمراض مثل السكري والقلب وغير ذلك، وبالطبع فأن المسؤول عن البدانة وما ينتج عن ذلك من امراض هو الأنماط الغذائية غير الصحية، وضعف الحركة، أو اهمال ممارسة الرياضة، وأنماط الحياة السهلة التي سايرت تطورات العصر من استهلاك للوجبات السريعة، والابتعاد عن الطعام الطازج والخضار والفواكه، والابتعاد عن استهلاك المواد الغذائية التي لا تعج بالمواد الكيميائية المختلفة؟

ومع انتشار مرض السكري عندنا، وبالتالي الحاجة الى العلاج وتوفر الدواء، فأن توفر الادوية هو ضرورة وطنية، وبالاخص الادوية المنتجة محليا، بالنوعية وبالجودة وبالامان وبالكمية، التي يحتاجها المريض او المستهلك الفلسطيني، اي توفر الامن الدوائي، ويحدث في احيان عديدة، ان تختفي فجأة بعض الادوية، وبغض النظر عن سبب اختفاء الادوية، سواء اكان السبب هو المورد او المستورد او صاحب المستودع، او صاحب الصيدلية، او وزارة الصحة، او حتى الانتاج المحلي، اي المصنع الدوائي الفلسطيني، فأن من يدفع الثمن في المحصلة هو المريض، وهنا مريض السكري، والمجتمع بشكل عام، بسبب حالة القلق والارباك والتساؤلات التي يؤدي اليها اختفاء الادوية؟

وفي بلادنا، فأن الاهم في هذا مجال الوقاية ومنع الاصابة بمرض السكري، وبالإضافة إلى التوعية الصحية للمواطن، هو إتباع الجهات الصحية الرسمية، ممثلة في وزارة الصحة الفلسطينية لسياسات صحية ملزمة ولتطبيق برامج تثقيف صحي غذائي، وخاصة إلى طلبة المدارس، وتبيان الخيارات الصحية الغذائية، أو حتى إصدار القوانين والتشريعات والتعليمات، التي تمنع استهلاك المواد غير الصحية، كالأطعمة السريعة والجاهزة، والمشروبات الغازية، والسكريات، وما إلى ذلك، وهذا ما قامت وتقوم به العديد من الدول في العالم، وبالإضافة إلى ذلك تشجيع ثقافة الحركة والرياضة، وكذلك إلزام الصناعات الغذائية، وأعتقد أن ذلك يتم بتبيان عدد السعرات الحرارية، التي تحويها منتجاتها؟

وفي يوم الصحة العالمي، وموضوعة هذا العام " مرض السكري واهمية الوقاية منة"، فاننا وبالاضافة الى اتباع برامج وسياسات الجهات الصحية الرسمية في بلادنا، من المفترض ان تلعب الجهات غير الرسمية العاملة او الفاعلة في مجال الصحة وكذلك وسائل الإعلام بكل أنواعها دوراً هاماً، في التوجيه نحو أنماط غذائية صحية سليمة، تعتمد على استهلاك أكثر من المنتجات الطازجة من فواكه وخضار، وإلى التحذير من الآثار الوخيمة "للبدانة" وما يتبع ذلك من أمراض مثل الضغط، والسكري؟