الخميس: 02/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل حسمت القاهرة موقفها من الرئيس الفلسطيني؟

نشر بتاريخ: 07/07/2017 ( آخر تحديث: 07/07/2017 الساعة: 16:08 )

الكاتب: راتب عمرو

على الرغم من أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنيه لم يتطرق الى التفاهمات بين حركته وبين القيادي الفتحاوي محمد دحلان في كلمته التي القاها قبل أيام، إلا أنه أعادنا الى المربع الأول ودفع بالأمور الى الاتجاه المعاكس في مواقف الحركة الفلسطينية المرابطة في قطاع غزه، كما أنه وضع العراقيل في وجه المخططات الدولية وربما العربية الهادفة الى التنازل عن الثوابت الفلسطينية كما تراها الحركة الفلسطينية، التي أقامت في قطاع غزة المحاصر كياناً فلسطينياً أخذ ينمو ويكبر ويتطور على مدار عقد من الزمن، في ظل الخلاف مع القيادة الفلسطينية الرسمية في رام الله، والحروب التي شنتها إسرائيل، والحصار الذي نجم عن إغلاق شبه دائم للمعابر مع مصر ومع الدولة العبرية على حد سواء.
على الرغم من كل ذلك فإن الحركة الفلسطينية المصنفة أميركيا وأوروبيا بأنها منظمة إرهابية، نجحت في التوصل الى تفاهمات مع القيادي الفتحاوي محمد دحلان برعاية الحكومة المصرية ومباركة دولة الأمارات العربية المتحدة التي تعهدت ببناء محطة لتوليد الكهرباء في قطاع غزه بتكلفه 150 مليون دولار، كما أن حماس نجحت في الخروج من عنق الزجاجة بشكل أعاد للحركة حضورها الفلسطيني والعربي.
وبعيداً عن تلك التفاهمات وأسبابها وظروفها العربية والدولية، والتي بدأت نتائجها تطفو على سطح العلاقة الفلسطينية الرسمية مع الدولة المصرية، بعد أن تناقلت وكالات الأنباء أن القاهرة رفضت إستقبال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في بداية جولته الأفريقية التي بدأها خلال الأسبوع المنصرم ،على الرغم من أن الفلسطينيين أعلنوا نفيهم لتلك الأنباء، وأكدوا أن اللقاء المرتقب بين الرئيس عباس والرئيس السيسي سيتم الأحد القادم، في حين أن اللقاء كان مخططاً له قبل عدة أيام، إلا أن ما تبع ذلك من ردود أفعال فلسطينية رسمية، تمثلت في اللقاء الذي تم في أريحا بين أحد قيادات الصف الأول في حركة فتح وبين القنصل الأميركي العام في القدس، والطلب منه "توضيح موقف الأدارة الأميركية من تصرفات القاهرة التي تتصرف بعيداً عن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه حركة حماس وتجاه تعزيز وجودها في قطاع غزه"،"كما تناقته بعض وسائل الأعلام"، وسواء صحت هذه الأنباء أم لم تصح فإن الوقائع على الأرض تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك وجود حالة من التوتر في العلاقة الفلسطينية المصرية، وإذا ما صح نبأ اللقاء مع القنصل الأميركي، فإنه يعني أن هذا الطلب الفلسطيني الرسمي، والذي يذكر الأدارة الأميركية بما قالة الرئيس الأميركي " دونالد ترامب " أن حركة حماس حركة إرهابية، فإن هذا يعتبر مؤشراً خطيرا في العلاقة بين القيادة الفلسطينية وبين حركة حماس، ويؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن العلاقة قد دخلت في منعطف خطير. 
وكلنا يذكر أن القاهرة كانت ولا زالت من بين الدول العربية المسماة بالرباعية العربية، التي حاولت منذ عدة شهور إقناع الرئيس الفلسطيني بالتصالح مع دحلان، إلا أن المساعي العربية لم تكن محايدة، كما أن التعامل الفلسطيني الرسمي مع المطالب العربية لم يبتعد كثيراً عن شخصنة الأمور، وردود أفعال كانت أبعد ما تكون عن الطرق الدبلوماسية المتعارف عليها في مثل هكذا حالات ، وتعاملت مع الأمور بإعتبارها تدخلا عربياً في الشأن الفلسطيني الداخلي ، ورغم أن القاهرة إستقبلت في أذار الماضي الرئيس الفلسطيني ، إلا أن ذلك اللقاء لم يكن كما أرادته القيادة الفلسطينية ، ولا كما أرادت له القاهرة أن يكون .
وكما يبدو أن القاهرة التي تحظى بدعم عربي وأقله دعم الرباعية العربية، باركت ورعت التقارب بيين حركة حماس ممثلة برئيس الحركة في قطاع غزه يحيى السنوار، وبين القيادي الفتحاوي محمد دحلان، في سابقة هي الأولى من نوعها منذ الانقسام الذي شهدته الساحة الفلسطينية منذ عقد من الزمان، والذي كان دحلان أحد عناوينه الرئيسية وقياديا بارزا في حركة فتح الأم أنذاك، قبل أن يتحول الأخير الى قائد "التيّار الإصلاحيّ الديمقراطي لحركة فتح" الذي بدأ يتنامى في قطاع غزة، بإعتباره الوليد الجديد في الحركة الفلسطينية فتح الأم، التي إختلف مع دحلان وقررت فصله وعزله من كل مناصبة ومواقعة القيادية، بطريقة فُهمت في أعقاب حدوثها بأنها ردة فعل خاطئة، وأدت الى إنقسام أخر في صفوف الحركة في الضفة الغربية، ونتج عن ذلك ما يسمى في الساحة الفلسطينية الشعبية "فتح دحلان".
وفي أعقاب تصاعد الخلافات بين القيادة الفلسطينية الرسمية في رام الله وبين دحلان، وفشل الرباعية العربية في جمع الشمل الفلسطيني، وصلنا الى ما وصلنا اليه الأن مما سمي بالتفاهمات الأخيرة بين حركة حماس وبين القيادي الفتحاوي محمد دحلان، وقبلها الانقسام الحاصل بين صفوف حركة فتح بين شطري بقايا الوطن الفلسطيني، بالتناغم مع موقف الرباعية العربية التي جاءت التفاهمات بين فتح دحلان وبين حماس، بإعتبارها أحد إفرازاتها التي طفت على السطح الفلسطيني في الأونة الأخيره.
وبغض النظر عن الهدف من وراء هذا التحول المفاجيء في الموقف المصري من حركة حماس، فإن هذا الموقف الرسمي المصري يعتبر سابقة في تاريخ العلاقات الفلسطينية المصرية، والعلاقات الفلسطينية العربية، وتحديدا الرباعية العربية، والتي وعلى ما يبدو حسمت موقفها من الرئيس عباس، وإذا ما سارت الأمور كما هو مخطط له، فإن الوضع الفلسطيني الرسمي سيشهد خلال الأشهر، وربما الأيام القادمة تطورات متسارعة كانت بوادرها قد بدأت من قبل.
بقي أن نقول أن التفاهمات بين فتح دحلان، وبين حركة حماس لن تقف عند حد تشكيل اللجنة الادارية، أو ما أسمته بعض وسائل الاعلام بحكومة غزة، وغيرها من التفاهمات التي بدأت نتائجها تطفو على السطح في قطاع غزه، بل ان تلك النتائج ستطفو على سطح المناطق الفلسطينية وتحديدا في الضفة الغربيه كما هو الحال في قطاع غزة، وأن ذلك سينعكس على القضية الفلسطينية برمتها، وأن هذا الانعكاس سيؤدي دون شك الى إنتكاسة حقيقة، لن تكون إلا على حساب المصير الفلسطيني من ألفه الى يائه، وأن هذه الانتكاسة ستطيح برؤوس وتأتي برؤوس جديدة، في ظل ضعف وصمت عربي، بل بتأييد عربي وأميركي وأوروبي ومباركة إسرائيلية.
وكلنا أمل أن تمر هذه العاصفةالفلسطينية بسلام، وأن يتصرف أقطاب الخلاف الفلسطيني – الفلسطيني في شطري ما تبقى من الوطن الفلسطيني بحكمة وتعقل، وأن تجد هذه العاصفة من العقلاء والغيورين -وهم كثر - على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وأرواح الشهداء وكرامة الأسرى في سجون الأحتلال، من يتدبر الأمر بمسؤولية وإقتدار.