الأحد: 28/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

عندما يفتح الاحتلال حربه على عائلة فلسطينية؟

نشر بتاريخ: 12/01/2019 ( آخر تحديث: 12/01/2019 الساعة: 13:04 )

الكاتب: وليد الهودلي

قتلت قوات الاحتلال بدم بارد صالح البرغوثي بعد أن تم اعتقاله ثم أعلنت الحرب على عائلته وصبت جام حقدها وغضبها كما ينزل الليل ساحة النهار ، أرعدت وأرسلت صواعقها واستدعت كل قواتها السوداء من خيبر الى اليوم ، زين لها عقلها الفاشي هذا البيت الصغير الآمن المطمئن أنه كغزة معقل للقتال والمقاومة ، فعزيمة رب هذا البيت ابو عاصف مصنع للصواريخ والقذائف الثقيلة ، وهمة ام عاصف هي عندهم صانعة المقاتلين الاشاوس ، أما تلك الروح والثقافة التي تخرج مثل هؤلاء فهي بمثابة العقيدة القتالية التي يمتلكها الثوار منذ عز الدين القسام الى هذه الايام .
لقد اكتشف دماغهم المجرم أنهم أمام العائلة النموذج ، الروح التي تكشف روحهم الشريرة ، التربية العالية على العزة والانفة والكبرياء ، العاصفة التي من شأنها إن أخذت طريقها أن تعصف بهم فتذرهم قاعا صفصفا ، فلا بد من تحطيم هذا النموذج لذلك استوجب اعلان الحرب وفتح كل مخازن الاسلحة واستدعاء الاحتياط ، ابو عاصف يرسل عليهم من قلبه المكتوي بنارهم كلماته التي ستبقى خالدة في سجل النضال الفلسطيني ، ضربوه قذيفة من العيار الثقيل : " لقد قتلنا ولدك صالح " فرد عليهم بصاروخ عابر للقارات : "انا ربّيته لهذا اليوم" : ربيته ليكون شهيدا ، أنتم لا تدركون معنى أن يكون شهيدا ، أن يشهد على إجرامكم ويغادر دنياكم للقاء ربه ويبقى عنوانا بارزا على هذه الطريق التي ستنتهي بكنسكم وكنس رجسكم عن هذه الارض المقدسة ، أنتم لا تدركون معنى ان يقدم شاب روحه ليتحول الى مشعل خالد يبدّد ظلامكم ، أنا أعددته ليكون شهيدا .. هذا ما أنا عليه وولدي : على استعداد تام لنعيش من أجله ونموت في سبيله .
لقد دق حصونهم من جذورها الواهية ، أنتم مجرد ذبابة مرت بهذه الارض ، بعد أربعين سنة من سجونكم وبأسكم الشديد لم تحصدوا الا كشف زيفكم ، اربعون سنة وعمر تغيّبونه في غياهب سجونكم ليفلت أبناءه من روحه الثائرة ، فلا يحدث الا العكس تماما ، هناك في البيت الام سلالة الثوار ووريثة روح الجد الباقية والجدة التي تعانق السماء بعزمها العظيم ، لم يزد تغييبكم للاب في سجونكم الا زيتا على النار وحرثا لزيتونه الذي يكاد زيته يضيء ولو لم تمسسه نار . اعتقلتم الجميع صغيرا وكبيرا ونكلتم كما يحلوا لكم من غير أن تتفكروا بما تفعلون ، روح الانتقام تتملككم وتسيطر عليكم دون ان ترفعوا عيونكم الى ما هو أبعد من انوفكم ، هذه عائلة لا يزيد باسكم على ما هي عليه الا زيتا على وقودهم الملتهب ، فلا تتعبوا أنفسكم .
ونائل ثورة بحد ذاته ، شكّل في سجنه الطويل كلية عسكرية يخرّج منها الرجال ، أرادوا سجنه ووضع آصارهم وأغلالهم على رقبته وصدره فخرج منها نورا يأكل ظلامهم وروحا تُزرع في صدور الاحرار ، شكّل بذلك ردّا مقاوما وردما ينهال على حكاياتهم المزيفة ، ماذا نلتم من نائل في سجنه وماذا نال منكم ؟ لقد خسّركم أكثر مما خسر بل بالعكس فان كل نور زرعه في قلب حرّ سينقلب عليكم نارا إن عاجلا أم آجلا ، والعبرة في النهايات وأنّ ما يجري على أرض كوبر اليوم ما هو الا إشارة على الطريق اللاهب بين خط نائل النور وخط الاحتلال الاسود .
تفتحون حربكم بكل قضكم وقضيضكم على عائلة صغيرة بعدد أفرادها ولكنها كبيرة عظيمة تتجاوزكم وتزرع في قلوبكم الهلع والخوف على المستقبل ، فأين مستقبلكم الذي بني على ظلم وقهر شعب ، ثم خط لنفسه مسارا وسط أدغال موغلة في الخطر والرعب ، من مستقبل شعاع من نور يخط طريقه بكل صدق وعدل وحق ، يستجمع الروح الاصيلة وشجاعة الرجال وقوة الحق الناصعة وفوق كل شيء معه الحق المطلق والعدل المطلق لهذه الحياة . رب عزيز حميد على كل شيء قدير .
لن يخبو أوار هذه العائلة المباركة باذن الله الا وقد كشفت زيف هذا الاحتلال المقيت وخرجت بعنفوانها ،مرفوعة رؤوس رجالها ، خافقة بالحرية والحياة نساؤها ، ضاربة للحاضر والمستقبل أعظم مثل للعائلة الفلسطينية الحرة المجاهدة ، تقول لنا جميعا مضى عهد النوم يا عاصفة ولا نامت أعين الجبناء .