الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الإدارة العامة المعاصرة: الممارسة والتطبيق

نشر بتاريخ: 27/09/2017 ( آخر تحديث: 27/09/2017 الساعة: 18:11 )

الإدارة العامة هي الذراع التنفيذي للحكومة. يتحقق من خلال الإدارة العامة رؤية وغايات واهداف الحكومة، كما و يتحقق من خلال الإدارة العامة القيم السياسية. عندما نتتحدث عن الإدارة العامة نتحدث عن السلطات الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية بتفاعلاتها المختلفه. تختلف طبيعه الإدارة العامة عن الإدارة الخاصة غير ان الاداره العامه ترتبط بعلاقات متعددة ومتنوعة مع القطاع الخاص افرادا وجماعات.
القطاع العام محكوم بالدستور والأنظمة والقوانين، كما وتلعب الموسسات الرقابيه و المحاكم دور كبير من حيث القوة والرقابة على اداء الإدارة العامة حيث تحدد الحقوق القانونية والالتزامات من قبل المؤسسة الحكومية تجاه المواطنين.
فصل السلطات الثلاث يعطي كل فرع من الاذرع الثلاثة الصلاحيات والقوة في متابعة ادارة المؤسسات العامة غير ان التنسيق فيما بينها في الغالب قد يكون مشكلة.
هدف الحكومة توفير الخدمات وتعزيز وتنمية وتطوير غايات ومصالح المواطنين من خلال تقديم السلع العامة و هذا ما يميز القطاع العام عن الخاص. وفي حال التقصير او فشل الحكومة في تأدية واجباتها فإنها تصبح محل انتقاد المواطنين على عكس القطاع الخاص حيث الدافع هو الربح وان تقديم الخدمة والسلعة هو الوسيلة لتحقيق ذالك.
يتنافس القطاع الخاص في تقديم أفضل السلع والخدمات والمنافع بما يعود عليه بالربح حيث الاسواق مفتوحة. القطاع العام يحصل على ايراداته من خلال الرسوم والدعم الخارجي كما هو الحال في فلسطين. لم يعد الاحتكار اليوم هو السائد والمسيطر في عمل القطاع العام حيث يتجه القطاع العام الى الخصخصة للخدمات مثل خصخصة النفايات والكهرباء وشركات الحراسة ومحلات الدينمومتر والبريد والمنتزهات ووسائط النقل ....الخ. كما ويدخل القطاع العام في شراكات مع القطاع الخاص لاغراض تحقيق التنميه المحليه كما وان القطاع العام مثله متل الخاص يلجأ الى الاقتراض من البنوك ومؤسسات الاقراض وذلك لتغطية بعض النفقات والالتزامات كالرواتب وغيرها.
تتمتع الحكومة بالسيادة والقوة والسلطة السياسية. المدراء العامون والعاملون في الحكومة هم وكلاء السيادة حيث يتمتعوا بقوة القانون وقوة التهديد والعقاب واتخاذ اجراءات من خلال تطبيق الانظمه والقوانين و دعم الحكومة لهم.
كما ان القطاع الخاص يتمتع بالسياسات الخاصة ويقوم بالنشاطات التي تلامس الحياة اليومية للمواطن والمجتمع بشكل عام غير أن السياسة المتبعة في القطاع الخاص لا تمارس من خلال قوة التنفيذ او قوة العقاب والتهديد بل على العكس يستمد القطاع الخاص قوته من خلال اللجوء الى القضاء والأمن لضمان سيادة القانون كاللجوء الى اجهزة الامنيه كالشرطة مثلا في التعامل مع الشيكات المرتجعة. وعليه تعرف الإدارة العامة من خلال اهتمامها بالمواطن وعامة الشعب على عكس القطاع الخاص الذي يحرص على ارضاء شريحة من الزبائن المستهدفين بهدف تحقيق ارباح ومصالح خاصة وعليه ارى ان الحكومة في حال سعت الى تنفيذ سياساتها بالطريقة التي يعمل بها القطاع الخاص فإنها قد تفقد مصداقيتها المتعلقة بالشفافية والتمثيل والقيم العامة التي تنادي بها خاصة وان اهتماماتها كبيرة ومعقدة ووظائفها متعددة.
الإدارة العامة التقليدية تتمتع بالبيروقراطية وكثرة الاجراءات ولا يوجد ما يسمى التعامل الفردي او النظرة الشخصية الى الموطنين ونادرا ما تنظر الى المواطن على انه عميل او زبون غير انها تلجأ الى الطرق العلمية في تطوير المعارف لاسيما المعارف الاقتصادية والزراعية وغيرها كما وتركز على الفاعلية والاقتصاد والكفاية والعقلانية في صنع القرار.
الادارة العامة المعاصرة تركز في ادارة الشأن العام على الادارة بالنتائج بدلا من التركيز على الاجراءات كما و تركز على أسس التسويق الحديث في تقديم الخدمات من خلال الاهتمام بالمواطن واحترامه وتوفير وسائل الراحة له وبيئة مريحة للانتظارلتلقي الخدمة الملائمة كما وتلجا الى الحكومه الى اجراءالمسوحات البحوث واستطلاعات الرأي من اجل دراسة اتجاهات المواطنين بغرض تطوير الخدمات والمنتجات العامة كما و تلجا الدوانرالحكوميه الى التسويق العكسي الهادف الى تشجيع التقليل من الاستهلاك لا سيما في استهلاك الماء والكهرباء حيث تقديم الحوافز مقابل ذلك.
الإدارة العامة تلجأ الى وسانل الاعلام الرسميه و ديوان الموظفين العام في الدولة في الاعلان عن الشواغر في القطاع الحكومي وتوعيه وتوجيه المواطنين في حال ايجاد شواغر وظيفية. الادارة العامة المعاصرة تنظر للمواطنين على انهم زبائن وعملاء حيث تستخدم المصطلحات مثل الموطنين والعملاء وعليه تركز الاداره العامه المعاصره على تولي القيادة بدلا من التجديف.
يتوجب على الحكومة توفير السلع والخدمات وليس بالضرورة ان تكون من انتاج وطني كالادوية والمعدات والاغذيه والاثاث و السيارات كي تسد احتياجات المواطنين. الإدارة العامة المعاصرة تعتمد على القطاع الخاص والجمعيات والمنظمات غير الربحيه في توفير السلع والخدمات مع تعزيز السياسات والأنظمة والقوانين.
الإدارة العامة المعاصرة تبتعد عن البيروقراطية والمركزية وعليها أن تقدم الخدمة للمواطن من أجل ضمان أفضل النتائج بما يعود على المواطن بالنفع كما وتقوم بالرقابه الميدانيه لضمان سلامه السلع والخدمات المقدمه كالرقابة على المصانع و المشاغل و المطاعم وغير ذالك.
الإدارة العامة المعاصرة تعزز دور الموظف الحكومي. تعزيز دور الموظف الحكومي ليس فقط من الممكن بل اصبح مطلبا اليوم بدرجة كبيرة مع وجود الضوابط والأنظمة والقوانين. موظفو القطاع العام على درجة عالية من التعليم والمعرفة والالمام بالتكنولوجيا لذا يجب تعزيز دورهم بعيدا عن المركزية والالتزام بالإجراءات مما يشجع وينمي قدرات الموظف والعمل الجماعي داخل المؤسسات العامة.
ممارسه المرونة في عمل الإدارة العامة من الأمور الهامة نظرا للتغيير الحاصل في ثقافة الإدارة العامة مما يتطلب من الإدارة العامة ان تكون اكثر مرونه وابداعا في معالجه المشاكل بشكل اكثرسلاسه وفاعليه مع تشجيع الريادية والبداع في العمل الحكومي وادارة المؤسسات والمشاريع على عكس ما هو معمول به حاليا في العديد من الدول حيث لا يزال التركيز على الاجراءات والمدخلات بدلا من التركيز على النتائج والمخرجات.
كما وعلى الإدارة العامة أن تمارس فلسفة المعايرة بين مؤسسات القطاع العام فيما بينها وبين مؤسسات القطاع العام و مؤسسات القطاع العام في دول الجوار كأن تقارن أداء مديرية الصحة أو الداخلية أو مستشفى حكومي في محافظة ما بنظيراتها من المحافظات الأخرى او دول الجوار والتي أصبحت مراكز مشاهدة ومعايرة مما يشجع الاستفادة من تجارب الاخرين والمنافسة الشريفة بغرض تقديم أفضل الخدمات للمواطن.
الادارة العامة المعاصرة تتعامل مع مراكز تقديم الخدمات الحكومية على انها مشاريع لخدمة المواطن كما وتنظر الى المواطن على انه زبون وعميل وتنظر الى مقدمي الخدمات العامة على انهم وكلاء و زبائن وعملاء ايضا. الزبون في القطاع الخاص يسعى الى مضاعفة مصالحه والحصول على افضل الخدمات مقابل الاجر الذي يدفعه مثله مل المواطن الذي بلجأ الى الحصول على الخدمة من الدوائر الحكومية حيث يسعى أيضا للحصول على أفضل الخدمات مقابل الرسوم التي يدفعها ان كان هناك رسوم والاصل ان يتطور مستوى الخدمات الحكوميه المقدمة بحجم الطلب عليها.
الإدارة العامة المعاصرة توزع الموارد وتحدد الموازنات بناء على حجم الاحتياج والنتائج المطلوبة وليس على مدى توفر الامكانات المادية او المعدات.كما وأن القرارات في الإدارة العامة المعصرة مبنية على اهميه سرعة الاستجابة لمطالب المواطنين الا وهم العملاء وان تكون القرارات لا مركزية الى حد ما مع ضروره ان تكون الرسالة والرؤيا للحكومه محددة سلفا.

عميد كليه التمويل والاداره-جامعه الخليل