السبت: 27/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

نحو تنمية وطنية مستدامة

نشر بتاريخ: 04/07/2017 ( آخر تحديث: 04/07/2017 الساعة: 15:40 )

الكاتب: نبيل الزيناتي

منذ أن انطلقت مسيرة السلطة الفلسطينية عام 1994 واستلامها الحكم في قطاع غزة وأريحا، ثم باقي المدن الفلسطينية، لم يكن هناك خطط تنفيذية فعالة لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز مفاهيمها لدي المجتمع بشكل حقيقي وملموس، حيث اقتصر الأمر على دعم إغاثي مؤقت من خلال مشاريع إغاثية بسيطة كمفهوم مسيطر علي عقول القائمين على نظام الحكم الفلسطيني من جهة والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني من جهة أخري.
وحين انطلقت مسيرة السلطة الوطنية كان العالم كله داعماً بكل قوة لإنجاح تجربة الحكم الفلسطيني، ولديه جاهزية عظمى كي يقدم ما يلزم لتأسيس مفهوم التنمية المستدامة، لكننا -للأسف- لم نستثمر هذه التجربة للبدء بثورة تنموية لتعزيز مفهوم الدولة والحكم الرشيد، بل استمر مفهوم وثقافة الإغاثة هو المسيطر، حتى أضحت نظام الكوبون ثقافة مجتمعية خلقها وساهم في تعزيزها أعداء شعبنا كي يبقي فقيراً ينتظر طوابير الطعمة وكوبونات وكالة الغوث ومؤسسات الشؤون الاجتماعية.
أري أن مفهوم التنمية الحديث هو تنمية الإنسان وتوسيع خياراته من خلال تطوير قدراته، يجب أن يكون الإنسان هو الغاية والوسيلة بنفس الوقت لتحقيق هذه الغاية، ولتحقيق التنمية المستدامة هي عملية تطوير الأرض والمدن والمجتمعات، وكذلك التجارية بشرط أن تلبي احتياجات الحاضر بدون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية حاجاتها، لذا نحن بحاجة إلي قادة يعملون من أجل بناء نظام يستبدل الإغاثة بالتنمية، ضمن مشاريع تنموية تجعل من مكونات البلد تعمل ضمن مشاريع تضعها الحكومة لتوفير المال الإغاثي التي تستفيد منه الفئات المستهدفة مؤقتاً، ومن ثم ترشيده لتحقيق أهداف التنمية والتي تتمثل بإنهاء الفقر، وتحقيق الأمن الغذائي وتحسين التغذية وتعزيز الزراعة المستدامة، وضمان حياة صحية، وتوفير تعليم ذا جودة وتعزيز فرص تعلم طوال العمر للجميع، وتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات، وضمان الوفرة والإدارة المستدامة للمياه، كما ضمان الحصول علي طاقة حديثة وبأسعار معقولة مقابل خدمات جيدة، ثم تعزيز النمو الاقتصادي، وبناء بنية تحتية حديثة وتعزيز التصنيع ودعم الابتكار، وإن الأهداف سالفة الذكر ليست صعبة التحقيق في قطاع غزة إذا ما خرجنا من العقلية الحزبية والمصالح الفئوية الضيقة، وعملنا علي تغليب العام علي الخاص.
إن استبدال الإغاثة بالتنمية هي أولي خطوات استنهاض البلد، وتغيير مسار تفكير الناس لأن كثيرين من ذوي الدخل المحدود يتسولون أو يعملون بكل الوسائل للحصول علي كوبون غذائي من هذه المؤسسة أو تلك، وإن البدء بتطبيق مفهوم التنمية المستدامة لا يتناقض مع أي عمل وطني سياسي آخر، بل يعزز صمود شعبنا الفلسطيني ويجعل من الصمود علي الأرض مسألة ليست صعبة، ويكبح جماح التطرف ويجعل من الأجيال الصاعدة أكثر إنتاجاً، كما ويزرع في نفوسهم التفاؤل، حيث إن الدول الأوروبية والمجتمع الدولي ينظرون باحترام وتقدير لمن يعمل علي تنفيذ مفهوم التنمية، ليس حباً بنا بل توفيراً للمال الذي يدفعونه من خلال المؤسسات الدولية لإغاثة الدول والمجتمعات الفقيرة؛ فحينما يعمل أي نظام سياسي علي تحقيق التنمية المستدامة لن يستطيع العالم إلا أن يقدم الدعم والمساندة، ولو بدأنا بتطبيق نظام حكم وطني يجعل من كل المواطنين شركاء، نطلق الحريات العامة ونقدم أنفسنا للعالم بشكل يليق بوطننا وتضحياته أجزم أننا سنحاصر الحصار وسننتصر علي كل من أساء ويسئ لنا ولوطننا التليد.