الأحد: 28/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

المشهد الفلسطيني اللاحق هل يحقق التطلعات؟؟؟

نشر بتاريخ: 03/10/2017 ( آخر تحديث: 03/10/2017 الساعة: 10:35 )

الكاتب: أ.بسام جودة

الاستقبال الرسمي والشعبي لحكومة التوافق على معبر بيت حانون، يعكس حالة التعطش التي يعيشها الجمهور الفلسطيني لإنهاء حالة الانقسام البغيض الذي استمر على ما يزيد عن عشر سنوات وذلك بعد أن استطاع المشهد الإقليمي والعربي بقيادة جمهورية مصر العربية بقيادة الرئيس السيسي وجهاز المخابرات أن يضغط على صناع القرار في الضفة وغزة من أجل الموافقة على العمل لإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني، فهل هذا التفاؤل الكبير بإنهاء حالة الانقسام توحي بأن الماضي أصبح وراء ظهورنا؟؟؟ بالطبع من حق الشعب الفلسطيني أن يتطلع لذلك ولكن ما هو المطلوب ليصبح ذلك واقعا معاشا على كل الأصعدة وتترجم كل الشعارات الى وقائع على الأرض؟؟؟.
أولا: لا بد من الاعتراف أن القضايا المتراكمة عبر عشر سنوات ماضية من الانقسام هي كبيرة ومعقدة وتحتاج الى الكثير من الجهد لتحقيق المصالحة الوطنية الحقيقية، سواء على صعيد الاجراءات التي صاحبت غياب السلطة الفلسطينية وحكومتها على مدار الفترة الماضية، أو نتاج تكريس نظام حكم وسيطرة الفصيل الواحد وانعدام الشراكة الوطنية، مما خلق وقائع على الأرض يصعب إزاحتها بجرة قلم، ليست المسألة متعلقة بقضية الموظفين على أهميتها بقدر أن المسائل تركت أثرها على كل النواحي الحياتية، بما فيها التملك والتوزيع غير المشروع للأراضي والمناصب واستخدام السلطة والنفوذ للتعدي على حقوق الناس وغياب القانون وما ترتب عليه من اجراءات غير قانونية وتغول على المؤسسات والأفراد.
ثانيا: لا بد من الاعتراف أن هناك ظروفا موضوعية وذاتية على مستوى طرفي الانقسام بالإضافة للضغوط الإقليمية والعربية، جعلت الدفع باتجاه تحقيق المصالحة أمرا ممكنا، لا سيما المتغيرات التنظيمية في حركة حماس ومكتبها السياسي وتبوؤ رجل يده بيضاء وصاحب تاريخ مشرف كمناضل وأسير، موقع القيادة لقطاع غزة ( الأخ يحيى السنوار، أبو ابراهيم) والذي شكلت رؤيته ومواقفه على صعيد العلاقة مع مصر ونظرته الثاقبة لأهمية الوحدة الوطنية الفلسطينية تجاه مقارعة العدو ومواجهته، فكانت مواقفه متغير مهم في اتجاه الحركة نحو المصالحة.
ثالثا: الوضع القائم في الضفة الغربية والقدس والتوسع الاستيطاني وتغول الاحتلال ورفضه كل أشكال الحلول التي تمنح الفلسطينيين جزءا لا يتجاوز 22% من مساحة فلسطين التاريخية لإقامة دولتهم، والجهود التي يبذلها الرئيس أبو مازن على مدار السنوات الماضية في المفاوضات وعلى المستوى الدولي والتي تتنكر لها حكومة اسرائيل من أجل الوصول الى حل الدولتين والتي كان لاستمرار الانقسام تأثير سلبي على قوة الدفع الفلسطينية باتجاه الضغط على حكام اسرائيل والولايات المتحدة الاميركية لتغيير مواقفهم ازاء القبول بحل الدولتين لاسيما بعد صعود ترامب لقمة السلطة في الولايات المتحدة وانحيازه للموقف الاسرائيلي.
رابعا: المتغير العربي الذي برز الى السطح مع تغير المناخ الدولي في ظل سلطة ترامب والمجاهرة لبعض الانظمة العربية بعلاقتها مع اسرائيل وتعاونها الامني والاستخباري والعسكري في اطار ما تدعيه من تخوف من التوسع الايراني في المنطقة ومواجهته، حيث أصبحت الأولوية عند هذه الأنظمة هي المواجهة مع ايران الاسلامية، كذلك أزمة دول الخليج مع قطر وغياب الدور التركي وانشغاله بما يجري على حدوده في العراق وسوريا.
خامسا: الحالة البائسة والصعبة التي يعيشها السكان في قطاع غزة فيما يتعلق بحاجات كل ما هو انساني، سواء على صعيد حياتهم اليومية كالكهرباء والبطالة الواسعة والفقر المدقع وغياب الأمل في حياة أفضل وانعدام الحياة الآدمية بكل ما يحمل ذلك من معاني، مما جعل حالة الانفجار أقرب الى الواقع فلم يعد المواطن العادي عنده ما يخسره وحالات الانتحار وانعدام الأمن أصبحت جزءا من حياة الناس اليومية.
سادسا: أمام كل ما سبق كان لا بد من خطوة فعلية باتجاه تغيير هذا الواقع واذا كان لا بد من التفاؤل بتحقيق المصالحة فانه أيضا لا بد من الحذر لا سيما مع صعوبة الملفات المطروحة وهذا يتطلب:
1- توفر النوايا الصادقة لذى الأطراف للخروج من هذا المأزق التاريخي، ألا وهو الانقسام لإعادة ترتيب الوضع الفلسطيني واعادة الحيوية لحركته في مواجهة التغول الاسرائيلي.
2- الاعتراف من الكل الفلسطيني بأن المرحلة القادمة مرحلة انتقالية لإعادة روح المناخ الديمقراطي والاختيار من قبل المواطن لقيادته ومؤسساته التشريعية والتنفيذية عبر صناديق الاقتراع.
3- على أهمية الانتخابات واعادة الشرعية لمؤسسات السلطة، فان الأولوية تبقى للمعاناة اليومية والحالة الكارثية التي يعيشها السكان في قطاع غزة والتي تتمثل في غياب مقومات الحياة الآدمية من كهرباء وماء وحرية حركة عبر المعابر للأفراد والتجارة والبطالة المستشرية وعشرات الألاف من الخرجين الذين يبحثون عن فرصة عمل والتوجه نحو الهجرة، حيث أن كل ذلك يتطلب موقف واضح من كل الجهات، سواء على صعيد السلطة أو الفصائل ومنظمات المجتمع المدني لإيجاد حلول قابلة للتطبيق في ظل تردي الأوضاع وانعدام الثقة الكاملة والتطلع الى عملية انقاذ من هذا الواقع المرير.
4- في نفس السياق ومن أجل الضغط والتأثير ومنع حدوث ردة فعل سلبية أو تهرب أي جهة أو تعويقها لاستمرار مسيرة المصالحة ونجاحها، لا بد من تشكيل لوبي ضاغط من كل القطاعات الشعبية والفصائل ومنظمات المجتمع المدني للوقوف في وجه كل من يعطل مسيرة المصالحة، هذا التجمع الشرعي عليه أن يمتلك القدرة والشجاعة لفرض مصالح الناس التي تضررت بسبب الانقسام، فالناس في غزة هم من دفعوا ثمن هذا الانقسام وتحملوا أعباءه وعليهم العمل بقوة لمنع التراجع عن قرار المصالحة وتحقيق الوحدة الوطنية والوقوف سدا منيعا في وجه أصحاب المصالح والمستفيدين من الانقسام والذين تكرشوا على حساب الجمهور وحاجاته، المشككين في صحة الطريق والمسعى للخروج من المأزق الذي حشرنا فيه على مدار السنوات العشر العجاف.