الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

حماس والنفق المظلم..

نشر بتاريخ: 15/06/2017 ( آخر تحديث: 15/06/2017 الساعة: 22:20 )

الكاتب: عبد الله كميل

منذ انطلاقتها مع بدايات الانتفاضة الأولى تبين ان حماس ومن خلال ميثاقها وأدبياتها وسلوكها على الأرض استحالة انسجامها مع منظمة التحرير بشكل عام ومع حركة فتح بشكل خاص فوضعت الشروط المستحيلة لدخول منظمة التحرير والتي كان عنوانها اما الدخول مسيطرين على المنظمة واما فلا.. وحينها كانت فتح تشكل العمود الفقري للحركة الوطنية التي انتهجت الكفاح المسلح وسيلة واداة رئيسية في نضالها ضد الاحتلال وبالتالي لم يكن مطروحا التفاوض مع الاسرائيليين كنقطة جدلية بين حماس والمنظمة أو كمبرر للخلاف ما يؤكد أن الطابع الايديولوجي لحماس هو المانع للانسجام مع المنظومة الوطنية الفلسطينية.. ومع انطلاق حماس بدأ الموقف الفلسطيني يضعف شيئا فشيئا حيث ظهر متصدعا نتاج سلوك حماس الانقسامي على الأرض. ومن خلال خطابها الاعلامي والفكري وكذلك من خلال مناكفة القيادة الوطنية الموحدة التي قادت الإنتفاضة.. قدم ياسر عرفات عروضا كثيرة لحماس من أجل الانضواء تحت اطار منظمة التحرير كجسم جامع وممثل لكل الفلسطينيين وكذلك فعل الشهيد خليل الوزير انطلاقا من ادراكهما لخطورة التصدع على الساحه الفلسطينية إلا أن كل ذلك قوبل بالرفض من قبل حماس ما أكد أن الأخيرة لديها الرغبة والتخطيط لما هو أكبر من المشاركة بالفعل في اطار وحدوي حيث برز هاجسها بالسيطرة على الوضع الفلسطيني حين استخدمت كافة الوسائل في سبيل الوصول إلى ذلك ومنها استثمار المقاومة من أجل اغواء الشباب المتحمس والجمهور الذي ضاق ذرعا بالاحتلال وكل ذلك بهدف توسيع قاعدتها الجماهيرية.. وقفت حماس منذ أوسلو ضد العملية السياسية التي قادها ياسر عرفات واستخدمت كل الطرق لاجهاضها .. استخدمت الدين في مواجهة الخصم الممثل بمنظمة التحرير فاخرجت الفتوى بتحريم الانتخابات التشريعيه والرئاسية في عام ١٩٩٦..ومن ثم أخرجت فتوى في العام ٢٠٠٦ بتشريع الانتخابات البلدية والتشريعية حيث اشتركت فيها وفازت بالأغلبية نتاج تشرذم فتح.. وتسلمت حماس السلطة وبدأت بنسج علاقاتها العربية والدولية غير آبهة باستقلالية القرار مستندة إلى نظرية المؤامرة وعلى قناعة مفادها أن فتح تناصبها العداء فذهبت باتجاه سوريا وايران ومن ثم تدخلت بالشأن السوري الداخلي معتقدة أن النظام السوري قاب قوسين أو أدنى من السقوط كما النظامين التونسي والمصري فطردت من سوريا وناصبت حزب الله وايران العداء وذهبت باتجاه مصر حيث لم تأخذ العبر من الدرس السوري فتدخلت بالشأن المصري الداخلي متحالفة مع الاخوان المسلمين هناك ومن ثم الوقوف مع محمد مرسي ضد بقية القوى والاحزاب ووجدت نفسها ملاحقة في مصر بعد عزل مرسي وصعود عبدالفتاح السيسي متسببة في حصار غزة فذهبت باتجاه قطر وهناك لم تستفد من الدروس السابقة حيث سيطرت قطر على قرارها وأوقعت حماس نفسها بالمحظور لما شكلته قطر من معين يحتوي كل التناقضات بعلاقاتها المتناقضه مع امريكيا واسرائيل وايران ووقوفها بنفس الوقت ضد النظام السوري ..ناهيكم عن اشتباكها الدائم مع غالبية الدول العربية ودورها في الحرب على العراق وتدخلاتها السافره في الأوضاع الداخلية العربية والاشتباه بدعمها للقوى المتطرفة والارهابية ..
وبعد اتخاذ عدد من الدول العربية اجراء القطيعة الشاملة مع قطر بعد اتهامها بدعم الارهاب في العديد من الدول وكذلك المطالبة بطرد حماس من هناك ووقف الدعم القطري لها والذي أكده السفير القطري في الولايات المتحدة مبررا ذلك بأنه كان بطلب رسمي من قبل امريكيا .. كان ينبغي على حماس وهي تقف على مفترق الطرق أن تكون اكثر اتزانا وأن تستفيد من الدروس التي مرت بها ..كان ينبغي أن تفكر جديا باللجوء إلى الحضن الفلسطيني عبر حوار جاد مع فتح حيث يعتبر الاتفاق الجدي على تجسيد الوحدة الوطنية هو حبل النجاة لحماس والطريق الاقصر لرفع المعاناة عن غزة وأهلها إلا أن حماس بدلا من ذلك ذهبت باتجاه الوقوف مع قطر حيث جلبت لنفسها المزيد من المتاعب عبر توسيع دائرة العداء العربي لها وكذلك الامر ان ذهبت باتجاه ايران وهذا ما بدا واضحا ستجلب لنفسها متاعب كثيرة مع السعودية وحلفائها..
واخيرا أقول أن حماس لم تتعلم من الدروس ويبدو أنها تتعمق أكثر في النفق المظلم عبر لجوئها للخيارات الصعبه والقاتلة سواء ارتمائها في الحاضنة القطرية أو الحاضنة الايرانية أو التركية أو الهروب من أزماتها باتجاه حرب جديدة مع الاسرائيليين أو ارسال مزيد من بطاقات الاعتماد للادارة الأمريكية أو اسرائيل من خلال تراجعها عن مواقفها السياسية التي ابدتها من خلال وثيقتها السياسية أو تصريحات بعض قادتها ..فهل ستدرك حماس يوما ان الوحدة الوطنية هي الخيار الأسهل الأكثر جدوى لها وللقضية الفلسطينية..