الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

"الرئيس البروفيسور"

نشر بتاريخ: 03/10/2017 ( آخر تحديث: 03/10/2017 الساعة: 10:42 )

الكاتب: د.منتصر جرّار

قراءة في مجريات أحداث أيلول 2017
ان استمرار الوضع الراهن على ما هو عليه يعني ان المصالح الوطنية العليا لشعبنا في خطر وخطر كبير، وحتى لا تكون كذلك لا بد من نقطة بدء جديدة في الاشتباك التاريخي المفتوح على مصراعيه مع هذا الاحتلال، نقطة بدء تضع العالم بأسره أمام مسؤولياته. نقطة بدء جديدة لا يمكن التأسيس لها إلا بإعادة بناء المؤسسة الوطنية الفلسطينية على كافة الصعد بحيث تشعر اسرائيل بأنها تواجه شعبا مصمما على انتزاع كامل حقوقه وأنه مستعد لكل الخيارات بما فيها أسوأها وأخطرها.
لقد تعلم ابو مازن الدرس جيدا، فلم يعط لنتنياهو الفرصة للانفراد بالطرف الفلسطيني لانعدام الشريك، ولم يكن حادا رافضا للتفاوض، وكان اكثر الزعماء طرحا واستعدادا لمحاربة الارهاب الذي اصبح حمّى العالم ونقطة انطلاقه بمواقفه: من زاوية اننا الضحايا الاوليين للارهاب، وفي ذات الوقت وضع "كراسة المبادئ الفلسطينية" غير القابلة للتفريط او التعديل او المساومة في عهدة الامم المتحد، مستندا على قرارات هذه المؤسسة الدولية التي تعد المرجعية الأولى لعلاقات الدول.
نعم كان اليوم بروفيسورا اكثر من رئيس، يداري بحكمته ازعر الحارة ترامب ويلتقيه ولا يلين أمامه، ويحشد كل الاصدقاء ضد عدوه نتنياهو ويقبل كل مبادراتهم ويرحب بها ويدعو لتطبيقها على الأرض، ولكن لا حل إلا بشروطه المشروعة.
أبو مازن قدم للعالم محاضرات منوعة ليؤهل زعماء العالم سياسيا وثقافيا وحتى اجتماعيا، كان الأكثر كاريزماتيا بينهم في القاء هذه المحاضرات، ففي محاضرة التاريخ أبدع في توثيق الظلم البريطاني على شعبه ..وفي محاضرة الجغرافيا تميز في رسم الحدود.. أما محاضرة التربية الدينية فذكر العالم أن فلسطين أرض الديانات والتعايش واحترام الأديان، أبو مازن أعاد شرح فصل الأخلاق والمبادئ الإنسانية في حماية الشعوب المظلومة .. ذكرهم بالقانون الدولي ..شرح لهم قرارات مجلس الأمن وصلاحياته ..لم يجامل لا قريب ولا غريب .. أبو مازن كان الأقوى في طلب الحق الذي لن يضيع ما دام وراءه مطالب ! روى لهم قصة غصن الزيتون وبندقية الثائر بطريقة يحبونها ، نعم إنه خليفة ياسر عرفات الذي لا يهادن في شعبه !
ان ما تسعى اليه اسرائيل جاهدة منذ زمن مدعومة ومسنودة من الادارة الامريكية في كل المراحل الزمنية هو الضغط على الجانب الفلسطيني والرئيس ابو مازن بشكل مباشر في محاولة لاستنبات ركائز جديدة للمفاوضات بما يتناسب والمصالح الاسرائيلية، بحيث تصبح هذه المصالح أمور مسلم بها في اي اتفاق قادم بين الطرفين. وبهذا ستتغير واقعيا مرجعية السلام، وتكسب اسرائيل مكسبا استراتيجيا هائلا، في حين يكون الطرف الفلسطيني قد خسر بالمقابل احد امضى اسلحته السياسية ويكون قد فقد اهم ركائزه وحقوقه الوطنية المثبتة بالقانون الدولي والشرعية الدولية. من هنا أصبح الرئيس أبو مازن والقيادة الفلسطينية على دراية وثقة تامتين ان هذه الحكومة اليمينية لا تريد لا المفاوضات ولا السلام ! وأن الدول الكبرى مخادعه ومنحازه ولا بديل إلا توبيخها كردّة اعتبار للظلم الذي وقع على هذا الشعب !
واليوم بعد فك شيفرة المصالحة تقتضي المسؤولية الوطنية من الجميع التوجه الجاد والعلي لانجاح المصالحة الوطنية الفلسطينية والحوار الوطني الفلسطيني الشامل وتطبيق ما اتفق ويتفق عليه حتى نستطيع بناء استراتييجية وطنية فلسطينية جديدة محمية بمؤسسة وطنية وموثوقة تعتمد على وحدة وطنية صلبة ولحمة وطنية داخلية متماسكة وجبهة متراصة، وعلى الاستعدادت الكفاحية العالية التي لا زال شعبنا يزخر بها والتي تمكننا من تعزيز الدعم القومي والدولي لقضيتنا العادلة وحشد الرأي العام العالمي، وبالتالي توسيع وتنويع خيارات شعبنا والوقوف بصلابة في وجه اشتراطات ولاءات نتينياهو وكل المشاريع الاسرائيلية التي تستهدف النيل من حقوقنا الوطنية المشروعة.
ان وضعنا الفلسطيني هو بأمس الحاجة اليوم الى طاقات المجتمع بأسره وليس القوى السياسية فحسب، بل ويجب أن تشترك جماهير شعبنا بقطاعاتها وفئاتها الواسعة وفعالياتها النقابية والمهنية والاقتصادية والعلمية والقانونية بالتقرير في الشأن الوطني. من خلال تفاعلها ونشاطها والعمل بشكل متكامل مع البرامج المتوافق عليها مع القيادة الفلسطينية في كل المجالات وعلى كافة الاصعدة.