الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الأمة وفلسطين

نشر بتاريخ: 15/06/2017 ( آخر تحديث: 15/06/2017 الساعة: 22:17 )

الأمة وفلسطين- المكافأة والعقاب
بقلم: سيد بركة

كلما خسرت إنسانا عليك أن تعترف بضيق الأفق عندك، وانك تحتاج إلى رؤية أوسع، لان الرؤية الواسعة هي التي تتسع لكل الناس أي تتسع للحياة لان الحياة لا تخلو من الشيء ونقيضه، لا بل هي قائمه على الزوجية -الذكر والأنثى-، -الليل والنهار، -الطيب والخبيث-، -الخير والشر – الخ.
ولعلها مقتضيات الحكمة الإلهية من وراء الاختبارات والابتلاءات التي يعيشها الناس ليحددوا هم مصيرهم بناء على الاختيارات التي اختاروها في الحياة لجهة الصواب أو الخطأ، الحق أو الباطل، الفوز أو الخسارة.
دعوني ابدأ بقوله سبحانه وتعالى ((يؤت الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا)).
والحكمة إما مصدرها العقل أو الوحي أو كلاهما معا وهذا هو الأكمل وعظمه الحكمة وأهميتها في تزويد الناس باليقين، وأهمية اليقين انه ينهي الحيرة والتيه والضلال والضياع ويصبح هناك معايير يحتكم إليها الناس.
لذلك لم نسمع اقتراحا على مدار التاريخ من احد مهما كان جنونه وعبثيته انه يريد أن نطلق على وقت ما بعد شروق الشمس (الليل)، وان نطلق على وقت ما بعد غروبها (النهار).
وحينما تغيب المسلمات واليقينيات من حياة الناس يصبح على الإنسان وعلى الحياة السلام.
هذا المبنى النظري الواضح والبسيط في نظري تقوم عليه الحياة بكافه جوانبها ومجالاتها ومن ضمنها الحياة السياسية أي لا بد من بعض المسلمات في العمل السياسي.
من هذا المنطلق أتساءل بكل شفافية وقوه في آن واحد:
-أليست إسرائيل كيانا مغتصبا ومحتلا لأرض فلسطين ؟!
-أليس الفلسطينيون عربا يهودا ومسيحيين ومسلمين ؟!
-أليس الفلسطينيون جزءا من أمه كبيره وغنية ؟!
ماذا يعني أن يجوع الفلسطيني ويحاصر ومليارات لا بل تريليونات العرب بتصرف اكبر القراصنة بالعالم أمريكا وبالتالي بتصرف وخدمه إسرائيل ؟!
ماذا يعني ان يرحب بالإسرائيلي في بلاد الخليج –بلاد الحرمين ودبي وقطر والبحرين- وتتخذ كل القوانين والإجراءات لحماية الخليج من دخول الفلسطينيين ناهيك عن إقامتهم فيه ؟!
كيف يفهم أي عاقل أنكم تتحركون بدوافع الغيرة الدينية او العروبية في اليمن وسوريا وليبيا، وتحركون طائراتكم وسفنكم ودباباتكم وجنودكم، وتضخون أموالكم في تلك الساحات ولا نرى شيئا من ذلك او من تلك الغيرة وتجلياتها على ارض فلسطين؟!
لذلك بحثا عن بعض اليقين بالسياسة نقول: قبل أن تطالبونا ان نبارك تحالفاتكم ونبارك بطولاتكم في الساحات المذكورة اخبرونا بوضوح:
-ما هي حقيقة قناعاتكم اليوم اتجاه فلسطين والفلسطينيين ومن ثم اتجاه إسرائيل ؟
-ما هي نصيحتكم للفلسطينيين ؟
-ما هي تصوراتكم لمستقبل العرب؟
-ما هي تصوراتكم لمستقبل المسلمين ؟
-هل لديكم وصفه لنهضة العرب وتوحيدهم ؟
-هل لديكم رؤية لتوحيد المسلمين ونهضتهم ؟
-هل لديكم فلسفه أو رسالة تريدون توصيلها للعالم ؟
ام ان كل ما لديكم هي الثروة– ثروة الأمة - التي لم تكونوا يوما من الأيام تملكون قرارها للأسف الشديد.
لو افترضنا ان الله أراحكم من الفلسطينيين –ابتلعهم البحر وتكفل بالبقية منهم مثلث برمودا- ولو افترضنا أن الله أراحكم من الشيعة وعلى رأسهم إيران وحزب الله يبقى السؤال الطبيعي بحثا عن بعض اليقين السياسي:
من انتم؟ من هو زعيمكم أو إمامكم ؟ ما هي رسالتكم التي تبشرون بها ؟ ما هي خطتكم ؟ وبالتالي إلى أين تأخذوننا حتى نسير عن قناعه وإيمان خلفكم؟.
ان اليقين الذي اشرنا إليه في بداية حديثنا الذي تزودنا به الحكمة نجده في القران الكريم وتحديدا في الآية الكريمة ((واتبعوا أحسن ما انزل إليكم من ربكم )) هذا اليقين يتجسد في قانون أسميته قانون (الأحسن) وهو أهم قانون في القران وهو غائب تماما عن فكر وحياه المسلمين ومفاده:
(انه لو وجد الحسن والأحسن وأنت قادر على الأحسن فلست مخيرا.. أي يجب ان تختار الأحسن وتفعله).
وليس الأحسن أن إسرائيل لم تعد عدوا حقيقيا ومركزيا للعرب والمسلمين لا بل لكل احرار العالم.
وليس الأحسن أن تبيعوا الفلسطينيين –كما هو حاصل اليوم- وتسلموهم للمحرقة بعد ما فعلتم بفلسطين ذاتها.
وليس الأحسن ان تشيطنوا إيران -الجار المسلم القوي- وتحاربوها خصوصا أنكم والعالم اجمع تدركون أنكم اعجز من أن تقفوا في مجرى ريحها إن هبت.
وليس الأحسن ان تسلموا الثروة–ثروة الامه- لكبير القراصنة (ترامب) لعله يحميكم يحميكم ممن؟ وهو كبير القراصنة على مستوى العالم.
لذلك الأحسن إن أردتم الأحسن ان تعودوا إلى رشدكم وان تتواضعوا.
الأحسن أن تؤمنوا أن القوه ليست هي الحق وان أهل الحق مهما كان ضعفهم المادي لا محالة منتصرون.
الأحسن ان تعودوا إلى رشدكم وتعودوا إلى شعوبكم وان تعطوهم حريتهم الحقيقية ليعيشوا عصرهم ويروا اليوم الذي يختارون فيه حكامهم ونمط عيشهم.
الأحسن ان نحترم الأخوة التي تجمعنا ونبحث عن نقاط القوه في الواقع العربي والإسلامي، ونعيد تركيب عناصر هذه القوه لتتكامل مع بعضها بعضا، ونذهب بشكل تدريجي باتجاه (تكتل عربي إسلامي) حقيقي ومنطقي وعملي يقوم لنصرة المظلوم منا وإغاثة الملهوف فينا، وإطلاق سراح أسرانا، تكتل يعطي اولوية لمحاربة الجهل والتخلف بالعلم ويعطي أولوية لمحاربه الجوع والبؤس والفقر بالعدل والإنصاف.
الأحسن ان يتداعى الحكماء المخلصون الذين يريدون لامتهم ولا يريدون لأنفسهم ولا لعائلاتهم المجد والرفعة والاستقلال.
الأحسن ان يتداعى الحكماء المخلصون ليضعوا (ميثاق العزة والاستقلال) لهذه الأمة، ويدرس هذا الميثاق ويمحض حتى يصبح مرجعا صالحا للنهضة وحل النزاعات، ويصبح دليلا سياسيا وحضاريا للأمتين العربية والإسلامية.
أيها السادة الحكمة تقتضي انه حينما يكون الموسم موسم خسارة، فإذا استطعنا ان نضع حدا للخسارة فهذا شكل من إشكال الربح.
لذلك الأحسن ان نوقف هذا التدهور في الواقع العربي والإسلامي.
الأحسن ان نرجع إلى توحيد اليقينيات واحترام المسلمات.
والأحسن ان نكتشف سبيل الأخوة الحقيقية بيننا بدلا من العداوات والأحقاد والرعونات البشعة والمدمرة التي تكاد تلقي بنا في أسفل حفر التاريخ.
الأحسن ان تعودوا إلى كتاب الله وتحديدا بعض آيات من سوره آل عمران من 101-104 والتي تشير بوضوح:
كيف تكفرون من جديد وفيكم القران والسنه والعترة ؟ يجب أن تحيوا مسلمين وتموتوا مسلمين , وذلك لن يكون إلا بالاعتصام الجدي والحقيقي والعملي بحبل الله الذي يجمع ولا يفرق ويوحد ولا يبدد , افعلوها كما فعلها نبيكم وملهمكم وقائدكم وقدوتكم وشفيعكم محمد (ص) حينما حول بأذن الله العداوة إلى أخوة حيث كنتم على شفى حفره من النار فأنقذكم منها .
الأحسن يا ساده أن نكون أندادا متساويين , وأخوة متكاملين , لا أن نكون أتباعا مهزومين.
الأحسن يا ساده أن نتوقف ونعيد قراءة المشهد لنكتشف الرؤية الاصوب والأوسع ,الرؤية التي تؤكد ما قاله وزير خارجية ألمانيا في حديث مع ديرشبيغل الألمانية : (ان الولايات خسرت زعامة العالم ,وان أمريكا فشلت في شغل موقع الدولة الأهم في مجتمع القيم الغربية وان ميزان القوه في العالم قد اختل مع وصول الرئيس ترامب ) .
الأحسن يا ساده ان يلتقي الإيراني والتركي والعربي وبقيه المسلمين من خلفهم حول ( مظلومية فلسطين) حول (عدالة فلسطين)ليصنعوا (تكتل العزة والاستقلال) الذي يحارب الظلم الداخلي في الامه وهو الاستبداد والتخلف، ويحارب الظلم الخارجي وهو الاستحمار والاحتلال.
الأحسن يا ساده ان نتواصل ونتكامل مع القوة الناهضة في أسيا وأمريكا اللاتينية ومع كل حكماء وعقلاء العالم من اجل القضاء على العنصرية والتمييز العنصري وصولا الى مجتمع إنساني عصري يحكمه الحكماء والخبراء لا ان يحكمه المرابون الفاسدون.
الأحسن يا ساده أن ننتبه وان نقر ان فلسطين هي الامتحان الإلهي الأكبر للامه وان تحريرها سيكون بمثابة المكافأة الإلهية لامه استعادت روحها واستعادت رسالتها واستعادت دورها بين الأمم.
فلا تهربوا من الامتحان الفلسطيني ولا تدفنوا رؤوسكم وسط ضجيج الفوضى والعبثية التي تملأ سماء المنطقة عار عليكم الهروب من هذا الامتحان الفلسطيني واجهوا الامتحان وانتصروا على التخلف والاستبداد وأقيموا انظمه ومجتمعات عصرية حقيقية، وصونوا ووحدوا ثروتكم ووحدوا رؤيتكم حينها ستربحون التحدي وتفوزوا بالامتحان الفلسطيني.
وحده يا ساده نجم فلسطين سيخرجكم من ليل التيه والخواء والعدمية إلى العزة والكرامة والنهضة والاستقلال، وحده نجم فلسطين سيعيدكم إلى الطريق الصواب.
لذلك خلاصة الخلاصات يا سادة هي :أن فلسطين بالسياسة خافضة رافعة ترفع من يحتضنها ويدعمها بإخلاص وتخفض كل من يتآمر عليها ولو بعد حين، وبالتالي كل ما أنتم فيه وعليه اليوم هو عقاب طبيعي على موقفكم الحالي من فلسطين.
غيروا موقفكم من فلسطين واحتضنوا فلسطين ليصبح تحريرها مكافأة لكم كأمه على عودتكم إلى رشدكم وواجبكم الديني والقومي والإنساني اتجاه الامه وفلسطين.
انهم يرونه بعيدا ونراه قريبا