السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

مسيرة العودة ..لا تستعجلوا قطف الثمار!

نشر بتاريخ: 11/06/2018 ( آخر تحديث: 11/06/2018 الساعة: 19:46 )

الكاتب: د.أحمد الشقاقي

تذهب مسيرة العودة في منتصف شهرها الثالث لتجدد همتها وتثرى أداءها بعد أن قدمت مليونية يوم القدس مشهداً ملحمياً أكد على ثقة الجماهير بهذه المسيرة وبقوى المقاومة التي تتبناها.
ما صنعته مسيرة العودة خلال عمرها القصير يؤكد أن قرار الدعوة إليها كان صائباً، وحجم التفاعل معها من قبل الجماهير دفعها لتتجاوز كونها فعالية وتصبح لغة لبرنامج سياسي تحميه المقاومة وتستثمره الإرادة الوطنية في صنع الحدث السياسي بديلا عن الفرجة السياسية التي ورطتنا بها السياسة الرسمية الفلسطينية.
تمكنت مسيرة العودة خلال وقت قصير من فتح المزاد الدولي للإعلان عن عناوين لمشاريع وحلول تستهدف الحصار المفروض على قطاع غزة من مدخل إنساني، وهذا يدفع للحذر من هذه المشاريع التي تطرق العنوان الإنساني الذي لن يحقق كسراً للحصار وإنما امتصاصاً للغضب الفلسطيني وتنفيساً للكارثة بغزة التي تخشى إسرائيل من وصول لعناتها إليها، وبالتالي يسعى الاحتلال لتجاوز الأثر الذي تحققه "مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار".
صحيح أن منظمي مسيرة العودة أعلنوا قبل الثلاثين من آذار أن أهداف المسيرة كسر الحصار وتحقيق العودة، لكن الفلسطيني يدرك أن كسر الحصار لا يتمثل في مجرد السماح لبضعة آلاف بالعمل داخل الكيان، أو حتى الموافقة على إنشاء مجموعة من المنشآت الصناعية في سيناء. لكن المطلوب من عملية كسر الحصار هو السماح بعودة كافة أشكال الحياة إلى القطاع المدمر وإعادة إعماره والسماح بحرية العمل والحركة والتنقل منه إلى العالم والعكس.
إن هدف كسر الحصار ليس المقصود به الدعوة لتأسيس واقع سياسي بغزة منعزل عن الكيان الفلسطيني، وإنما توفير عوامل صمود لشعبها الذي يبحث عن تحقيق الأهداف الوطنية في التحرير والاستقلال، لكن المؤلم اليوم أن الدعوة لكسر الحصار المفروض على غزة أصبحت متعددة الوجهة فالجميع يدرك الموقف الإسرائيلي المحاصر للقطاع، لكن الجديد أن نوجه الدعوات إلى فلسطيني آخر لوقف الحصار ورفع العقوبات المفروضة على الشعب المكلوم في غزة.
المسار الذي اندفعت فيه مسيرة العودة جاء مخضباً بدماء الشهداء وبتضحيات عظيمة، وهذا يدفعنا لتنبيه أصحاب القرار أن هذه التضحيات تنتظر منّا الوفاء وأن نواصل العطاء، فكل يوم تحقق المسيرة مزيداً من تراكم الانجازات ونذهب باتجاه تحقيق المزيد، لكن الأهم أن لا نستعجل في قطف ثمار هذه المسيرة، بل إن المطلوب أن نحافظ على ديمومتها واستمرارها حتى نحقق المأمول وكسر الحصار والعودة.
إن استمرار فتح معبر رفح طوال شهر رمضان المبارك خطوة متقدمة في سبيل تخفيف المعاناة عن كاهل المواطن في غزة، هذه الخطوة الايجابية التي أعلنت عنها مصر تعزز الذهاب نحو استمرار فتح المعبر على فترات متقاربة وبشكل يعالج أزمة السفر التي تلاحق المريض والطالب، بعيداً عن الأسباب -التي كان يتم الإعلان عنها- والتي تقف أمام افتتاحه أمام آلاف الحالات الإنسانية في قطاع غزة.
أمام ما يطرحه الإعلام الإسرائيلي من اقتراحات لتخفيف المعاناة الإنسانية في قطاع غزة، فإن التقديرات الأمنية لدى الاحتلال أن المقاومة الفلسطينية وبالتحديد غير المشاركة في جسم السلطة الفلسطينية ستكون مهيأة لقيادة العمل المقاوم وهذا يعني أن المقاومة الفلسطينية بكافة تشكيلاتها العسكرية لا تزال تضع يدها على الزناد ولن تتردد في الدفاع عن جماهير شعبها وإنما تترك مسألة الرد على عدوان الاحتلال لظروف المعركة وبما يناسبها ميدانياً وبما يحقق الأهداف السياسية التي تسعى نحوها، والمعركة الأخيرة التي خاضتها المقاومة الفلسطيني في قطاع غزة أكدت هذه المعاني وفرضت معادلة الرد التي تريد، وحققت انتصاراً مكنها من إضافة مسيرة العودة إلى أدوات مقاومتها بجانب سلاحها وعتادها وعملها الفدائي والعسكري.
خلاصة القول: إن استمرار مسيرات العودة في غزة والضفة والداخل المحتل وكافة مناطق الشتات يعني مزيداً من الانجازات؛ لأنه وببساطة فإن مسيرة العودة في صورتها الأولية تعيد الحق الفلسطيني إلى الطاولة وتضيف على الأجندة الدولية عدوان الاحتلال الإسرائيلي المستمر الذي لا ينتهي إلا بتحقيق العودة الفلسطينية. فلا تستعجلوا واتركوا مسيرة العودة تواصل طريقها واحفظوا دماء أبناء شعبنا ما أمكن واتركوا المحتل يعيش تخبطه.