السبت: 27/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

غزة.. تدفع ثمن قواعد الاشتباك والتحالفات؟

نشر بتاريخ: 01/06/2018 ( آخر تحديث: 01/06/2018 الساعة: 09:31 )

الكاتب: موفق مطر

نجحت دولة الاحتلال (اسرائيل) في استدراج ردود عسكرية من حماس والجهاد الاسلامي للتغطية على جرائم الحرب التي ارتكبها جنود وضباط جيشها بحق المواطنين الفلسطينيين العزل المشاركين في مظاهرات مسيرة العودة السلمية، فسبقتنا الى مجلس الأمن بعد ان عطلت ادارة ترامب صدور بيان من المجلس يدين مجزرة جيش الاحتلال في الرابع عشر من هذا الشهر – ذروة مسيرة العودة – فانطبق عليهم المثل العربي: ضربني وبكى وسبقني واشتكى.
السؤال الأهم الآن، ما العلاقة بين الضربات الاسرائيلية لمراكز وقواعد عسكرية ايرانية في سوريا، وبين تبني سرايا القدس وكتائب القسام اطلاق القذائف على المستوطنات بمحيط قطاع غزة، آخذين بعين الاعتبار اقرار الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بالضربة (خمسون صاروخا) على الجولان السوري المحتل من الأراضي السورية قبل ايام، وهل تراه القصف على مركز رصد لسرايا القدس ومن بعده لكتائب القسام كان الذريعة لكل منهما لبيان مدى مصداقيتهما في تحالفهما مع طهران، وان كان الأمر غير ذلك، فلماذا سكت (الصاروخيون) أصحاب مقولة (قواعد الاشتباك) عن الرد على جيش الاحتلال عندما قصف نفقا شرقي مدينة دير البلح .ما ادى حينها الى استشهاد سبعة مقاتلين وجرح 13 من سرايا القدس ؟!.
لا تستطيع حماس ولا الجهاد منفردتين فرض قواعد اشتباك مع جيش الاحتلال، لأن تحديد أشكال الصراع وأدواته وزمانه ومكانه مع دولة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني العنصري، لا يتم إلا بقرار وطني ودون ذلك اضرار بالمصالح العليا للشعب الفلسطيني، ومحاولة يائسة لتحقيق مكاسب حزبية مدفوعة الثمن من أرواح وجراح المئات والآلاف من المواطنين الفلسطينيين، عدا عن دمار حصار يتضاعف مع كل جولة، تصير فيها فوهات المدافع والقاذفات المتحدث الرسمي والحقيقي عن الواقع الدموي، والمؤلم في المشهد ان مليوني فلسطيني في قطاع غزة لا يملكون ادنى مقومات الصمود المادية سوى الروح المعنوية والقدرة على تحمل تبعات العدوان الاسرائيلي في كل مرة، بحكم الايمان والثقافة الوطنية التي تساعد شعبنا الفلسطيني عموما والمواطنين في غزة على تحمل قساوة الخسارة البشرية لطالما ضحايا العدوان الاسرائيلي شهداء، فيما تفاخر وسائل اعلام الفصائل الضاربة للصواريخ بنشر اخبار هلع وفزع المستوطنين والهروب الى الملاجئ خوفا من رشقات صواريخهم!!.
لا يمكن لعاقل القبول بمقولة فرض (قواعد اشتباك) فيما الضحايا (الشهداء الفلسطينيون والجرحى والمصابون والمهجرون بسبب دمار بيوت وكذلك دمار المؤسسات من طرفنا، وتعزية النفس بالخوف والهلع وهروب المستوطنين الى الملاجئ، مع الحرص على اذاعة عدد الصواريخ الطالعة من عندنا والساقطة عندهم في نشرات الأخبار وتقارير وكالات الأنباء، حيث نكتشف بعد انقشاع الغبار ان أكثرها كان اشبه (بالشماريخ) لكن سلطات دولة الاحتلال التي سرعان ما تُفَّعل قدراتها الدعائية والدبلوماسية، وتسحب من احتياطي الدموع والبكاء على مستوطنيها ومدنييها وتصبه في تقاريرها الاعلامية المدروسة الممنهجة، لإقناع العالم أن اسرائيل (المسكينة) تتعرض لهجوم حربي تستخدم فيه (الصواريخ)!!..رغم علم وقناعة قادة الاحتلال العسكريين والسياسيين بانعدام المقارنة بين صواريخهم وطائراتهم الأحدث في تكنولوجيا الحرب، وبين صواريخ بدائية، والأحسن فيها يحتاج الى منظومة استطلاع وتوجيه غير متوفرة، حتى يمكننا القول انها باتت في سن التقاعد قياسا الى تقنيات ودقة اصابة الصواريخ الموجهة من مختلف صنوف الأسلحة.
لسنا دعاة للحرب، ولا مؤيدين للصراعات المسلحة، لكننا نؤمن بحق شعبنا في مقاومة الاحتلال الاستعماري الاستيطاني، وتحقيق اهدافه الوطنية بالحرية والاستقلال وقيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة الخاصة بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة والتعويض الى ديارهم، ونؤمن بالمقاومة الشعبية السلمية كأنسب منهج لتحقيق هذه الأهداف، ليس لانعدام التوازن في القوة المادية والعسكرية بيننا وبين دولة الاحتلال وحسب، بل لأن طبيعة الصراع، والظروف الزمانية والمكانية التي تأسس عليها برنامج ومنهج كفاحنا الوطني، وكذلك واقع الحال في الدائرتين العربية والدولية، والمتغيرات الجوهرية في العلاقات مابين الأقطاب في العالم، والمفاهيم المستحدثة بعد وسم ظاهرة الارهاب وربطها عن قصد بالمسلمين والعرب، كل هذا يجب ان يدفعنا الى قراءة الواقع بعقلانية، ان اردنا فعلا صالح الشعب الفلسطيني، والانتصار لقضيتنا العادلة، فالأقوى عسكريا ينتصر بالحروب، أما المنفصل عن القرار الوطني، ولا يرى إلا مصالحه الحزبية الفئوية ومكاسبه من تحالفاته مع القوى الخارجية، والرافض للانسجام مع الكل الوطني لا يمكنه على الاطلاق تحقيق أي انتصار، حتى الحديث عن صراع الارادات يصير بلا معنى مالم يكن القرار وطنيا بالإجماع، وما لم تتم تهيئة مقومات الصمود في حدود تمكن الشعب من الانتقال من مرحلة الى اخرى متقدمة.
كيف سنتفهم صمت (الفصائل الصاروخية) التي اكتفت بالتحذير، ونشر صور ضباط وجنود الاحتلال وعبارة جنودكم تحت مرمى نيران قناصتنا عندما اعدم جيش الاحتلال 60 مواطنا بضربة واحدة في الرابع عشر من هذا الشهر، ومسارعتها لإطلاق عشرات القذائف والصواريخ لمجرد تعرض موقع لقصف احتلالي ادى لاستشهاد خمسة مقاتلين من الجهاد وحماس، فقد كان من الأنسب فرض قواعد اشتباك وتأكيد مقولتهم "المقاومة لحماية الشعب" عندما ارتكب جيش الاحتلال المجزرة الدموية في ذلك اليوم، مع تأكيدنا وايماننا بأن المدنيين وكذلك المسلحين المنتسبين للجهاد وحماس هم جميعا فلسطينييون روح كل واحد منهم مقدسة ويجب ألا تهدر بلا هدف وطني، ويجب ألا نسمح لجيش الاحتلال بسفك دماء ابنائنا.