الثلاثاء: 07/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

طائرة "الشبح" والمصالح الامريكيه في المنطقة

نشر بتاريخ: 13/12/2016 ( آخر تحديث: 13/12/2016 الساعة: 15:28 )

الكاتب: عقل أبو قرع

مع تسليم أحدث طائره حربيه في الترناسة الامريكيه، بل وربما في العالم الى أسرائيل، تؤكد الولايات المتحده الامريكيه أن حليفها الاسترتيجي في المنطقه، كان وما زال وسوف يبقى هو الحليف الاسرائيلي، وهو الذي تثق فيه فقط من اجل حماية مصالحها في المنطقه، ومع تسلم الجانب الاسرائيلي الطائره الشبح، اي الطائره التي لا يمكن لعين الرادارات الحديثه رؤيتها أو تحديد موقعها، يتباهى وعلى لسان رئيس الوزراء بالقدرة أو بالذراع الطويله القادره على ضرب أي هدف في المنطقة، لأن هذه الطائره تستطيع الطيران ولمسافات طويله جدا، مع القدره على التزود بالوقود وبالتالي القدره على الوصول الى أهداف بعيده وضربها وبدون أن يراها أحد.

وبالاضافه الى الجانب الرسمي أو الحكومي الامريكي، الذي يرى فقط في اسرائيل كحليف استراتيجي في المنطقه، فأن القطاع الخاص الامريكي، أي الشركه المصنعه للطائره الحديثه، قد منحت الجانب الاسرائيلي الحق في احداث التعديلات اللازمة التي تتلائم مع طبيعة الاحتياجات الاسرائيليه على اجهزة وانظمة الطائره، وهذا في العاده لا يحدث مع الدول او الجهات الاخرى التي تبيعها طائراتها، وهذا بالطبع يدل على أنه ليس فقط الجانب الرسمي ينظر الى اسرائيل بكل ثقه كحامي لمصالحه في المنطقه، ولكن القطاع الخاص غير الرسمي، والمجتمع الامريكي قاطبه.

ومع انتظار وصول الرئيس الامريكي الجديد الى البيت الابيض الشهر القادم، من المتوقع ان لا تتغير السياسه الامريكية تجاه اسرائيل كثيرا، وان تغيرت، فأنها سوف تكون بالاتجاه الافضل أو الاكثر محاباه، وفي ظل ذلك، من المفترض أن لا ننسى أن السياسه الامريكيه في منطقتنا تحددها المصالح الامريكية فقط، وبالاخص المصالح الاستراتيجيه أو المصالح بعيدة المدى، وبالتالي فأن الحفاظ على العلاقه مع من يعمل على حماية هذه المصالح أو الحرص عليها، كانت وما زالت وسوف تبقى الاولويه التي تحدد مسار السياسه الامريكيه في المنطقه وفي العالم، ومن المعروف كذلك أن القرارات في الاداره الامريكيه، وبالاخص القرارات الاستراتيجيه هي محكومة بتوازن القوى بين المؤسسات الامريكيه المختلفه، اي البيت الابيض والكونغرس ومنظومة القضاء الامريكي.

وبما أن المصالح الاستراتيجيه أو بعيدة المدى الامريكيه هي التي تحدد بوصلة السياسه الامريكيه في منطقتنا، فأن الحفاظ على الحليف الاستراتيجي الذي يحمي هذه المصالح هو أمر لا يمكن الحياد عنه، وهذا الحليف الذي كان وما زال وسوف يبقى وبغض النظر عمن يجلس في البيت الابيض هو اسرائيل، أو الحليف الاسرائيلي الذي تأتمنه الاداره الامريكيه من أجل حماية مصالحها وبأقل التكاليف، وبالاخص في ظل هذه الاوضاع المضطربه والمتلاطمه من سوريا الى العراق واليمن وليبيا ومصر، وصولا الينا أي نحن الفلسطينيين.

وبالتالي فأن الادارة الامريكية الحالية، اسوه بغيرها من الادارات السابقة وحتى اللاحقة، ليست بلقادرة، او حتى ليست لديها الرغبة، في القيام بأحداث تغيير جذري، في ظل التحالفات والعلاقات والمصالح الاستراتيجية، التي تربط بين الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل، وفي ظل تعقيدات النظام السياسي الامريكي، وتوازناتة وتشاحناتة المختلفة، والاهم في ظل التاثير الكبير، والضغوط والحاجة الى اللوبي اليهودي والى الصوت اليهودي والى المال اليهودي والاعلام اليهودي.

والعلاقة الاستراتيجية الامريكية مع اسرائيل تقوم بالاساس على حماية المصالح الامريكية في المنطقة، وبالتالي الحاجة المستدامة، او الراسخة الى وجود حليف يمكن الاعتماد علية او الوثوق بة، او التشارك معة في القيام بذلك، والذي من الواضح، انة في الوقت الحاضر وفي المستقبل المنظور، لا يوجد بديل للحليف الاسرائيلي، وخاصة في ظل الاحداث المتسارعة في المنطقة، وفي ظل تبدل التحالفات وبروز المحاور، وفي ظل تغير الاولويات، والاهم في ظل الضعف والوهن والانقسام والتشرذم، الذي يعصف بالطرف العربي، والذي لا يمكن الاعتماد علية او حتى الوثوق بة، في القيام بالدور الذي قام ويقوم به الطرف الاسرائيلي، في حماية المصالح الاستراتيجية الامريكية، والتي وفي نقاط عدة تتداخل مع المصالح الاسرائيلية في المنطقة.

اما التناقض الظاهري او السطحي في بعض الاحيان بين الموقفين الامريكي والاسرائيلي، وبالتحديد فيما يتعلق بالنظرة الى عملية السلام، والى حل " الدولتين"، فلا يعدو كونة خلافا في الكيفية او في التفسير للحفاظ على مصالح او استقرار او امان الطرف الاسرائيلي، لانة اصبح من الواضح، ان "حل الدولتين"، وبغض النظر عن التعريف للدولتين، هو الامثل من وجهة النظر الامريكية للحفاظ على مصالح حليفة، في ظل بدائل اخرى، ربما تكون اسوأ، سواء من خلال حل الدولة الواحدة، او من خلال مواصلة الاحتلال، وبالتالي تعميق سياسة الفصل العنصري، او اية خيارات اخرى غير عملية.

وبالتالي فأن الحديث عن التغيير في السياسه الامريكيه في المنطقه ونحونا، سواء أكان بالايجاب أو بالسلب، هو غير متوقع بالشكل الاستراتيجي الذي يمكن ان يتوقعة البعض، وان ما يتم الحديث عنة أو التنبؤ به، لا يعدو شكليا او ظاهريا، اوان الجانب الاسرائيلي يعي ذلك، ويعرف ان الامريكيون في الوقت الحاضر وفي المستقبل المنظور، لا يمكنهم الاعتماد او الوثوق بحليف اكثر أو أعمق أو أصدق من الحليف الاستراتيجي الاسرائيلي، وأن حزمة المساعدات الاقتصاديه الامريكيه لاسرائيل، التي لم يسبق لها مثيل، والتي تم توقيعها في عهد الادارة الحاليه لاوباما، لهي شاهد على ذلك.

ويأتي تسليم الطائره " الشبح" الى اسرائيل، في الوقت الذي يتواجد فيه في واشنطن وفدا فلسطينيا في محاوله لاقناع الادارة الامريكيه الحاليه العرجاء، اي التي لم يتبق لها سوى شهرا في البيت الابيض، بأن تأخذ موقفا مؤيدا لنا في مجلس الامن الدولي، متناسين العلاقات الاسترايتجية بينها وبين اسرائيل، والتي من ضمنها العمل من اجل توفير الحمايه لها في مجلس الامن من خلال الفيتو الامريكي، ولذا فأن علينا نحن الفلسطينيين ان لا ننساب عاطفيا سواء بالسلب أو بالايجاب مع التصريحات أو مع التنبؤات ، وان لا نغير نظرتنا او مواقفنا وبالاخص نحو التوجة الدولي الانساني، ونحن نعلم ان هناك مصالح او علاقات استراتيجية امريكيه مع اسرائيل، لا تتغير بتغير الاشخاص او المسؤولين، ونحن تعلمنا من التاريخ ان ذلك لم ولن يحدث.