الأربعاء: 08/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

كلام للسيد الرئيس

نشر بتاريخ: 09/05/2018 ( آخر تحديث: 09/05/2018 الساعة: 12:35 )

الكاتب: د.سفيان ابو زايدة

كفلسطيني منخرط في العمل السياسي والوطني والتنظيمي منذ اربعة عقود اقف عاجزاً عن فهم سلوك الرئيس عباس في كل ما يتعلق بالشأن الفلسطيني الداخلي، سيما ما يتعلق بقطاع غزة من تجويع لاطفالها بغض النظر عن الدوافع التي تقف خلف هذه السياسة، حيث النتيجة واحدة وهي ان هناك موظفين محرومين من حقوقهم وهناك اطفال يتضرعون جوعا وان هناك مآس انسانية ناتجة عن هذه السياسة تضاف وتنسجم مع الحصار الاسرائيلي الظالم لقطاع غزة منذ سنوات.
لم اكن اصدق وانا استمع لكلمات الرئيس امام المجلس الوطني وهو يتحدث عن تأخير الرواتب على انها كانت ناتجة عن خلل فني وان غدا سيتم صرف الرواتب كاملة، ولم تصدق اذني وانا استمع لتبريره بأنها لم تكن المرة الاولى التي تتأخر السلطة والمنظمة عن توفير الرواتب دون ان ينتبه ان الرواتب لم تصرف فقط لموظفي غزة وباقي موظفي الوطن قد حصلوا عليها في موعدها اما الماضي الذي تحدث عنه في سياق التبرير فكان تأخير الراتب على الجميع دون تمييز.
الصدمه كانت بالنسبة لي وللغالبية العظمى من ابناء الشعب الفسطيني المكلوم في غزة ان كلام الرئيس في الليل قد تبخر في الصباح بعد ان اتضح لهم ان الراتب لن يصرف.
ليس هناك تفسير واحد لماذا قال الرئيس ما قاله بالبث الحي والمباشر بشكل غير قابل للتفسيرات والتأويلات ولم ينفذ كلامه سوى انه كان بحاجة الى تمرير اعضاء اللجنة التنفيذية بالتزكية ودون انتخابات، اي ان موظفي غزة وعذاباتهم وجوع اطفالهم تم استغلاله لتمرير اعضاء لجنة تنفيذية دون ان ينتخبهم احد، تماما كما تم تفصيل اعضاء المجلس الوطني على المقاس بعد ان تم استبعاد ما يجب استبعاده وما تبع ذلك من تشكيل مجلس مركزي ايضا على مقاس السيد الرئيس، وليس مهم اذا كان من بين الاعضاء الجدد اشخاص لم يسمع بهم الشعب الفلسطيني من قبل وعلى الارجح لم يسمع منهم في المستقبل الا اذا تم احضارهم للتصويت والتصفيق.
لكني وفي سياق محاولة فهم هذا السلوك الغريب للرئيس عباس في كل ما يتعلق بحديثه عن رواتب موظفي غزة واسباب تراجعه عن هذا القرار او عدم تنفيذ هذا القرار حتى الان هو ما يتعلق بالهجمة الاسرائيلية والامريكية عليه بعد الجملة التي قالها عن المحرقة النازية، قبل ان يقدم اعتذار رسمي وعلني عن ذلك.
قد يكون الرئيس عباس قد شعر بخطورة الهجمة وانها قد تتطور الى حصاره في المقاطعة وبالتالي في لحظة ما كان بحاجة الى تبريد جبهة غزة من خلال الحديث بلهجة تصالحية انسانية رافضة للعقوبات والاجراءات، لكن بعد الاعتذار وتوقف الهجمة عليه عاد الوضع الى ما كان عليه.
الرئيس عباس محظوظ، فهو يجد دائما ما يبرر له قراراته ويجد من يتبرع بالدفاع عنها، محظوظ لانه دائما يجد من هو مستعد ان يتحمل ما يقع عليه من ظلم من اجل ان يشيل الحمل عن الرئيس.
هكذا تجد القيادات التي تريد ان تعفي نفسها من المسؤولية عما يرتكب من جرائم بحق غزة وابنائها، قيادات محسوبة ظلما انها قيادات ومحسوبة ظلما انها تدافع عن غزة واهلها وهي في الحقيقة شريكة في تمرير هذه الاجراءات الظالمة، تجدهم يحملون الحكومة المسؤولية بعدم دفع الرواتب وتارة يحملون وزارة المالية في تأخير هذه الراوتب.
على الرغم ان الطفل الرضيع في الشعب الفلسطيني يدرك ان الحكومة ووزارة المالية تعمل وفق تعليمات وتنفذ تعليمات من السيد الرئيس، ولكنهم يقبلون الظلم ويتحملون الاهانات حفاظا على مناصبهم وامتيازاتهم.
الطفل الرضيع في الشعب الفلسطيني يدرك ان لا مجلس وطني ولا مجلس مركزي ولا لجنة تنفيذية ولا لجنة مركزية لهم علاقة بما يتخذ من جراءات بحق غزة او اي شأن آخر.
هناك فقط شخص واحد في الشعب الفلسطيني هو المسؤول عن كل شيء وهو صاحب القرار، وهو الرئيس محمود عباس. كل ما تبقى من اسماء ومسميات ومناصب ومواقع مهمتها التنفيذ او التصفيق او التبرير او تحمل الذل والمهانة.
لذلك اريد ان اتوجه مباشرة للرئيس عباس بدون لف ولا دوران، لاحكومة ولا وزارة مالية. اقول لك سيادة الرئيس ان ما يمارس بحق قطاع غزة هو جريمة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. قد يكون هدفك فعلا تركيع حماس واجبارها على الاستجابه لشروطك.
لكن مهم ان اقول لك بكل صراحة ووضوح ان هذه الاجراءات قد تدفع بانفصال غزة وبالتالي هي تخدم مشروع ترامب ولا تحاربه، وان هذه الاجراءات تسبب في تجويع اطفال وتدمر حياة عائلات فلسطينية كاملة. والاكثر من ذلك سيادة الرئيس ان اجراءاتك هذه قد تسببت في ان تبيع بعض النساء اجسادهن لكي يطعمن اطفالهن.
هذا كله في رقبتك انت وليس في رقبة اي مسؤول آخر بصفتك اولا رئيس السلطة وثانيا بصفتك صاحب القرار عن كل هذه الاجراءات.