الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

حقيقة صفقة القرن

نشر بتاريخ: 27/07/2018 ( آخر تحديث: 27/07/2018 الساعة: 11:11 )

الكاتب: هبة بيضون

صفقة القرن وما أدراك ما صفقة القرن، شغلت الدول والمنظمات، شغلت الرؤساء والشعوب، شغلت القاصي والداني دون أن تقدم لأي منهم، تم رمي المصطلح والترويج له، ليلتقطه الجميع بحالة من الترقب، بدأت التفسيرات والتكهنات تجاه ماهية صفقة القرن بناء على المتغيرات السياسية غير المفاجئة وغير الجديدة في مضمونها، وإنما في توقيت وسرعة تنفيذها.
صفقة القرن هي ليست خطة مكتوبة على ورقة، وهي لا تتضمن بنوداً محددة، وهي لم تقدم بصورة رسمية إلى أي جهة..هذا ما تم تداوله والتصريح به من قبل بعض المسؤولين.
ولكن، الحقيقة هي أن هناك ما يسمى فعلاً "صفقة القرن" كخطة مرسومة وموثقة، ولا يمكن وضع أي خطة دون أن تكون محددة ومكتوبة وأن يكون هناك خطة عمل وتنفيذ وجدول زمني أولي لتنفيذها، وهذا ما هو عليه الحال.
هي ليست كما يعتقد البعض، أنها تنفذ على أرض الواقع بصورة تلقائية فقط، بل هي وثيقة محفوظة بسرية عند الأميركان، بتفاصيلها الدقيقة الشاملة للعديد من النواحي وكيفية تنفيذها، وإنما هي لم تقدم بعد بالصورة التقليدية ولا بصورة رسمية ولم يتم عرضها على أحد وقد يتم الإفصاح عن تفاصيلها يوماً ما.
لقد استشف الفلسطينيون، كما الأطراف المعنية، كما العالم، بأن هذه الصفقة تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، وهذا ما لا شك فيه، وجاءت الإجراءات المتسارعه على الأرض لتثبت ذلك، وأولها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وإعلان القدس الموحده عاصمة للكيان الصهيوني، وقطع المساعدات عن الأنروا للتضييق على اللاجئين ووضع الملف على الرف، والآن قضية الإستيطان وتنفيذ الخطة " شرق 1" والذي تستهدف بالنهاية إلى تنفيذ مشروع القدس الكبرى، كل ذلك وغيره الكثير ضمن الخطة التنفيذية للصفقه .
كما أن صفقة القرن لا تنال من الفلسطينيين والقضية الفلسطينية فحسب، فالقضية الفلسطينية قضية محورية وتهم العديد من الدول ومجرياتها تؤثر على الكثير من الدول في المنطقة، لذا فهي تنال أيضاً من الدول المجاورة، خاصة تلك التي تأوي اللاجئين الفلسطينيين، وهي أيضاً تعيد خلط الأوراق في المنطقة لإعادة ترتيبها بما يخدم المصلحه الصهيونية بالدرجة الأولى.
صفقة القرن هي صفقة لها العديد من البنود المفصله والتي يجري مراجعتها بصورة دورية وقد تكون يومية، ويتم إجراء تعديلات عليها حسب المتغيرات والمستجدات السياسية.
وما إعلان أحد مسؤولي البيت الأبيض مؤخراً عن أن الصفقة ستشمل خطة إقتصادية قوية للمساعدة في حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأن مبعوثيّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعملان أيضاً بشأن مجموعة من المقترحات الأكثر تفصيلاً حتى الآن للخطة الشاملة إلا تأكيداً على أن الخطة تخضع للإضافة والتعديل المستمرين وهي خطة متكاملة فيها الجانب السياسي والإقتصادي والدبلوماسي وإعادة تشكيل المحاور في المنطقة.
ومن هنا، نقول إن تصدي الجانب الفلسطيني على المستويين الرسمي والشعبي لجميع الممارسات التي تصب في تصفية القضية الفلسطينية، والمقاومة الشعبية السلمية التي أثبتت أن الشعب الفلسطيني لا يكسر تحت أي مسمى من المسميات، وأنه متمسك بأرضه وحقوقه الوطنية المشروعه والمثبته في القانون الدولي، كما أن موقف القيادة الفلسطينية المستقل والصلب في رفض ما تسرب من هذه الصفقة وما يتم تطبيقه من إجراءات، كل ذلك عمل على وضع حاجز وسد منيع في وجه مشاريع التصفية المنبثقة من صفقة القرن، كما أثبت أن الفلسطينيين رقم صعب لا يمكن تجاوزه ولا يمكن التغلب على إرادته.
ولكن علينا أن لا نبالغ في التفاؤل، كتلك التقارير التي سمعنا عنها والتي جاءت بأن صفقة القرن قد تم إحباطها وإفشالها، فأنا شخصياً أعتقد أنه من المبكر الوصول إلى هذه النتيجة، يمكن لنا القول أننا أخرنا التنفيذ أو وضعنا الكثير من العوائق والعراقيل أمام تمرير الصفقه وصعبنا مهمة المتآمرين، ولكن قناعاتي أنهم لن يستسلموا بهذه السرعه، قد يغيرون تكتيكهم في تمرير الصفقه وقد يغيروا من الإستراتيجية بشكل عام، لذا علينا أن نبقى في حالة إستعداد تام للمواجهه، وأن نستمر في نهجنا الرافض بل وأن نصعد منه، علينا أن لا نأمن جانب أحد، وأن نتخذ جميع التدابير اللازمة للتصدي المستمر لما قد يمس قضيتنا لإبقائها حيه.