الخميس: 02/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

الشعب الفلسطيني ذاك الزوج المغفّل

نشر بتاريخ: 29/11/2018 ( آخر تحديث: 29/11/2018 الساعة: 10:24 )

الكاتب: عوني المشني

اسوأ من الانقسام هو فشل طرفيه في إنهائه، ولكن الأسوأ من كل ذلك جميعا هو فشل المجتمع الفلسطيني في ايجاد اليات ضغط قادرة على اجبار طرفي الانقسام على إنهائه او ربما ايجاد اليات لإعادة الوحدة للوطن رغم إرادة طرفي الانقسام، عشر سنوات من عمر شعبنا كانت هي الاخطر والاسوأ، وكشفت حجم الاخفاق والفشل الذي اصاب القوى السياسية الفلسطينية، وكشفت اكثر انعدام المسئولية الوطنية، عشر سنوات من وهم ومراوحة وتضليل، عشر سنوات من حصار ومعاناة لقطاع غزة الذي اختطف رهينة لتحقيق مكاسب حزبية والذي يعاقب على ذنب لم يقترفه.
أين الخطأ في محاولات انهاء الانقسام ؟؟؟ لماذا فشلت جميعها ؟؟؟ ما هو المخرج ؟؟؟
ربما ان التداخلات الإقليمية تمنع انهاء الانقسام، ولكن تلك التداخلات وجدت فصائل خانعة لها لهذا شكلت عاملا مؤثرا في الإبقاء على الانقسام، ربما ان اطماع الفصيلين في الحكم اكبر من توزيعها على فصيلين لهذا يسعى كل منهم للاحتفاظ بالكعكة كاملة، ربما ان استمرار الانقسام يحقق مكاسب ومصالح ممن هم مؤثرين في القرار السياسي لدى الفصيلين، ربما ان المسار الذي سارت فيه جهود انهاء الانقسام كان بالأصل خاطئ ويحمل بذور فشله في داخله، وربما كل هذه الاسباب مجتمعة، لكن الاكيد ان قضيتنا الوطنية تعاني من مخاطر التصفية في ظل الانقسام والاكيد ان التهويد والاستيطان يتصارعان في ظل مناخ الانقسام، والاكيد ان الانقسام هو المدخل لتنفيذ المؤامرة لتصفية قضيتنا الوطنية سواء عبر ما سمي صفقة القرن او غيرها والاكيد ان استمرار الانقسام ينم عن عقلية استئثارية إقصائية لا تعترف بالشراكة ولا تعترف بالاختلاف ولا ترغب في العيش مع الاخر المختلف. والاكيد ان الفصيلين عنوانا الانقسام وبنسب متفاوتة قد قدما مصالحهما الذاتية الضيقة الأفق على مصلحة شعبنا وقضيتنا الوطنية بل وهو الاخطر إنهما ضحيا بقضية شعبنا على مذبح مصالح تنظيمية وشخصية ضيقة.
ولم ينتهِ الاكيد بعد، فهناك ما هو اكثر من هذا، لقد ضللا طرفي الانقسام شعبنا على مدار عشر سنوات، بمحاولات انهاء الانقسام التي يكمن خلفها موقف مسبق بعدم إنهائه، نعم موقف مسبق وعن وعي وادراك وسبق اصرار بعدم انهاء الانقسام، يجتمعون هناك وينتظرون تطورات على الارض تنهي هذا الفصيل او تقوض حكم ذاك، يتحدثون عن المصالحة ويتآمرون مع اطراف دولية واقليمية لإجهاض بعضهما البعض، جلسات الحوار كانت لذر الرماد في العيون، أشبه بقنبلة دخان تخفي المؤامرات التي تجري خلف الكواليس وفِي أمكنة اخرى، بمعنى ان المراهنات على انهاء وفشل هذا الفصيل او ذاك من اطراف الانقسام هي الخط الرئيسي لكلا الفصيلين طيلة العشر سنوات الماضية ومحاولات المصالحة لم تكن اكثر من علاقات عامة تضليلية.
في ظل هذا المواقف هذه لك تكن لكل محاولات انهاء الانقسام ان تنجح وهي لم تعقد اصلا لتنجح ، وكان الشعب الفلسطيني في كل تلك المسيرة هو الزوج المغفل، يعتقد واهما انهم ذاهبون للمصالحة وفِي حقيقة الامر هو ذاهبون لإضاعة الوقت وخداع الجمهور انتظارا لمتغيرات يشاركوا احيانا في صنعها لاسقاط وافشال بعضهما البعض، نعم كان شعبنا هو الزوج المغفل ولعشر سنوات ونيف !!! اما آن لشعبنا ان يستيقظ من غفوته ويدرك حجم العبث الذي يتعرض له، حجم الوهم الذي بيع له، حجم الكذب الذي قيل له، حجم التضليل الذي سيق اليه ؟؟!!! عشر سنوات اكثر من كافية ليدرك شعبنا انها تعرض لأكبر عملية "نصب" في التاريخ، ومن فصيلين يفترض إنهما قيادته !!!!!
هناك طريق واحد وحيد لإنهاء الانقسام، بعيدا عن جلسات التحشيش الفكري والترف السياسي لا خيار امام شعبنا الا الانتفاض في حركة منظمة وفاعلة لتحقيق ثلاث: انتخابات للسلطة في غزة والضفة، انتخابات رئاسية وتشريعية متوازية وبرقابة دولية حقيقية، اعادة بناء منظمة التحرير على اساس ديمقراطي وطني بعيدا عن المحاصصة والهيمنة، صياغة مشروع وطني يأخد في الاعتبار الرواية التاريخية الفلسطينية والرؤية الوطنية التي تستطيع نقل شعبنا من واقع الفشل والإخفاق الى مسار التحرر والاستقلال. 
قبل كل تلك هو تشكيل حركة سياسية على قاعدة الأهداف الثلاثة، حركة سياسية واعية، حركة سياسية ضاغطة، حركة سياسية شاملة للكل الفلسطيني في كل أماكن تواجده، حركة سياسية ديناميكية، حركة سياسية جامعة، حركة سياسية مستقلة عن الإرادات الدولية والإقليمية ، حركة سياسية متحررة من النمطية، حركة سياسية فاعلة...
بدون ذلك سنبقى ذلك الزوج المغفل ولكن هذه المرة الزوج الذي يتظاهر انه مغفل ولكنه في قرارة نفسه يعرف كم من العهر السياسي يمارس "على عينه".