الأحد: 28/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

دعوا الشعب يقرر مصيره بنفسه

نشر بتاريخ: 22/07/2016 ( آخر تحديث: 22/07/2016 الساعة: 11:37 )

الكاتب: معتصم حماده

دعوا الشعب يقرر مصيره بنفسه في إنتخابات شاملة حرة ونزيهة لإنهاءالإنقسام وإعادة بناء المؤسسات الوطنية على أسس ديمقراطية
وهكذايكون قد إنعقدالإجماع الوطني،فصائلياً،وشعبياً، على ضرورة وأهمية وتسهيل تنظيم الإنتخابات البلدية والمحلية والقروية، في المناطق المحتلة. إنعقد الإجماع الوطني، رغم الإنقسام السياسي القائم بين حركتي فتح وحماس، ورغم غياب التوافق السياسي في إطار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير من القضايا الكبرى، كبيان باريس والدعوة لمؤتمر دولي خارج رعاية الأمم المتحدة، أو قضايا التنسيق الأمني، ومقاطعة الإقتصاد الإسرائيلي، وتنفيذ باقي قرارات المجلس المركزي (آذار/مارس 2015) واللجنة التنفيذية.

ولا يمكن لأي مراقب إلا أن يعترف أن هذا التوافق على تنظيم الإنتخابات البلدية هو ثمرة ضغط شعبي، جرى التعبير عنه، إن في الضفة، أو في القطاع، بأشكال مختلفة. فالمجالس البلدية والمحلية،والقروية، مهمة في التنظيم المجتمعي، وتوفير مقومات الصمود، على أيدي أبناء المجتمع أنفسهم، في مواجهة إجراءات الإحتلال وسياساته، وعربدات المستوطنين وسطوهم على الأرض الفلسطينية. والإنتخابات، هذه، كما قالت خلاصات المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، هي شكل من أشكال حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بنفسه. حقه في إختيار من يدير شؤونه البلدية، في إطار القانون، أي حقه في إدارة شؤونه بنفسه كشعب ناضج، حضاري، مؤهل، خلافاً لإدعاءات مصادر إسرائيلية كثيرة، لأن تكون له دولته المستقلة كاملة السيادة، بحدودها وعاصمتها المعترف بهما دولياً بموجب قرار الأمم 19، وعبر المؤسسات المشكلة ديمقراطياً، عبر الإنتخابات النزيهة والشفافة والحرة، وبموجب قوانين هي من الأكثر تقدماً في العالم، أي قوانين التمثيل النسبي الكامل.

وهو الأمر الذي يفتح النقاش على مصراعيه: مادام الشعب الفلسطيني مؤهلاً، بإعتراف المجتمع الدولي، لأن يقرر مصيره بنفسه، عبر هذا الشكل أو ذاك من الإنتخابات [وتاريخ الإنتخابات في مناطق السلطة وفي جامعات الضفة، وفي بعض النقابات كنقابة العاملين في وكالة الغوث في لبنان وغيرها مثال ساطع على ذلك]، ومادامت القوى الوطنية على إختلاف إتجاهاتها قد توافقت على ضرورة تنظيم الإنتخابات البلدية والمحلية، فلماذا لا يتم مد القضية نحو نهاياتها، وفتح ورشة الإنتخابات الشاملة، التشريعية والرئاسية، مستفيدين من روح الإجماع الوطني القائمة الآن، وعلى طريق إعادة بناء المؤسسات الوطنية، في السلطة، وفي م. ت.ف، على أسس ديمقراطية، وبالتالي تجاوزحالة الإنقسام، عبر عملية إعادة توحيد، يكون عنصر التوحيد الرئيسي فيها، هو صوت الناخب ورأي المجتمع الفلسطيني.

الكل يعترف أن الإنقسام هو الخاصرة الرخوة في الحالة الفلسطينية، وهو ذريعة، كثيراً ما لجأ الجانب الإسرائيلي لإستغلالها لتعطيل التسوية السياسية، لحل قضايا الوضع الدائم. وهو(الإنقسام) ذريعة وردت بشكل واضح في تقرير اللجنة الرباعية. ومن خلال بوابة الإنقسام وثغرته الكبرى، يحاول الكثيرون أن ينفذوا ليطعنوا في جدارة الشعب الفلسطيني وأهليته لإدارة شؤونه بنفسه، خارج أية وصاية، أياً كان شكلها.
ولا داعي للإنكار أن الإنقسام عطل على الشعب الفلسطيني العشرات من الفرص الوطنية للتقدم إلى الأمام في مسيرته الوطنية كذلك عطل على الشعب الفلسطيني العشرات من الفرص للإرتقاء بمستوى أدائه السياسي، والوطني ومعالجة العديد من قضاياه الاجتماعية والإقتصادية، أبسطها فك الحصار عن القطاع وإعادة إعمار ما دمره العدوان، وتطوير مستوى الحياة في القطاع والتي تزداد تدهوراً، وإعادة التوازن للعمل المؤسساتي بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، بما يضمن حقوق المواطنين و مصالحهم في مواجهة تغول السلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية [المغيبة بتغييب المجلس التشريعيٍ]، وكذلك على الصعيد الوطني وفي مواجهة الإحتلالوالإستيطان، وسن القوانين الكفيلة بدعم الحركات الشعبية بما في ذلك دعم وإسناد إنتفاضة الشباب، وتحركات الأسرى، وغيرها.

تعطيل كل هذه العمليات بفعل الإنقسام لم يعد مقنعاً لأحد، خاصة وأن الرهان على حل ثنائي للإنقسام بين حركتي فتح وحماس بات رهاناً فاشلاً، في ظل الشروط والشروط المضادة، وهي كلها شروط مبنية على أسس مصلحية فئوية خاصة بكل حركة على حدة، وخارج سياق المصلحة الوطنية العامة، مايفترض والحال هكذا، عدم الإكتفاء بتحميل الطرفين مسؤولية إدانة الإنقسام، ومسؤولية تعطيل مشاريع الحلول الثنائية والجماعية (كوثيقة 2013 في القاهرة)، بل وطرح البديل الذي بإمكانه أن يتجاوز الطرفين بفعل قوة العمل الشعبي والجماهيري، ولنا في الإجماع الوطني على تنظيم الإنتخابات البلدية والمحلية مثال ساطع يفترض إتباعه.

من هنا يتوجب على اللجنة التنفيذية أن تلتقط الفرصة التاريخية، فرصة التوافق على الإنتخابات البلدية والمحلية تحت ضغط المجتمع وقواه الحية، ودعوة الحكومة لإتخاذ الإجراءات الضرورية لتنظيم إنتخابات تشريعية لاختيار مجلس تشريعي جديد، بعد أن إنتهت ولاية القديم، وثبت فشله في أداء مهمته، مستفيدين من الفشل لصالح إعتماد قانون إنتخابات يتجاوز القانون القديم الإنقسامي لصالح قانون التمثيل النسبي الذي يفتح البوابة على مصراعيها لصالح الشراكة الوطنية. وإعتماد نتائج التشريعي، كخطوة أولى نحو إعادة تشكيل المجلس الوطني، بالإنتخابات حيث أمكن، وبالتوافق حيث يتعذر ذلك، وإستكمال عملية التجديد بإنتخاب رئيس جديد للسلطة. وفقاً لآليات يتم التوافق عليها، في اللجنة التنفيذية، وفي الهيئة العليا لتفعيل مؤسسات م. ت .ف.[عملاً بقرار القاهرة 2005] وبالإشتراك مع الحكومة.

هذا الطريق الديمقراطي هو الذي من شأنه أن يعيد بناء المؤسسات، وأن يعيد تجديد الشرعية الفلسطينية، وأن يضع حداً للتفرد والإستفراد، وللإستقطاب الثنائي، وأن يتجاوز الإنقسامات، وأن يؤسس لمرحلة سياسية فلسطينية جديدة، بعد أن بات واضحاً أن مرحلة أوسلو قد وصلت إلى الإفلاس الشديد، وأن الرهان على الرباعية، هو قمة الإفلاس، وأن الرهان على أية مبادرة للعودة إلى المفاوضات الثنائية مع الجانب الإسرائيلي، وفقاً لإشتراطات نتنياهو وللآليات القديمة هو الإنتحار بعينه.

لنفتح الآفاق نحو حلول ديمقراطية، يقرر فيها الشعب الفلسطيني مصيره بنفسه. إذا كنا نطالب المجتمع الدولي بتوفير الفرصة أمام الشعب الفلسطيني لتقرير مصيره بنفسه، وفقاً لبرنامجه الوطني، فالأولى بالقيادة الحالية، أن تكون هي المبادرة لتوفير هذه الفرصة في إطار إعادة بناء وتشكيل مؤسسات الشعب الفلسطيني، في م.ت.ف، وفي السلطة معاً وفي المجتمع بما فيها النقابات والجمعيات ومجالس الطلبة والإتحادات الشعبية، في الضفة الفلسطينية كما في قطاع غزة، وفي الشتات دون أية إستثناءات، تحت أية ذرائع كانت.