الأربعاء: 15/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

ملاحقة الصحافة الحرة.. علاء الريماوي مثال..

نشر بتاريخ: 08/08/2018 ( آخر تحديث: 08/08/2018 الساعة: 11:40 )

الكاتب: وليد الهودلي

كلما اعتقلوا أو اعتدوا جسديا في مواقع المواجهة أو قتلوا أو كسروا كاميرا يفتح ملف ملاحقة الصحافة الحرة، ومنعها ما ان تتنفس وتعمل عملها في واقع يرسم الاحتلال خريطته ويرسم مشهده كما يحلو له.
اعتقال علاء الريماوي ومن معه من صحفيي فضائية القدس مثالا صارخا على فتح مدافعهم على صوت فلسطين الحر، وقد سبق اعتقالهم منع الفضائية والتي يديرها الريماوي من ممارسة دورها في الداخل الفلسطيني، ثم كانت الخطوة التالية هذا الاعتقال، فالاحتلال يخشى التغطية الموضوعية الحرة، يريد اعلاما مطبعا مطبلا يدور في كل الافلاك ما عدا فلك الحرية، هذا العزف على وتر وطن محتل أو الارتفاع الى ما يصبو اليه من وقع عليه الظلم وأبى الاستسلام للواقع المر وبقي مكافحا منافحا عن الحقوق التي غيبها الاحتلال في ظلامة الحالك، هذا النفس العالي والروح الثائرة في وجه هذا القهر لا يريدونه، يريدون انبطاحا وروحا مهزومة يعبر عنها صوت محبط لا يقوى أن يواجه ظلما ولا رادعا لجماح محتل غاشم.
لم يكن علاء ومن معه وصحافة فلسطين الحرة ليرضخوا أو يبيعوا ضمائرهم وأقلامهم، هم يعلمون عاقبة الصوت الحر، يدركون أن الاعتقال وسوط الجلاد بانتظارهم، ولكنها هي خسارة الذات وفقدان الروح وهزيمة القضية إن تراجعوا قيد أنملة، صوتهم مقاومة والصورة التي يصنعونها هي النقيض التام للصورة التي يصنعها الاحتلال وكل من تساوق مع الاحتلال، لذلك فقد تقدموا الصفوف وحفروا لآنفسهم مواقع متقدمة، ثبتوا فيها الاقدام وجعلوا سقفهم عاليا لا حدود له الا حدود الوطن، فإما أن تكون الصحافة حرة تستعصي على كل قوى الشر والطغيان وإما لا تكون. اختاروا الحرية وانحازوا الى قضية شعبهم وقضايا أمتهم لانهم الاعلام الحر المنشود من قبل كل احرار شعبهم وأمتهم.
لم يكن علاء في برنامجه المفضل "نسيم الاحرار" الا نبضا صادقا لنبض أسرانا في السجون الاسرائيلية، كان برنامجا منفتحا متنوعا يفتح مساحة اعلامية واسعة ويصنع صورة موضوعية قوية، يكد ويكدح ويخرج كل قدراته محاولا الارتقاء بالمستوى الذي يليق بحجم هذه القضية الانسانية العظيمة .
وكنت تراه وطاقمه حيث كانت حركة الشارع وحيث كان نبض الاحرار، يعمل بحماسة وبعيدا عن أية صبغة تخرجه عن الموضوعية الاعلامية الحرة، يحاور من كل الاطياف ويخرج على الشاشة الصورة الصادقة المعبرة عن نبض الشارع.
وكان للمشهد السياسي الاسرائيلي بالمرصاد يعمل بندية عالية وبكفاءة لا تخفض جناحها لقوة او بريق اعلامي يصنعه اعلام الاعداء، يكشف سوءاتهم ويفضح الاعيبهم وينور المشاهد العربي بما يدور هناك، عرف لغتهم ودخائل احزابهم ومكر ساساتهم وعرف من أين تؤكل الكتف، وضعهم على المشرحة الاعلامية الواعية المدركة لكل أبعادها، واستعان بذلك بكفاءات هامة سبرت عمق أغوارهم وجاءت بغثهم وسمينهم وقدمت للشاشة العربية وجبات اعلامية دسمة أثرتها وزادتها درسا وتحليلا.
لم يكن هذا الاعتقال الا كيدا كبيرا لتضرب به هذه المهنية الاعلامية العالية، أحرارنا لا يقيلون ولا يستقيلون وعلى درب الحرية لشعبهم سائرون، مهما كلف ذلك من ألم وتضحيات أو تغييب واعتقالات، هم للحرية عائدون وباضرابهم وحرب امعائهم باذن الله منتصرون.