الجمعة: 03/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

الشباب العرب بين ثقافة الجنس والثقافة الأمنية

نشر بتاريخ: 27/08/2017 ( آخر تحديث: 27/08/2017 الساعة: 10:06 )

الكاتب: د.ياسر عبد الله

يعيش الشباب العربي حالة من الضياع في مجتمعاتهم التقليدية ، تلك المجتمعات التي لم ترتق الى تحقيق أسس العدالة الاجتماعية في كافة مجالات الحياة لأسباب متعددة منها : ظهور طبقة اجتماعية متحكمة في ثروات واقتصاد وسياسة تلك المجتمعات سوء كان ذلك من الأنظمة السياسية او الأغنياء الجدد في الوطن العربي وهذا الطبقة محصورة في أصحاب القرار والمتنفذين في تلك المجتمعات ولهم الامتيازات في توظيف ابنائهم وترقيتهم على حساب الكفاءات من الشباب ، إضافة الى غياب الخطط الاستراتيجية الهادفة الى انقاذ الشباب من الضياع وحل مشكلاتهم الاجتماعية ، وكذلك فأن غياب الإنتاج القومي العربي لكافة احتياجات المجتمعات العربية واعتمادها على الاستيراد عزز تواجد هذه الطبقة وزاد من نسب البطالة والفقر الامر الذي تبلور في قضيتين هامتين هما الامن والجنس بغض النظر عن تفسيرهما او نظرة الدين والمجتمع على تلك القضيتين الا انهما واقع يعاني منه الشباب ولم يرتق الى فهم تللك القضيتين والتعاطي معهما بما يخدم النهوض بالأمة.
القضية الأولى : الثقافة الأمنية ؛ وهنا نتوقف على جهل الشباب العرب بأهمية الوعي الأمني والتعاطي معه بما يخدم مصالح الامة العربية ومجتمعاتهم بشكل خاص ، ويعود ذلك الى تغيب القضايا الأمنية في المناهج التعليمية في المدراس وكذلك تغيبها في وسائل الاعلام ومساقات الجامعات ، وقد يعود ذلك الى ثقافة أنظمة الحكم العربية والتي خلقت حالة من النفور منها من قبل الشباب، وبالتالي فأن الشباب اصبحوا لقمة صائغة لأعداء الامة العربية سواء أجهزة المخابرات وتجنيدهم مقابل قضيتين مهمتين المال والجنس وحتى مقابل الفكر والايديولوجيا ، إضافة الى ان الجزء الاخر من الشباب يقع ضحية الأفكار الإسلامية المتطرفة والانخراط في تنظيمات تكفيرية إرهابية ، كل ذلك يعود الى غياب الثقافة الأمنية المرتبطة بالتنشئة الاجتماعية : الأسرة ، المدرسة ، الجامعة ، العالم الافتراضي.
والقضية الثانية : الثقافة الجنسية ؛ فالشباب العربي – ذكور واناث- يعاني من تخلف في الثقافة الجنسية وحصر القضية بين الحلال والحرام وبين الزواج والخيانة الزوجية، ولم يرتق فكرهم الى ان الجنس هو احتياج فسيولوجي للبشر كما هو للحيوانات ، ولكن الاختلاف ما بين البشر والحيوانات هو الاستخدام للعقل في التعامل مع الجنس وكيفية تلبية واشباع تلك النزوات والرغبات وفق أسس علمية وصحية بعيدا عن الانحرافات السلوكية ، واما عن وعي الشباب بالثقافة الجنسية السليمة والصحية فهو امر ضعيف مما خلق مشاكل اجتماعية واخلاقية في المجتمعات العربية ومنها امتهان الدعارة والدعارة المقنعه- استغلال المرأة في سوق العمل- . وبالتالي فان الشباب والفتيات الضحية ويترتب على ذلك انتشار امراض ومشاكل اجتماعية متنوعة وقد يصل الى انتشار الامراض الجنسية واللقطاء أولئك الأطفال الذين لا ذنب لهم سو تحمل أخطاء ابائهم ، ويعود كل ذلك الى تغيب المنهاج التعليمية في المدراس الى الثقافة الجنسية فيها وكذلك وسائل الاعلام وجهل الاسر بتلك الثقافة الامر الذي يخلق مشكلات اجتماعية تشكل أعباء مستقبلية على تلك المجتمعات وقد تشوه الثقافة والارث العربي بكامله وقد حصل ذلك في العديد من الأقطار العربية حتى أصبحت السياحة الجنسية امر شبة مرخص في بعضها وقد يصبح قريبا مرخصاً ومصدر دخل لخزينة تلك الدولة بفرض ضرائب على السياحة الجنسية وترخيصها رسميا .
بين قضية الثقافة الأمنية والثقافة الجنسية يعيش الشباب حالة من الضياع فاصبحوا لقمة صائغة وسهلة امام كل من يتربص بالشباب العربي ويحاول تضليله وخلق أجيال همها اما اشباع الرغبات الجنسية او الانتقام من الأنظمة الدكتاتورية سوء بالتجنيد في صفوف مخابرات الدول المتربصة بالوطن العربي وفي مقدمتها أجهزة استخبارات الاحتلال الصهيونية ، وحتى نحمي شبابنا من التجنيد في صفوف تلك الأجهزة او التجنيد في صفوف الحركات الإرهابية يتوجب إعادة النظر بتلك الثقافات الجنسية والأمنية في مناهج التعليم ووسائل الاعلام ، والعمل على استثمار استخدام الشباب العربي لمواقع التواصل لخلق نوافذ للثقافة الأمنية والجنسية لتوعية الشباب بحقوقهم ووجباتهم في المجالين الأمني والجنسي .
فالثقافة الأمنية تعني ان يعي الشباب ان هناك مجالات للأمن لا تقتصر على ما نراها وهي أجهزة الامن التقليدية من اعتقال وجرائم وشرطة ومخابرات ، بل ان مجالات الامن تشمل كافة جوانب الحياة الاقتصادية والثقافة والجنسية والصحية والدينية والتربوية والبيئية والدولية والإقليمية والمحلية وتشمل الامن الإلكتروني والامن الإعلامي وهذا بحاجة الى ان يعي الشباب ان الامن هو احد احتياجات البشرية وقد صنفه ماسلو في المرتبة الثانية بعد الاحتياجات الفسيولوجية أي بالمرتبة الأولى بالنسبة للبشر لان الاحتياجات الفسيولوجية هي مشتركة ما بين البشر والحيوانات ولكن يأتي الامن بالمرتبة الأولى في حياة البشرة ولكن للأسف المجتمعات العربية ووسائل التنشئة الاجتماعية في الوطني العربي : الاسرة ، المدرسة ، المؤسسات بكافة اشكالها ، ما زالت تهمل تلك الثقافة كما اهملت قبلها الثقافة الجنسية ؛ فهي تجمع بين جوانب فسيولوجية وأخرى اجتماعية وهذا ما لم يصل العقل العربي الى استيعابه حتى هذه.
يأتي الانتماء في صفوف الشباب العربي مشوه بي تلك القضيتين ، ما بين قضية تعتبر احتياجا بشرياً بامتياز وهي قضة الأمان وقضية أخرى تجمع بين الاحتياجات الفسيولوجية والاجتماعية وهي قضية الجنس ، يعاني الشباب العربي من قضية الانتماء للوطن والمجتمع بسبب البحث المتلهف حول تلك الاحتياجات سوء كان بطرق شرعية ترهقه سنوات طويلة حتى يحققها او بطرق غير شرعية تجعل منه ضحية لكل متربص بالوطن العربي والأمة العربية سوء التجنيد في صفوف الإرهابيين او التجنيد في صفوف مخابرات العدو تلك التي تعتبر ان الجنس والمال جزء رئيس من عقيدتها الأمنية في حين ان الشباب العربي يغيب عنه الوعي بتلك الثقافة الجنسية التي تسهل مهمة المتربصين في اصطياده والايقاع به في فخ الخيانة ، وحتى نتحدث عن الانتماء الصحي يجب ان نوفر مناخ صحي للشباب وان نعمل على ترسيخ مفاهيم الثقافة الجنسية والأمنية في عقول الشباب .