الإثنين: 06/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

قانون "جرائم تقنية المعلومات" حاجة لضبط الاستخدام

نشر بتاريخ: 15/07/2017 ( آخر تحديث: 15/07/2017 الساعة: 15:57 )

الكاتب: د.ياسر عبد الله

أثار قانون جرائم تقنيات المعلومات في فلسطين الجدل في أوساط القانونيين وبعض الصحافيين، بالرغم من أهميته والضرورة الملحة له في ظل تنامي استخدام الفلسطينيون للإنترنت، وفي ظل ارتفاع معدلات الجريمة المرتبطة باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي والتي اخذت اشكال متعددة: الابتزاز، التشهير، التحريض، السرقة. التخريب. ومع عدم توفر مواد قانونية لمحاكمة مرتكبي تلك الجرائم يأتي هذا القانون كخطوة مبكرة لضبط الاستخدام على الشبكة العنكبوتية وحماية الخصوصية.
وحين ينشر خبر على موقع اعلامي "تم المصادقة على قانون الجرائم الإلكترونية الجديد، من دون أن يعرف المواطنون ما نوع الجرائم المذكورة وما عقوباتها"، يكون الرد على ذلك ان الإعداد للقانون اخذ جهداً كبيراً من الجهات المختصة وتم تعميمه على الجهات المختصة بهدف الخروج بقانون فلسطيني يحمي المواطن ويحافظ على الخصوصية، وقد اطلع عليه القانونيون والجهات القضائية المتخصصة ومؤسسات حقوق الانسان قبل اقراره وكان هناك اجماع على صلاحيته، واستهجان لردود الفعل التي تطالب ببقاء الانتهاكات والتجاوزات عبر مواقع التواصل دون رقابة؛ والسؤال لمصلحة من يكون غياب القانون في ظل تنامي استخدام مواقع التواصل الاجتماعي من قبل الشباب العربي والفلسطيني؟
والغريب في تصريحات خبير في "القانون القضائي" حين يقول إن “المجتمع الفلسطيني، في موضوع الجرائم الإلكترونية، لا يحتاج إطلاقاً لأي قانون، لأن كل الجرائم المتعلقة بالنشر مغطاة بموجب القوانين الفلسطينية المعمول بها، بغض النظر عن الوسيلة المستخدمة في النشر، سواء كانت مرئية أو مسموعة أو مطبوعة. ويضيف أن “الجرائم المتعلقة بالابتزاز الإلكتروني وانتهاك الخصوصية لديها أيضاً قوانين تجرمها، وبالتالي لا يوجد أي مبرر لمثل هذه القوانين في هذه المرحلة إلا لتقييد الحريات على المواطنين واستغلال السلطة".
أي خبير قانوني يمتلك الحرص والانتماء والمصداقية يطالب بإلغاء قانون فلسطيني يضبط وينظم المخالفات والجرائم المرتكبة ويعتبر أنه لا مبرر لهذا القانون وأي خبير أيضا يعارض توضيح العقوبات بقانون فلسطين دون اللجوء الى الموائمة مع مواد قانونية عفى الدهر عليها وأي خبير لا يعي معنى حماية المواطن ويحصر تفكيره في أوهام مجهولة المصدر حين يقول: “إذا ما كانت هنالك قوانين أوضح، فيجب أن تكون من القوانين التي تضمن حماية المواطنين من تسلط الدولة في انتهاك خصوصيتهم، وتتيح لهم فرصة مقاضاتها إذا ما انتهكت خصوصيتهم بأي وسيلة من الوسائل الإلكترونية، وبإجراءات غير قانونية”.
فلسطين احدى الدول التي صادقت على الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات والتي تهدف الى تعزيز التعاون وتدعيمه بين الدول العربية في مجال مكافحة جرائم تقنية المعلومات، لدرء أخطار هذه الجرائم حفاظا على امن الدول العربية ومصالحها وسلامة مجتمعاتها وافرادها، وقد جاء القانون بعد دراسة معمقة ومشاورات مع جهات مختصة في كافة المجالات: خبراء قانون ، خبراء في تقنيات المعلومات ، وخبراء في علم الاجتماع وصحافيون وكان هناك اجماع على أهمية وضرورة هذا القانون الفلسطيني الذي يستحق الاحترام والتقدير لكل من ساهم في إنجازه حرصا على المواطن وخصوصيته وحرصا على تحقيق السلم الاجتماعي.
العقوبات تصنف وفق درجة الأذى الذي يلحقه فرد بآخر أو مؤسسة بأخرى أو فرد بمؤسسة وهكذا أو حزب سياسي ضد آخر أو موطن ضد الدولة وأمنها... والانترانت اصبح جزءاً من حياة البشرية ، ووفق نظرية الاستخدامات والاشباعات ، فإن أي استخدام للإنترنت ولأي شكل من أشكاله يلحق اذا مادي أو معنوي و لفظي ،يستحق من قامه به العقاب ، ونظرا لعجز القوانين في إيجاد نصوص تتعلق بتلك الجرائم والتي تضمنها نص القانون ومنها : دخول المواقع وأنظمة المعلومات المملوكة للغير "الاختراق"، دخول المواقع بهدف الحصول على معلومات امنية " وهذا النص فيه حماية للموطن وخصوصيته " ، جريمة التصنت او التقاط او اعتراض الرسائل والمعلومات والبيانات ، جريمة إيقاف او تعطيل البرامج او البيانات او المعلومات ، جريمة إعاقة او تشويش او تعطيل الوصول للخدمة ، جرائم تزوير المستندات الكترونية الرسمية والعرفية ، تعديل واتلاف الفحوصات الطبية ، التهديد والابتزاز ، الاحتيال وانتحال صفة غير صحيحة ، جرائم بطاقة التعامل الالكتروني ، جرائم انشاء أفكار مخلة بالنظام والآداب الامة ، جرائم المقامرة على الشبكة المعلوماتية ، جرائم العنصرية ، كل ذلك من جرائم اعتقد انه تستحق ان تشرع بقانون رادع لحماية المواطن وخصوصيته وحماية مؤسسات الدولية وخصوصيتها، وكل من يعارض القانون ام انه يجهل نصوصه او ان له مصالح في بقاء فراغ قانوني في هذا المجال.
فالاحتلال الإسرائيلي خصص وحدة الكترونية للتجسس على مواقع التواصل الاجتماعي والتخريب ونشر الاشاعات، واقر قانون لحجب المواقع الفلسطينية التي يدعي انها تحرض ضد دولة الاحتلال وعقد صفقة مع إدارة فيس بوك وتم بالفعل حجب مواقع فلسطينية وكذلك التنظيمات الإرهابية استخدمت الانترنت للقيام بأعمال إرهابية. اعتقد ان القانون جاء في وقته وانه يحمي المواطن ولمصلحته. كل يذلك يؤكد الحاجة الى قانون فلسطيني يستحق أن يحافظ على السلم الاجتماعي من أطفال ونساء وشباب بهدف الحفاظ على النسيج الوطني.
واستهجن تلك الأصوات التي تقول او تردد : "قانون الجرائم الإلكترونية… إسكات الأصوات الفلسطينية " فمؤكد ان هؤلاء اما انهم يجهلوا ابجديات القانون او انهم يملكون اجندات مجهولة الهوية تعين ببقاء استخدام الشباب الفلسطيني لمواقع التواصل الاجتماعي في حالة فوضى وذلك يخدم وحدة الاحتلال المختصة في متابعة مواقع التواصل الاجتماعي للشباب الفلسطيني، وهؤلاء اعتقد ان لهم اجنداتهم الخاصة بعيدا عن مصلحة المواطن وخصوصيته ولا اعتقد ان الابتزاز خصوصية وان سرقة المعلومات خصوصية وان التشهير خصوصية او اسكات للأصوات " هؤلاء اشخاص ابتعدوا كثيرا عن قداسة الوطن ويجب ان يراجعوا انفسهم وان يطلعوا على نص القانون قبل أن يفتحوا أفواههم بكلام يسيء للفلسطينيين قبل ان يسء لهم شخصيا ، واي خبير في أي مجال لا ينفع وطنه بخبرته فهو مخرب وليس بخبير.
وكي توضح الصورة أمام من يجهل طبيعة الجرائم الالكترونية فقد عرفت الجريمة الإلكترونية "هي الجريمة ذات الطابع المادي، التي تتمثل في كل سلوك غير قانوني مرتبط بأي شكل بالأجهزة الإلكترونية ، يتسبب في حصول المجرم على فوائد مع تحميل الضحية خسارة ، ودائماْ يكون هدف هذه الجرائم هو سرقة وقرصنة المعلومات الموجودة في الأجهزة، أو تهدف إلى ابتزاز الأشخاص بمعلوماتهم المخزنة على أجهزتهم المسروقة" .وقد اتخذت مسميات متعددة منها : جرائم الحاسوب والإنترنت، جرائم التقنية العالية ،الجريمة الإلكترونية، الجريمة السابرية ،جرائم أصحاب الياقات البيضاء ، ولم تنحصر تلك الجرائم بفئة عمرية معينة بل تنوع اعمار مرتكبي تلك الجرائم باختلاف دوافعهم ، فمنهم الأطفال والمراهقين بدافع التسلية دون وعي بخطورة أعمالهم وهناك المحترفين بمختلف فئاتهم وتوجهاتهم فهناك المخابرات الإسرائيلية ولها اهدفها عبر تلك المواقع من تجنيد وتخريب ونشر اشاعات وهناك تنظيمات ارهابية لها اجنداتها الخاصة وهناك معارضة لها أهدافها ولكن على الجميع ان يحيد خلافاته امام انفاذ القانون الذي يخدم مصلحة الموطن وخصوصيته وان يتجرد من احقاده حتى لا نؤثر على تطبيق القانون الفلسطيني.
وقبل اصدار القانون الخاص بجرائم تقنية المعلومات كان هناك فراغ قانوني وتشريعي حول تلك الجرائم التي ترتكب عبر الشبكة العنكبوتية وعلي الرغم من هذا الانتشار الرهيب للإنترنت في فلسطين حيث بلغ عدد مستخدمي مواقع الانترنت على سبيل المثال حتى العام 2017 اكثر 2.2 مليون مستخدم والجهود المبذولة من جانب الجهات القضائية تمكنت من انجاز هذا القانون في وقت نحن بأمس الحاجة له فقد كان قبل ذلك وعلى سبيل المثال "اذا كانت سب وقذف تكون جنحة واذا كانت تركيب صور فاضحة كما يحدث البعض توجه لمرتكبي تهم خدش الحياء وهتك العرض والتحريض على الفسق. اما إطلاق الشائعات والسطو على ارقام الكروت الائتمانية واقتحام نظم البنوك فتوجه اليه تهم تكدير الامن العام وتهديد الاقتصاد القومي والاضرار بالمصالح العليا للبلاد وهي اتهامات خطيرة تقود صاحبها الي محاكم الجنايات مباشرة "، اما نص القانون الخاص بجرائم تقنيات المعلومات فهو يوضح العقوبات التي تتلاءم مع حجم الضرر الذي يلحقه المستخدم لتقنيات الانترنت بالآخر وفيه حماية لخصوصيات المواطن وحريته .