الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

تهويد الضفة والخيارات الفلسطينية

نشر بتاريخ: 04/01/2018 ( آخر تحديث: 04/01/2018 الساعة: 14:50 )

الكاتب: جبريل عوده

أراضي الضفة الغربية والتي تمثل 21% من مساحة فلسطين تتعرض لهجمة إستيطانية شرسة متأصلة في السياسة الصهيونية ولها أبعاد دينية وإقتصادية وأمنية، لذلك حرصت كافة الحكومات الصهيونية سواء اليمينية منها أو اليسارية على إستمرار الإستيطان في الضفة الغربية، رغم مخالفة الإستيطان للقرارات والقوانين الدولية، الا أن كيان الإحتلال كعادته يضرب بعرض الحائط كل القرارات الدولية مستنداً بذلك إلى الإدارة الأمريكية حليفته الإستراتيجية وشريكته في الإحتلال، ولا يخفى على أحد أن الإستيطان الصهيوني في الضفة توسع وإزدادت وتيرته في زمن أوسلو إلى أضعاف مضاعفة، حيث يتجاوز عدد المستوطنين الآن في الضفة الغربية 700 ألف نسمة حسب آخر الإحصائيات، ولا غرابة في ذلك حيث أن حالة الهدوء على جبهة الضفة وإستمرار التنسيق الأمني كأحد مقومات وجود السلطة الفلسطينية ساهم في توفير الأمن والإستقرار للهجمة الصهيونية الاستيطانية بالضفة.
في السياسة والإعلام الصهيونيين، مصطلح "يهودا والسامرة" هو السائد في الحديث عن الضفة الغربية في محاولة لإيجاد رابط ديني تاريخي لتبرير سياسات الإستيطان التي تستهدف أراضي وجبال وتلال الضفة المحتلة، وبذلك يحقق العدو فوائد جمة من عمليات الإستيطان، حيث يسطر على مصادر المياه ومساحات زراعية شاسعة كما في منطقة الأغوار، وكما يوفر الإستيطان أفضلية عسكرية وأمنية كحاجز دفاعي ميداني أولي عن منطقة الساحل الفلسطيني حيث مركز الكيان الصهيوني، وتساهم أيضا في إفشال ومنع قيام أي كيان فلسطيني متماسك ومترابط يتطور مستقبلاً كقاعدة إنطلاق نحو تحرير أراضي فلسطينية جديدة.
حكومة الإحتلال تنفذ مخططاتها بلا توقف أو تردد، وتسعى إلى الإنتقال سريعاً لملف تهويد الضفة المحتلة، الحكومة الصهيونية تصدر قراراتها بالتوسع الإستيطاني وتطرح مناقصات البناء لمئات البؤر الاستيطانية وتنشئ كتل إستيطانية ضخمة أشبه بمدن، وهي بذلك تمعن في طمس حل الدولتين، الوهم الذي لازال يتعلق به ساسة فريق التسوية، ويأتي قرار كتلة حزب الليكود اليميني الصهيوني -الممسك بمقاليد الحكم في الكيان الصهيوني - برفض السيادة الصهيونية على الضفة الغربية، لتكون الصورة أكثر وضوحاً بأن الإحتلال يواصل مخططاته دون مرعاة لأي إعتبار وأن عملية التسوية أصبحت خلف ظهره، بعد أن داستها منذ سنوات جرافات الإستيطان في الضفة ومعاول التهويد في القدس، وقذائف الموت والحصار في قطاع غزة في إستهداف لوجود شعبنا ومحاولة طمس الهوية والتاريخ الفلسطيني على هذه الأرض، متسلحاً بالدعم الامريكي والهرولة العربية الرسمية للتطبيع وإنعدام الرؤية السياسية الفلسطينية الموحدة لمقاومة هذا المخطط العدواني والإحلالي الصهيوني.
بعد قرار ترامب وقرار الليكود وتعنت الحكومة الصهيونية ورفضها لأي حلول سياسية، ماذا تبقى أمام قيادة السلطة الفلسطينية من خيارات؟ فبعد أن أسقطت خيار المقاومة من أجندتها وقمعت كل مقاوم فرداً أو فصيلاً، حفاظاً على بقاء السلطة التي تتغذي من حبل التنسيق الأمني، وتمسكها بعملية التسوية الميتة، حالها كحال من يطلب العون ويستنجد بالقبور، في حين تتعرض القضية الفلسطينية لخطر داهم، أليس من الواجب طرح خيار المواجهة الشاملة والمقاومة المستمرة للإستيطان في الضفة الغربية؟؟ ومن الممكن أن تستند السلطة ففي مقاومتها للإستيطان بالقرارات الدولية التي تجرم الإستيطان وترفضه، ويصبح من الضرورات الوطنية وحفاظاً على الوحدة الفلسطينية في هذه المرحلة الخطيرة، وأن تتوقف السلطة بالمطلق وإلى غير رجعة عن التنسيق الأمني مع كيان الإحتلال.
مع إنسداد الأفق السياسي وفشل عملية التسوية، يصبح التباطؤ في العودة للخيارات الوطنية المجمع عليها وفي مقدمتها ثنائية الوحدة والمقاومة من قبيل الإستسلام لواقع الإحتلال ومخططاته، وهذا السلوك لم يمارسه فلسطيني في أي زمن ولن يمارسه، وهو يعلن في كل ساعة المتمسك بحقه ووطنه ويعلن الجهوزية دوما لتقديم عظيم التضحيات في سبيل دحر الإحتلال وتحرير الوطن.