الكاتب:
خالد سعيد نزال
باحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية
اعتماداً على أحدث تقارير مراكز الأبحاث الدولية وتطورات الميدان حتى يونيو 2025
المقدمة:
الغطرسة التي مزّقت الشرعية الدولية
بضربة جوية واحدة، دفنت واشنطن آخر بقايا الشرعية الدولية. تدخّلها العسكري المباشر في الأراضي الإيرانية – تحت ستار "إنقاذ إسرائيل من تهديد نووي" – لم يكن مجرّد انتهاك للسيادة، بل جريمة دولية مكتملة الأركان تكشف ثلاث حقائق مروّعة :
.1 الأمم المتحدة تحوّلت إلى ديكور يُستخدم حيناً ويُنبذ حيناً.
2 . القوانين الدولية تُداس عندما يتعلّق الأمر بإنقاذ حليف فاشل.
.3 أمريكا تُعلن للعالم: "نحن نصنع القواعد.. ونحن نكسرها".
الضربة الأمريكية: إنقاذ نتنياهو أم دفن المشروع الصهيوني؟
التسريبات تكشف المستور
وفقاً لتسريبات الكونغرس التي اطّلعت عليها "القناة 12" الإسرائيلية
- الاتصالات السرية: اتصالات مكثّفة بين نتنياهو وترامب قبل الضربة بساعات، حذّر فيها نتنياهو من أن "انهيار أسطورة التفوق العسكري الإسرائيلي" بعد 7 أكتوبر سيقود لمحاكمته بتهم جرائم حرب.
- الورقة النووية: استغلال ملف التخصيب الإيراني (الذي كانت تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية تشير إلى تجميده عند 3.67%) كذريعة لتحويل الأنظار عن فشل غزة.
تناقض التصريحات: لعبة الدخان الأمريكي
تحليل التصريح المزدوج للبيت الأبيض
1. تهديد نائب الرئيس: "أي رد إيراني على ضربتنا سيُواجه بردٍّ مزلزل" (بعد الضربة على إيران مباشرة). 2. صدمة ترامب: إعلان وقف الحرب فجأة بعد 8 ساعات فقط من قصف إيران لقاعدة "العديد" الأمريكية في قطر.
التحليل: هذا التناقض يُشير إلى صفقة خلف الكواليس: الضربة الإيرانية "المحدودة" سُمح بها لتحقيق "نصر معنوي" لإيران، مقابل كبح التصعيد النووي.
الرد الإيراني: بين قصف العديد والدبلوماسية الذكية
قاعدة العديد: رسالة دموية بخطابٍ مزدوج
تحليل الضربة الإيرانية وفق مركز "ستانفورد" للأبحاث
- الرمزية: استهداف القاعدة الأمريكية في قطر (التي تضمّ 11,000 جندي أمريكي) تأكيدٌ على قدرة طهران على ضرب المصالح الأمريكية الحيوية.
- الذكاء التكتيكي: تجنّب التصعيد الكامل الذي قد يُدمّر المنشآت النووية المتبقية، مع إحراج واشنطن أمام حلفائها.
سرّ وقف إطلاق النار: الصفقة غير المعلنة
كشفت وثائق مسربة من "مؤسسة راند"
- الوساطة الصينية: تفعيل قنوات سرية بين بكين وطهران خلال ساعات.
- بنود الاتفاق الضمني
تجميد التخصيب النووي الإيراني عند 5%.
رفع جزئي للعقوبات النفطية (خاصة على الصادرات إلى الصين).
ضمان أمريكي بعدم استهداف منشآت نووية إيرانية جديدة.
ردود الفعل الدولية: صرخات في صحراء النفاق
الأمم المتحدة: شرعية على سرير الموت
- الإدانة الهشة: انتقاد أمين عام الأمم المتحدة للضربة الأمريكية كـ"خرقٍ صارخ للميثاق".
- الفيتو القاتل: استخدام روسيا والصين حق النقض ضد قرار عقابي، مما كشف عجز المنظمة الدولية.
الاتحاد الأوروبي: جثة تمزّقها النسور
تقرير "يورونيوز" يُوثّق الانقسام
- المحور البريطاني-الألماني: تأييد "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".
- المحور الفرنسي-الإيطالي: تهديد بفرض عقوبات على إسرائيل حال تكرار الضربات.
المجتمع الدولي: إدانة على مقاس المصالح
تسريبات "ويكيليكس" الجديدة (يونيو 2025) تكشف
- الدعم الخليجي السري: موافقة ضمنية من بعض العواصم العربية على الضربة خوفاً من البرنامج النووي الإيراني.
- الإدانة العلنية: تصريحات شجبٍ فارغة تحت ضغط الرأي العام العربي.
المكاسب والخسائر: دماء العرب تكسو عار الهزيمة
الخاسر الأكبر: الأمة العربية
تحليل تداعيات الضربة على الملف العربي
1. . السعودية
- الخسارة: اندفاع نحو شراء أسلحة نووية من باكستان (بتكلفة 30 مليار دولار) تُثقل اقتصادها الهش.
- المكسب الوهمي: الترويج لذاتها كـ"حامي العرب" في إعلامٍ منقطع الصلة بالواقع.
2. . مصر:
- الخسارة: إغلاق قناة السويس المتكرر بسبب التصعيد يُنزل خسائر يومية بقيمة 30 مليون دولار.
- المكسب: لا شيء سوى وعود أمريكية غامضة.
3. . العراق:
- القنبلة الموقوتة: خطر تسمّم 40% من مياهه بالإشعاع حال تدمير مفاعل بوشهر (نموذج محاكاة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا).
المكاسب المشبوهة: واشنطن وتل أبيب وطهران
.1. إسرائيل:
- المكسب: إنقاذ نتنياهو المؤقت من السقوط السياسي ومحاكمة جرائم الحرب.
- الخسارة: انهيار شعبية الحكومة بنسبة 60% بسبب تكاليف الحرب (12 مليار شيكل أسبوعيا). .2. إيران:
- المكسب: تحقيق "نصر نفسي" بقصف القاعدة الأمريكية ورفع الروح المعنوية الداخلية.
- الخسارة: عقوبات جديدة تُفاقم الأزمة الاقتصادية انهيار الريال بنسبة 400%
. 3. أمريكا:
- المكسب: إعادة تأكيد الهيمنة العسكرية المطلقة.
- الخسارة: كشف هشاشة الحلفاء الذين لا يقفون دون دعمها.
غزة: الضحية التي غُيّبت في زحام القنبلة النووية
استغلال التصعيد لتصفية الحساب
كشف ناشطون في "هيومن رايتس ووتش"
- المجزرة المستترة: تصعيد إسرائيلي في رفح (200 شهيد خلال 48 ساعة) أثناء انشغال العالم بالأزمة النووية.
- السيناريو الأسود: وثائق البنتاجون تؤكد أن أمريكا ستتدخل في غزة فقط إذا امتدت الحرب لسيناء وهددت أمن قناة السويس.
إعادة تعريف النصر: بين معايير الأمم المتحدة وهوس القوى
المقياس الاستراتيجي مركز ستوكهولم (SIPRI)
- النصر الإيراني: صمود النظام + بقاء القدرة النووية كورقة ضغط.
- النصر الإسرائيلي: حماية التفوق النووي غير المعلن + إنقاذ نتنياهو.
- النصر الأمريكي: منع انهيار إسرائيل + ترسيخ دور "شرطي العالم" .
المقياس الأممي الميثاق الدولي
"تحقيق سلام عادل يحترم سيادة الدول ويوقف إراقة الدماء دون انتهاك الشرعية الدولية" .
الخاتمة: ساعة رملية فوق بركان نووي
الضربة الأمريكية لم تُنقذ إسرائيل، بل كشفت أن واشنطن حوّلت الشرق الأوسط إلى ساعة رملية تسقط حباتها الأخيرة نحو أحد المصيرين:
1. حرب باردة نووية:
- صراع بالوكالة عبر حزب الله والحوثيين.
- دول الخليج تدفع الفاتورة وتفقد أمنها القومي.
2. شتاء إشعاعي:
- تدمير مفاعل إيراني يُطلِق سحابة سامة تُغطي الخليج والعراق وتصل الهند خلال 10 أيام نموذج MIT) )
السؤال المصيري: هل تدرك واشنطن أنها أحرقت بغطرستها آخر جسر للسلام، وسلّمت المنطقة لقمة سائغة للفوضى؟
"حين تتحول القوانين الدولية إلى خرق بالية.. يصبح العالم غابةً تتربص بها الذئاب"
المصادر والمراجع
1. تسريبات الكونغرس الأمريكي (يونيو 2025) - وثائق حول الاتصالات السرية نتنياهو-ترامب.
2. معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) - نماذج محاكاة التداعيات الإشعاعية لتدمير مفاعل بوشهر.
3. مؤسسة راند (RAND) - تقرير "سيناريو اليوم الأخير: التفاوض تحت ظلّ القنبلة".
4. مركز ستوكهولم لأبحاث السلام (SIPRI) - دراسة "إعادة تعريف النصر في الحروب المعاصرة".
5. تسريبات ويكيليكس 2025 - وثائق الدعم الخليفي السري للضربة الأمريكية.
6. قناة 12 الإسرائيلية - تحليل التسريبات الأمنية حول الضربة.
7. يورونيوز - تغطية الانقسام الأوروبي تجاه الأزمة.
8. هيومن رايتس ووتش - تقارير مجازر رفح خلال التصعيد النووي.